لم يكن الموقف الأميركي من الحرب في السودان ثابتًا منذ اندلاعها؛ فقد اتسمت السياسة الأميركية بالتردد والحذر، وابتعدت واشنطن طويلًا عن اتخاذ أي موقف واضح تجاه أطراف الصراع.
لكن الأيام الأخيرة شهدت تبدلًا لافتًا في لهجة الخطاب الدبلوماسي الأميركي، بما يوحي بأن الولايات المتحدة بصدد إعادة تقييم جذرية لكيفية التعامل مع الحرب ومساراتها الإقليمية والدولية.
هذا التحول لم يظهر فقط في تشدد التصريحات، وإنما في الطريقة التي باتت بها واشنطن تنظر إلى الأمر، وما إذا كانت ما تزال ترى إمكانية الاستثمار في ترتيبات سابقة، أم أنها أصبحت مضطرة لمراجعة حسابات قديمة لم تعد صالحة في ظل تطورات الميدان وضغوط الحلفاء.
وبينما تحاول الأطراف السودانية قراءة ما تعنيه هذه الإشارات الجديدة، تظهر أسئلة جوهرية حول طبيعة التحول وحدوده، وما إذا كان يمثل بداية توجه مختلف في السياسة الأميركية، أو مجرد تصحيح مؤقت لإدارة أزمة أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه. هذه الأسئلة هي التي يحاول هذا المقال تحليلها وفهم خلفياتها واتجاهاتها المحتملة.
تصريحات ماركو روبيو
على هامش اجتماع وزراء خارجية السبع بكندا، خرج وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بتصريحات تعكس تحولًا واضحًا في الموقف الأميركي تجاه الدعم السريع، إذ ركّز على نقطة واحدة باعتبارها جوهر المشكلة وهي أن المليشيا توافق على أي شيء، لكنها لا تلتزم، ولا تستطيع أصلًا تنفيذ ما تعِد به، ناسفا بهذا التوصيف فكرة أن المليشيا طرف يمكن الاعتماد عليه في أي ترتيبات سياسية.
جوهر الرسالة الأميركية أن المليشيا غير منضبطة، وأن قادتها ورعاتها الإقليميين فقدوا السيطرة عليها، وقدمت فظائع الفاشر، التي صوّرها ونشرها جنود الدعم السريع بوجوه مكشوفة، الدليل الأكثر إقناعًا لواشنطن بأن السيطرة على المقاتلين شبه معدومة.
اضافة إلى ذلك، إشارة الوزير إلى أن المليشيا تتلقى السلاح من “عدة دول” دون ذكر الأسماء كانت رسالة مباشرة إلى الإمارات ودول أخرى بجوار السودان كتشاد وليبيا، دون المساواة بين الجيش والدعم السريع في مسألة الحصول على الدعم الخارجي، الامتناع عن التسمية لم يكن مجاملة، وانما محاولة لترك باب الضغوط مفتوحًا دون إحداث صدام علني مع الحلفاء.
وتركيزه على “اختفاء آلاف المواطنيين” وتأكيده أن مستوى الفظائع في الفاشر ما يزال غير معروف يعكس حجم الصدمة داخل المؤسسات الأميركية. بالنسبة لواشنطن، ما جرى في الفاشر جعل استمرار التعامل مع الدعم السريع مكلفًا أخلاقيًا وسياسيًا ولا يمكن تغطيته دبلوماسيًا كما كان يحدث سابقًا.
فحديثه عن إمكانية تصنيف مليشيا الدعم السريع كمنظمة إرهابية، ورفضه الضمني لتحويل الرباعية إلى مظلة حماية، يشير إلى أن واشنطن بدأت التعامل مع المليشيا بوصفها عبئًا أمنيًا أكثر من كونها ورقة نفوذ، وهو تحول لم يكن مطروحًا قبل أسابيع فقط.
وتأتي هذه التصريحات أيضًا تحت ضغط من الكونغرس، الذي يرى أن دعم مليشيا منفلتة قد يرتد على المصالح الأميركية في الساحل والقرن الأفريقي. لذلك، اختارت الإدارة الأميركية إرسال رسالة واضحة مفادها أن الرهان على الدعم السريع لم يعد مضمونًا، والبحث عن طرف قادر على التنفيذ—أي الجيش—أصبح خيارًا أكثر واقعية.
ردود الفعل
في السياق، جاء بيان الدعم السريع في حالة دفاعية واضحة؛ انطلق من نفي الاتهامات واتهام واشنطن بالاعتماد على “معلومات مضللة”، مع محاولة قلب الرواية عبر تصوير الجيش باعتباره الطرف الرافض للسلام. وركّز البيان على الادعاء بأن المليشيا وافقت مرارًا على الهدنة، وأن الولايات المتحدة لم ترد على مقترحاتها.
وحاولت المليشيا ربط نفسها بخطاب “الحرية والعدالة والمساواة”، وادعت أنها تقاتل لمنع السودان من أن يصبح “بؤرة للإرهاب”، بينما اتهمت الجيش والحركة الإسلامية بالمسؤولية عن العنف. كما نفت تمامًا تلقي أي دعم خارجي، رغم الأدلة الواسعة على التسليح الاماراتي العابر للحدود. كان الهدف الأساسي للبيان هو طمس دلالات التصريحات الأميركية.
في المقابل، استقبلت الحكومة السودانية التصريحات بترحيب واضح، واعتبرتها بداية لتحول مهم في الموقف الدولي. ركز بيان الخارجية على أن توصيف الدعم السريع كمليشيا ارهابية يمهّد لتصحيح الصورة التي ظلت بعض الدول تروّجها، ويعزز مطالب الخرطوم بوقف تدفق السلاح والمرتزقة عبر الحدود التي فتحتها أطراف إقليمية.
وأكدت الحكومة أن اعتراف واشنطن بفظائع الفاشر يضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته، ويؤكد صحة تحذيرات الخرطوم بشأن الحصار والانتهاكات. كما شددت على أن الجيش يمارس “حقه الدستوري” في حماية المدنيين، وأن الالتفاف الشعبي حوله يثبت أن المقارنة بينه وبين مليشيا خارجة عن القانون غير منصفة. في جوهره، كان رد الحكومة محاولة لتثبيت مكاسب سياسية من التحول الأميركي وإبراز نفسها كشريك موثوق في أي مسار سلام قادم.
لماذا تجاهلت واشنطن جرائم الدعم السريع طويلًا؟
لقرابة العامين من اندلاع الحرب في السودان، لم تتعامل واشنطن بجدية مع التقارير القادمة من السودان حول جرائم الدعم السريع، لأن جزءًا من تقديراتها الاستخبارية كان متأثرًا بمصالح إقليمية معقدة، خاصة نفوذ حلفائها الأقرب في المنطقة—الإمارات والسعودية ومصر. ولأن هذه العواصم كانت تدفع نحو تسوية تُبقي الدعم السريع لاعبًا رئيسيًا، فضّلت واشنطن انتظار “حل مرضٍ للجميع” بدلًا من تصعيد مبكر يعقّد علاقاتها الإقليمية.
وكان للدعم السياسي والمالي الهائل الذي تقدمه الإمارات للدعم السريع أثر مباشر داخل دوائر صنع القرار الأمريكي، خاصة عبر اللوبي الإماراتي-الإسرائيلي النشط في الكونغرس ومراكز التفكير. هذا اللوبي قدّم المليشيا كطرف يمكن الاستثمار فيه، وسوّقها كقوة “أقرب للمصالح الأمريكية في البحر الأحمر والمنطقة ككل”.
ومنذ انقلاب أكتوبر 2021، لم تمتلك الولايات المتحدة تصورًا واضحًا لإدارة الملف السوداني. فانهارت سياسة “الشراكة المدنية–العسكرية”، وتراجعت واشنطن إلى دور المراقب. هذا الفراغ الاستراتيجي جعلها تتعامل مع الحرب بمنطق إدارة الأزمات بدلا عن حلّها.
كانت واشنطن تتجنب أن تغلق بابها أمام أي طرف في الصراع، فتبنّت سياسة “الانتظار الطويل” لمعرفة مَن سيملك اليد العليا على الأرض. وبما أن الدعم السريع كانت تحقق مكاسب عسكرية سريعة في بدايات الحرب، فضّلت واشنطن عدم الدخول في مواجهة معها أو مع داعميها، ريثما تتضح موازين القوى. هذا الانتظار ساهم عمليًا في تجاهل جرائمها، إلى أن جاءت فظائع الفاشر التي قلبت الصورة بالكامل.
ما الذي تغيّر الآن؟
شهد تعامل واشنطن مع الأزمة السودانية تحوّلًا تدريجيًا منذ مطلع 2025، حين اعترفت إدارة بايدن قبل تسليم السلطة بأن مليشيا الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية في دارفور، وفرضت عقوبات على حميدتي وسبع شركات تمويل وتسليح تعمل عبر مقرها في الإمارات. بعد ذلك، جاءت إدارة ترمب وصمتت طويلًا، حتى جاء أول تحرك فعلي عبر إعادة إحياء المجموعة الرباعية.
بالاضافة لعملية التوثيق الواسعة للفظائع التي ارتكبتها الدعم السريع بعد سقوط الفاشر، بما في ذلك الإبادة الجماعية، التطهير العرقي، الاغتصاب والنهب، والتي وصلت إلى مجلس حقوق الإنسان، وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة السيد “فولكر تورك” أن “هناك صراع بالوكالة على موارد السودان الطبيعية وسلعه، وتشارك فيه عدة دول في المنطقة وخارجها”.
وفي الصدد، تراكم ضغط الحقوقيين، الإعلام الأمريكي والرأي العام الدولي، مما أدى إلى إعادة النظر في السياسات الأمريكية تجاه الملف السوداني، على الرغم من أن إدارة ترمب تميل عادة إلى التركيز على الصفقات والمصالح الاقتصادية أكثر من تركيزها على الجرائم الإنسانية.
لذلك، يُفسر التحول في الموقف الأمريكي بالاعتبارات البراغماتية، فالمشروع الذي راهنت عليه بعض مطابخ صنع القرار لم يعد مجديًا من الناحية العملية، سواء بالنظر لمعدل الخسائر أو لتحقيق المكاسب. الأمر مشابه لتحولات أخرى في السياسة الأمريكية عند مواجهة آثار سلبية على مكانتها الدولية، كما حدث في غزة.
اضافة الى ذلك، طالت الحرب وزادت التكلفة، واستعاد الجيش السوداني المبادرة قبل سقوط الفاشر، حيث أخرج المليشيا من كامل الخرطوم ووسط السودان إلى كردفان ودارفور. ردّت الإمارات وحلفاؤها، بزيادة الإمداد والتكنولوجيا العسكرية الحديثة للمليشيا في محاولة لاستعادة التوازن والسيطرة على الفاشر، بهدف تثبيت مكاسبها الميدانية مؤقتًا وضمان وجودها العسكري والسياسي والاقتصادي تمهيدًا لابتلاع كامل السودان مستقبلًا.
وأدركت واشنطن أن توسّع الحرب وتمدّد الإمدادات النوعية إلى المليشيا يهددان بتحويل السودان إلى مركز عدم استقرار إقليمي يمتد إلى الساحل والبحر الأحمر، ما دفع الإدارة الأمريكية إلى مغادرة مرحلة “المتابعة من بعيد” والانتقال إلى إدارة أكثر حزمًا للأزمة. كما ساهم انفتاح السودان على قوى منافسة لواشنطن—خصوصًا إيران وتركيا—في دفع الولايات المتحدة لمراجعة سياستها للحفاظ على موطئ قدم داخل المعادلة الجديدة في المنطقة.
على الصعيد الإقليمي، أدت هذه التحولات إلى توترات بين حلفاء واشنطن، حيث بدأت السعودية تقلق من الإمارات بسبب دعمها لمليشيا الدعم السريع. فقد كشف تقرير عن عزم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إثارة هذه القضية أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال لقائهما المرتقب في واشنطن، هذا التوتر يعكس رغبة الرياض في إعادة التوازن للمعادلة الإقليمية واستعادة نفوذها في الملف السوداني بعد تجاوزات أبو ظبي.
ويؤكد مراقبون، ان صراع النفوذ بين الرياض وأبو ظبي، يعطي واشنطن فرصة لإعادة تموضع سياساتها، سواء عبر الضغط على الإمارات أو دعم الجيش السوداني كطرف قادر على فرض الاستقرار، بما يحفظ مصالح الولايات المتحدة في المنطقة ويقلل المخاطر الأمنية والاقتصادية المستقبلية.
لماذا يبدو أن واشنطن تراهن على الجيش؟
تراهن الولايات المتحدة على الجيش السوداني باعتباره مؤسسة وطنية يمكن إصلاحها وإبعادها عن السياسة، مع دفع عملية عودة الحكم المدني وفق شروط محددة للأمن والاستقرار، وهي الشروط التي أوصلتها واشنطن للبرهان عبر مبعوثها مسعد بولس، الذي وصف البرهان في بعض مقابلاته بالرئيس.
استجابة البرهان لهذه الطلبات شملت تغييرات في كابينة قيادة المؤسسة العسكرية، وإبعاد ضباط محسوبين على التيار الإسلامي، بعد لقائه بمسعد بولس في سويسرا وعودته إلى السودان، وهو ما اعتُبر تقدمًا من قبل المبعوث الأمريكي فيما يخص توقف الجيش عن تلقي الدعم الإيراني.
وتأتي هذه التحركات ضمن براغماتية أمريكية تسعى لتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية مباشرة مع الدولة السودانية ومؤسساتها، بما فيها الجيش، دون الارتهان للإمارات “كامبريالية فرعية” أو للمليشيا، باعتبار أن التعامل مع الجيش أقل كلفة وأكثر قابلية للضبط. وفي المقابل، يحاول الجيش استثمار هذا الانفتاح عبر جذب استثمارات أمريكية محتملة—خصوصًا في قطاعات مثل التعدين—مقابل تخفيف العقوبات وتعزيز شرعيته، رغم المخاوف من تكرار سيناريوهات شبيهة باتفاقات السلام الاقتصادية الهشة في الكونغو.
ويعكس هذا الرهان أيضًا إدراك واشنطن أن دعم الجيش بات الخيار الأقل كلفة لضمان بقاء الدولة السودانية ومنع تفككها، إضافة إلى اعتباره السدّ الرئيسي أمام التوسع الروسي عبر مسارات الذهب والبحر الأحمر، وكذلك أمام أي ترتيبات يمكن أن تمنح موسكو موطئ قدم عسكري في الإقليم.
وتشير تقارير صحفية إلى أن اللقاءات المغلقة بين البرهان والمبعوث الأميركي، بما في ذلك اجتماعات جنيف والقاهرة، ركّزت على بحث قنوات إمداد عسكرية جديدة تمكّن الجيش من تقليل اعتماده على إيران وروسيا دون خسارة نفوذه أمام الدعم السريع. وطلب البرهان تزويد الجيش بأنظمة إنذار مبكر ودفاع جوي لحماية المنشآت الحيوية والمراكز الحضرية من الهجمات المتطورة بالطائرات المسيّرة التي يُعتقد أن الإمارات زوّدت بها المليشيا.
كما أفادت التقارير ذاتها بأن مسعد بولس لجأ الى مصر التي وافقت مبدئيًا على توفير بعض هذه الأنظمة للجيش السوداني، رغم ترددها بسبب التكلفة والعبء العملياتي، وذلك ضمن إطار دعم استراتيجي يهدف إلى الحد من هيمنة الطائرات المسيّرة على المشهد الميداني.
حدود التحول الأمريكي وأسئلة المستقبل
يبدو أن التحول الأمريكي الأخير تجاه السودان، مهما بدا واضحًا في لهجته ونبرة مواقفه، ما يزال محكومًا بحدود واقعية تتجاوز الشعارات والبيانات الدبلوماسية. فالولايات المتحدة لا تتحرك بدافع أخلاقي أو قانوني، بقدر ما تعيد ضبط بوصلتها وفق حسابات النفوذ، وضغط الحلفاء، وكلفة استمرار مشروع لم يحقق أهدافه. وفي هذا السياق، يصبح الرهان المتزايد على الجيش السوداني امتدادًا لمنطق براغماتي.
لكن هذا التحول، رغم أهميته، لا يعني بالضرورة أن واشنطن قد حسمت خياراتها أو أنها ستترجم خطابها إلى التزامات واضحة، فالمشهد معقّد، والتوازن بين الرياض وأبو ظبي داخل البيت الأبيض ما يزال عنصرًا ضاغطًا، كما أن البيروقراطية الأمريكية وأساليب إدارة الأزمات قد تُبطئ أي خطوة عملية تتجاوز حدود الرسائل السياسية.
وعليه، يبقى السؤال المركزي مفتوحًا: إلى أي مدى يمكن أن يستدام هذا الرهان الأمريكي على الجيش؟ وهل سيتطور إلى دعم عسكري أو سياسي مباشر يعيد تشكيل ميزان القوى ميدانيًا، أم سيظل في حدود الضغط الدبلوماسي وضبط الإيقاع الإقليمي؟ ثم ماذا يحدث إذا تغيّر المزاج داخل واشنطن، أو استطاعت الإمارات – عبر أدواتها التقليدية – إعادة النفوذ إلى مسار آخر؟
أسئلة كهذه تُبقي مستقبل الحرب في السودان مفتوحًا على احتمالات متعددة، فالتحول الأمريكي يمنح الجيش هامشًا سياسيًا جديدًا، لكنه لا يغلق الباب أمام مفاجآت قد تنتج عن اختبارات الميدان، ومعارك النفوذ الإقليمية، وطبيعة النظام الدولي المتحرك، وما يبدو اليوم بداية مراجعة أمريكية جادة قد يصبح غدًا لحظة عابرة، أو نقطة تحوّل كبرى، بحسب ما ستفرزه الأسابيع والأشهر المقبلة من اصطفافات جديدة ووقائع على الأرض.
في هذا السياق، جاءت دعوة البرهان للتعبئة العامة، إذ أن الحفاظ على الدولة ومؤسساتها أصبح مرتبطًا بقدرة مواطنيها على الدفاع عن أرضهم، وليس فقط بالاعتماد على الدعم الخارجي. هذه المعادلة الإنسانية والميدانية تضيف طبقة جديدة لفهم حدود التحول الأمريكي، وتؤكد أن مستقبل الحرب سيظل مفتوحًا على احتمالات متعددة.
