منذ تولّي إيتمار بن غفير وزارة الأمن القومي الإسرائيلي أواخر 2022، دخلت سجون الاحتلال مرحلة تصعيد ممنهج ضد الأسرى الفلسطينيين، بدأ بتقليص المقومات الأساسية للحياة وتحويل الحقوق إلى أدوات عقاب وإذلال.
لكن ما حدث بعد طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 كان انقلابًا كاملاً؛ إذ تحوّلت السجون إلى ساحات انتقام، تصاعدت فيها الانتهاكات وتجذّرت ممارسات التجويع والإهمال الطبي والتعذيب ضمن سياسة عقاب جماعي.
وترى وسائل إعلام عبرية أن بن غفير يتعامل مع ملف السجون كوسيلة لزيادة شعبيته السياسية لدى قاعدته اليمينية، مستخدمًا لغة القسوة والردع لكسب الأصوات. فماذا تغيّر تحديدًا خلال حقبته؟
أبرز المتغيرات خلال تولي بن غفير
1- أعداد الاعتقالات والوفيات
- يقدر عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بأكثر من 10 آلاف، دون وجود رقم محدد في ظل إخفاء “تل أبيب” للمعلومات.
- منذ أكتوبر 2023 حتى نوفمبر 2025، اعتقل الاحتلال نحو 21 ألف فلسطيني بالضفة والقدس (حالات اعتقال يومية لا يشترط بقاءها بالسجون).
- حتى نوفمبر 2025، بلغ عدد المعتقلين الإداريين (بدون محاكمة) 3368، وبلغ عدد من صنفهم الاحتلال “مقاتلين غير شرعيين” 1205.
- الأرقام السابقة لا تشمل آلاف المعتقلين من غزة المحتجزين في معسكرات عسكرية وتخفي سلطات الاحتلال أي معلومات عنهم.
- 110 من الأسرى الأمنيين قضوا داخل السجون بين يناير 2023 ويونيو 2025 – بمعدل يقارب وفاة كل أسبوع – وهو الأعلى منذ عقود.
- توزّعت الوفيات على ثلاث سنوات تقريبًا: 32 وفاة في 2023، و47 وفاة في 2024، و31 وفاة في النصف الأول من 2025.
- معظم المتوفين نقلوا إلى المستشفيات وهم في حالات حرجة، في حين لم يصدر عن سلطات الاحتلال تصريحات عن أسباب الوفاة.
- أطباء من أجل حقوق الإنسان – “إسرائيل” أوضحت أن غالبية الحالات قضت نتيجة تعذيب وإصابات بالرأس، نزيف داخلي، سوء تغذية حاد.
2- التوسع في الاعتقال الإداري
- إلى جانب الزيادة بالاعتقالات، توسعت “إسرائيل” في الاعتقال الإداري، إذ تحتجز الآلاف دون محاكمة بموجب أوامر سرية قابلة للتجديد.
- كشفت مراكز حقوقية أن نحو نصف الأسرى الأمنيين، الذين تجاوز عددهم 10 آلاف بنهاية 2025، هم معتقلون إداريون.
- لا يُسمح للمعتقلين الإداريين بالاطلاع على التهم الموجهة إليهم، وتُجدد أوامر حبسهم كل ستة أشهر.
- تشير التقارير إلى اعتقال مئات الأطفال والقاصرين ضمن هذا النوع من الاعتقالات وإخضاعهم للاستجواب بدون حضور محامي.
3- الاكتظاظ وظروف الاحتجاز
- في ديسمبر 2023، حذّر رئيس لجنة الأمن الداخلي بالكنيست، تسفيكا فوجل، من أن السجون “قريبة من فقدان السيطرة” نظرًا للاكتظاظ.
- تبلغ القدرة الاستيعابية الرسمية للسجون 14500 سرير، بينما تجاوز عدد المحتجزين 21 ألف شخص في يونيو 2025.
- أظهرت البيانات أن 84 % من الأسرى الأمنيين حُشروا في زنازين تقل مساحتها عن ثلاثة أمتار مربعة للفرد.
- أكثر من 3000 أسير ينامون على فرشات على الأرض لعدم توفر أسرّة.
- في ظل الازدحام، أقر الكنيست قانونًا يسمح بإعلان “حالة طوارئ في السجون” ورفع القيود القانونية مؤقتًا لتوفير أماكن إضافية.
4- منع الحاجيات والطعام
مؤسسات حقوقية وتقرير مراقب السجون التابع لمكتب المدعي العام الإسرائيلي (ديسمبر 2025) وصف ظروف السجون كالتالي:
- الأسرى الأمنيين يتناولون حصصًا ضئيلة من الطعام تشمل أرزًا غير مطبوخ وخضراوات فاسدة، ما أدى إلى فقدان وزن حاد وسوء تغذية واسع.
- تعاني السجون نقصًا في الماء الصالح للشرب بسبب تقنين المياه، حيث أفاد الأسرى بأن الحنفيات تُفتح لساعات معدودة يوميًا.
- مع قدوم الشتاء، اشتكى الأسرى من حرمانهم من البطانيات وقطع التدفئة، ورفض إدخال ملابس شتوية، ما فاقم البرد داخل السجون.
- غالبية المفرَج عنهم ضمن صفقات التبادل، يعانون فقدان وزن شديد نتيجة تجويع متعمد، وقد احتاج كثير منهم لنقل مباشر إلى المستشفى.
- إدارة السجون كانت تقدم وجبات طعام ضئيلة، وكانوا يُمنحون زجاجة ماء واحدة لكل غرفة يوميًا، مع غياب تام للمياه في دورات المياه.

5- التنكيل والاعتداءات اليومية
- تقرير المدعي العام بيّن أن عمليات التفتيش الفجائية يصاحبها ضرب وسبّ وإخضاع لساعات من الوقوف، بدون مبرر واضح.
- وثق التقرير ضرب الأسرى خلال التنقلات بين أقسام السجون أو أثناء رحلات المحكمة، باستخدام العصي ورشّ الغاز.
- أظهرت شهادات المحررين أن الضرب اليومي بات جزءًا من سياسة بن غفير عندما أعلن أن السجون يجب أن تكون “كابوسًا للإرهابيين”.
- تقارير حقوقية تؤكد أن الأسرى يتعرضون لضرب مبرح، كسور في الأضلاع وعظام الفك، واعتداءات جنسية والحرمان من النوم الطبيعي.
- يُحتجز بعض الأسرى تحت الأرض وبلا ضوء في مركز ركيفت السري أسفل سجن الرملة ويُحرمون من الطعام والعلاج ويتعرضون للضرب.
- ممارسات الإهانة تستمر حتى لحظة الإفراج عنهم، حيث كانوا يُنقلون وهم مقيَّدون بالأصفاد ومعصوبو الأعين، ويتعرضون للضرب والشتائم.
6- انتشار الأمراض والقتل البطيء
- سوء الظروف الصحية وغياب النظافة ونقص المياه، أدى إلى انتشار أمراض جلدية وأمراض القلب وأعراض كالجفاف الحاد، الإسهال.
- أدى سوء التغذية إلى انهيار المناعة لدى العديد من الأسرى، وتوفي بعضهم بسبب أمراض كان يمكن علاجها لو توفرت الرعاية الطبية.
- جاء في تقرير المدعي العام أنّ الجرب تحوّل إلى وباء داخل بعض الأقسام، حيث سجلت إصابات واسعة تسببت بحكة مستمرة وجروح.
- يحذر الأطباء من أن هذه البيئة تمثّل سياسة قتل بطيء، فقد يفقد الأسرى المناعة ويتعرضون لأمراض مزمنة دون علاج.
- إلى جانب ذلك، تُقيّد السجون إدخال الأدوية، ولا يسمح للأطباء بزيارة المرضى إلا في حالات نادرة، مما يزيد من معاناتهم.
7- منع الزيارات والاتصالات
- منذ 16 أكتوبر 2023، حظرت مصلحة السجون على الأسرى الأمنيين استخدام الهواتف العامة وحرمتهم من زيارات العائلات والصليب الأحمر.
- جرى منعهم من الخروج إلى الساحات إلا ساعة واحدة في اليوم وصادرت متعلقاتهم الشخصية بما في ذلك الكتب والأجهزة الكهربائية.
- حرمت هذه السياسة الأسرى من التواصل مع ذويهم، ما زاد من الضغوط النفسية عليهم وأسرهم في محاولة لكسر معنوياتهم.
- كما حرم الاحتلال آلاف الأسرى المصنفين “مقاتلين غير شرعيين” والمحتجزين دون محاكمة من مقابلة محامين أو الاتصال بذويهم.
8- مشروع قانون الإعدام
- يدفع إيتمار بن غفير منذ تعيينه نحو فرض عقوبة الإعدام على من يدان بتنفيذ عمليات قاتلة ضد إسرائيليين.
- جرى تمرير مشروع قانون الإعدان بالقراءة الأولى في نوفمبر 2025، لكن احتمالات تطبيقه ما زالت موضع جدل نظراً لرفض القضاة والحقوقيين.
- بعد هذا التصويت، صرّح بن غفير: “هكذا نحارب الإرهاب… عندما يمر القانون لن يخرج الإرهابيون إلا إلى الجحيم”، وفق تعبيره.
- ناقشت لجنة بالكنيست المشروع في 8 ديسمبر 2025، وظهر بن غفير وأعضاء حزبه وهم يرتدون دبابيس على شكل مشنقة دعما للقانون.
- خلال الجلسة صرح بن غفير بأن المشنقة ليست الوسيلة الوحيدة لتنفيذ الإعدام، بل ذكر أيضًا الكرسي الكهربائي والحقنة المميتة.