ترجمة وتحرير: نون بوست
ما يُعزى غالبًا إلى عنف عشوائي من المستوطنين، في الحقيقة، هو نظام منظم بدقة، له هيكل رسمي يعمل بكامل فعاليته وفق خطة مدروسة وممنهجة
في 20 يوليو / تموز؛ شن حوالي عشرة رجال ملثمين غارة على قرية إبزيق الفلسطينية في وادي الأردن الشمالي بالضفة الغربية المحتلة؛ حيث وصلوا في موكب مؤلف من سيارتين، مرتدين زي الجيش الإسرائيلي الرسمي، وحاملين بنادق هجومية مجهزة بأجهزة ليزر خضراء.
وأثناء إغلاق سياراتهم الطريق، اقتحموا مجموعة من المنازل، وأجبروا عائلة فلسطينية على الركوع تحت تهديد الأسلحة، محذرين إياهم من أن لديهم 48 ساعة لإخلاء المنطقة “ج” والانتقال إلى المنطقة “ب”، في إشارة إلى التقسيمات الفنية للسيطرة في الضفة الغربية وفق اتفاقيات أوسلو. المنطقة “ج” تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، بينما المنطقة “ب” تقع تحت الإدارة المدنية الفلسطينية تقنيًا، لكنها تشارك إسرائيل في السيطرة الأمنية. وقال الرجال الملثمون إنهم سيعودون “لحرق القرية” إذا لم تُخلِ العائلة المكان.
كنتُ أقيم مع زوجين فلسطينيين مسنين لمدة خمسة أيام في إبزيق لتوثيق عنف المستوطنين المتصاعد في ظل تهديدات متزايدة ضد القرية. وعندما اقترب الرجال، سألت أحدهم عن هويته. بدا عليهم أنهم جنود، لكن السيارات التي وصلوا بها كانت تحمل لوحات مدنية صفراء. هؤلاء المعتدون الملثمون كانوا أعضاء في الهغمار، وهي ميليشيات احتياطية للمستوطنين مرتبطة رسميًا بالجيش الإسرائيلي ومكلفة بفرض “الأمن” في مستوطنات الضفة الغربية.
سحبوني خلف سياج، وهناك تعرضت لهجوم عنيف من أربعة منهم حتى استدعت حالتي التدخل الطبي الطارئ في المستشفى. كما سرقوا هاتف ناشط من بعثة التضامن الدولية كان يحاول توثيق الهجوم.
لم يكن أمام مضيفي، أبو صافي، البالغ 84 عامًا، أي خيار سوى مغادرة منزله بعد الغارة الوحشية للهغمار؛ حيث جمعت العائلة متعلقاتها التي تراكمت على مدى عقود وانتقلت إلى موقع قريب في المنطقة “ب”، وتوفي أبو صافي بنوبة قلبية بعد وقت قصير من تلك الأحداث.
تشكل الغارة على إبزيق، التي أفرغت القرية من سكانها الفلسطينيين، دليلًا صارخًا على آليات السيطرة القمعية التي تمارسها إسرائيل في الضفة الغربية، وكيف تتحكم المستوطنات بشكل ممنهج في حياة الفلسطينيين اليومية.
بالتوازي مع الهجوم الإبادي الإسرائيلي على غزة الذي بدأ في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تصاعد العنف الإسرائيلي من قبل المستوطنين والجنود في الضفة الغربية إلى مستويات قياسية. فقد سُجّل نحو 3,000 هجوم مرتبط بالمستوطنين تسبب في إصابات فلسطينية أو أضرار بالممتلكات بين أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ومنتصف 2025، منها أكثر من 1,000 هجوم خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025، و264 حادثة في أكتوبر/ تشرين الأول 2025 وحده، وهو أعلى رقم شهري منذ أن بدأت الأمم المتحدة برصد هذه الحالات في 2006.
وخلال العامين الماضيين، أصبح المستوطنون أكثر جرأة في اقتحام المنازل، وتهديد السكان بالأسلحة، ومنحهم مهلة 24 ساعة للإخلاء. وقد وقع ذلك في خربة المجد، وأم سلام، ورزيم، وأماكن أخرى، وفق ما أفاد به باحث ميداني في مجموعة حقوق الإنسان الإسرائيلية بتسيلم؛ حيث تحدث الباحث لموقع “دروب سايت” بشرط عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، وقال: “نقدّم الشكاوى، لكن غالبًا ما تخبرنا السلطات أن المعتدين تصرفوا خارج صفتهم كجنود، فنُحال إلى الشرطة. ثم تقول الشرطة إنها مسألة عسكرية، وفي النهاية لا يحقق أحد”.
شبكة متكاملة من المدنيين والجنود
غالبًا ما يبدو عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين عشوائيًا، لكنه في الواقع نظام حكومي منظم، له هيكل رسمي يعمل بدقة وفق المخطط المرسوم.
منذ عام 1967، حكمت إسرائيل الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر هيكلين متوازيين: الاحتلال العسكري والمستوطنات المدنية، يكمل كل منهما الآخر بينما توزع المسؤوليات بينهما بشكل ممنهج.
وفي قلب هذا الترتيب يوجد جهاز قانوني مدروس: مجالس المستوطنات الإقليمية، التي أُنشئت بموجب أمر البلديات لعام 1964 كمجالس بلدية إسرائيلية نموذجية، لكنها تعمل فعليًا على الأراضي الفلسطينية المحتلة. وترتكز الولاية القضائية الإسرائيلية على الأوامر العسكرية ولوائح الطوارئ في الضفة الغربية، التي تطبق معظم جوانب القانون الإسرائيلي على المستوطنين دون أن تشمل الأرض نفسها، بينما توفر القوات الإسرائيلية السلطة الإقليمية الفعلية، ما يجعل الجيش السيادة الواقعية على الأرض.
في هذا الإطار، تفوض الدولة تطبيق القانون للمستوطنين. وتعين كل مستوطنة “رافشاتز”، أو منسقًا أمنيًا مدنيًا، يتقاضى راتبه من وزارة الدفاع، ويُصرح له الجيش بقيادة فرقة استجابة سريعة بالملابس المدنية تُعرف بـ”كيتات كونينوت”، تضم 20 إلى 40 متطوعًا ضمن حدود المستوطنة. وتُصدَر الأسلحة من قسم أمن المستوطنات بوزارة الدفاع، وتأتي أسلحة إضافية من وزارة الأمن القومي.
داخل حدود إسرائيل، تخضع هذه الفرق لسلطة الشرطة، أما خارجها، ضمن القطاع العسكري الذي يشمل المناطق الحدودية الريفية وجميع مستوطنات الضفة الغربية، فيعمل الرافشاتز عادة عبر الكابات، وهو ضابط أمني محلي يعينه مجلس المستوطنة للتنسيق المباشر مع الجيش.
وبالتوازي مع الرافشاتز، توجد كتائب الدفاع الإقليمي الهغمار، وهي شبكة احتياطية تدمج كل مستوطنة ضمن شبكة عسكرية مقسمة إلى مناطق وكتل وأحياء. على المستويين الأعلى — المنطقة والكتلة — يقدم الهغمار تقاريره إلى قيادة الهغمار الإقليمية في الجيش الإسرائيلي، بينما على المستوى الأدنى، يمثل الهغمار في كل منطقة مستوطنة واحدة، وتنسق كل مستوطنة مع الهغمار المحلي عبر الكابات المعين.
ويحصل الهغمار على الزي العسكري الرسمي من الجيش، بينما لا تُمنح فرق “كيتات كونينوت” زيًا رسميًا، والتمييز بين الوحدتين مسألة تقنية بحتة، وغالبًا ما يخدم نفس المستوطنين في كلا الهيئتين.
باختصار، تعيّن المستوطنة منسقًا أمنيًا يمتلك، فعليًا، سلطة قيادة ميليشيا تطوعية خاصة به، تحظى بالتسليح والتمويل من الدولة. وغالبًا ما يخدم أفراد هذه الميليشيات الاستيطانية أنفسهم في وحدات احتياطية عسكرية بزيّ رسمي تخضع لإمرة الجيش وتنسّق عملها مع المستوطنة. وهكذا تتكامل أدوار الميليشيات التطوعية، وميليشيات الاحتياط، والمؤسسة العسكرية ذاتها، لتشنّ هجمات منظّمة وتبث الرعب في نفوس الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وبينما يُفترض نظرياً أن ينتقل زمام القيادة في أوقات الحرب من المنسقين المحليين إلى الجيش، تظل الضفة الغربية واقعاً خارج نطاق الإعلان الرسمي كمنطقة حروب. إنها ترزح تحت ما يصفه العسكر بـ”الأمن الروتيني المتواصل“، وهو حالة دائمة من الهيمنة المدنية تُمارَس بواسطة مستوطنين مسلحين تحت ستار الحماية العسكرية.
ويوضح ناشط إسرائيلي متضامن، يتابع عن كثب جرائم المستوطنين في تلال الخليل الجنوبية، طالباً عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية في حديثه لموقع “دروب سايت”: “نظرياً، يُفترض أن تُسلّم الأسلحة وتُسترجع عبر ضابط الأمن بالمستوطنة (الرافشاتز)، لكن الواقع يكشف أن الأسلحة تَذْهب ولا تعود أبداً. فبعض المجالس المحلية تلتزم بصرامة بقواعد التسلح، بينما يتجاهل غيرها الأمر فيحتفظ الأفراد بالأسلحة في منازلهم. كل ذلك مرهون بمدى صرامة قائد الأمن المحلي (الكابت) واستعداد الجيش لتغاضيه المتعمّد”.
وبينما يقتصر عمل ضابط الأمن بالمستوطنة وفرقة الطوارئ المحلية نظرياً على حدود المستوطنة، فإن وحدات مساعدة عسكرية مثل “الهغمار” تُمنح نطاقاً أوسع عملياً لتتحرك عبر مستويات إقليمية أشمل.
وتلخّص روني بيلي، من منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “يش دين”، الحال لموقع “دروب سايت” بالقول: “النتيجة المأساوية هي تحوّل المستوطنين إلى قوة عسكرية بلا رقابة، تعمل خارج أي إطار قانوني أو تنظيمي.”
الإخلاءات القسرية
وتجلت هذه الآلية بوضوحها الصارخ في منتصف أكتوبر/تشرين الأول على تخوم المفقارة، إحدى قرى مسافر يطا المهمشة، حيث اقتحم مستوطنون مسلحون كهفاً تسكنه عائلة فلسطينية، فجرفوهم منه بقوة السلاح واستوطنوه، ملوحين بتهديدات الرصاص لكل من يدنو. حين وصلتُ بعد ساعات، وجدتُ العائلة المشردة وناشطين إسرائيليين متضامنين يقفون على أطراف الأمل، ينتظرون وصول الشرطة.
وروى ناشط إسرائيلي شهد الواقعة لموقع “دروب سايت” – طالباً عدم الكشف عن هويته خشية على سلامته – وهو يشير باتجاه مستوطنة معون القابعة على بعد مئتي متر فقط: “حين حاول الفلسطينيون التصدي لهم، هبت مجموعة من المسلحين، بعضهم يرتدي شارات الدولة وزياً عسكرياً مشوهاً، وبعضهم في ثياب مدنية، وكان بينهم بنيامين زاربيڤ، ضابط أمن المستوطنة. وجّهوا بنادق الدولة نحو صدور الفلسطينيين ونحونا، بينما كان المستوطنون يسرقون محتويات الكهف تحت حماية تلك البنادق.”
أثناء انتظارنا، تقدم رجل مسلح يرتدي زيًا عسكرياً متهالكاً، وصفه الناشط كأحد المهاجمين الأوائل، ملوحاً بسلاحه وطالباً هويتي. ادعى بكل وقاحة أنه يمثل “هاجمار هار حبرون” – اسماً وهمياً لا وجود له في سجلات الجيش الرسمية – ثم شرع في تعداد انتماءاته المتشعبة: فريق الاستجابة السريعة في معون، ووحدة الهغمار الإقليمية، ودورية مزرعة غامضة، ورفض الإفصاح عن الجهة التي أرسلته.
وأضاف الناشط: “المستوطن المغتصب اتصل بالرافشاتز على هاتفه. هكذا تسير الأمور دائماً. يجري الرافشاتز بضع مكالمات، وفي غضون دقائق يبدأون بالظهور – نصفهم يرتدي زيًا رسمياً باهتًا، ونصفهم بملابسهم المدنية – جميعهم يحملون بنادقًا قدمتها الدولة نفسها”.
وأخبرني الرجل المسلح أنه سيتقاضى أجر يوم كامل عن “عمله”، معترفاً بأن بإمكانه القيام بذلك متى أراد. وادعى أن بندقيته جاءته “من الجيش”، مضيفاً أنه استلمها “من القاعدة”، ولكن عند الضغط عليه، أوضح أن “القاعدة” هي المستوطنة نفسها، حيث لا وجود لقاعدة عسكرية فعلية.
وعندما وصلت الإدارة المدنية الإسرائيلية والشرطة أخيراً، برفقة جنود الجيش، امتنعوا عن مراجعة الوثائق التي تثبت ملكية الفلسطينيين للموقع، وانسحبوا تاركين الميليشيا المسلحة مسيطرة على المكان.
وعلى بعد بضعة كيلومترات في سوسيا، تظهر لقطات مصورة من 24 أغسطس/ آب مجموعة من المسلحين وهم يغزون المجتمع الصغير، بعضهم يرتدي الزي العسكري والبعض الآخر بملابس مدنية. واعتدى أحدهم على مواطن فلسطيني نُقل لاحقاً إلى المستشفى مصاباً بارتجاج حاد في الدماغ.
لقطات من سوسيا في 24 أغسطس/ آب 2025
وقال رئيس مجلس قرية سوسيا، جهاد النواجعة، إنه تعرف على المهاجمين فوراً. وأشار النواجعة لموقع “دروب سايت” إلى مستوطن مسلح يرتدي ملابس مدنية قائلاً: “أعرف هذا الرجل منذ 15 عاماً. الذي اعتدى على الفلسطيني هو ابنه. جاؤوا مع مسلحين من سوسيا، يرتدون الزي الرسمي، ليخبرونا بالإخلاء. قالوا: ‘غادروا وانتقلوا إلى الخليل’. لم يكن هناك أي سبب آخر لمجيئهم تلك الليلة.”
وأضاف الباحث في منظمة “بتسيلم”، وهو أيضاً مقيم في سوسيا، أن المجموعات المسلحة من المستوطنين المنظمين تقوم في كثير من الأحيان باعتقال الفلسطينيين. وقال: “يختطفون الناس غالباً… أي شخص يحاول مقاومة الإخلاء. يأخذونه، ويحذرونه من عدم تكرار ذلك، ثم يطلقون سراحه لاحقاً. شاهدتهم مرة خلال هجوم بالقرب من سوسيا. كان المستوطنون يفرون من الشرطة، وأحد هؤلاء الرجال ساعد في تهريبهم.”
وفي نمط متكرر، يغزو المستوطنون في وضح النهار، ثم يعود نفس الرجال بعد ساعات وهم يرتدون الزي الرسمي لفرض الإغلاق وتأمين الأرض التي استولوا عليها.
وأضاف الباحث في “بتسيلم”: “كما أنهم يعترضون بنشاط تردد الراديو العسكري، للاستماع إلى التنسيق مع الفلسطينيين. ذات مرة كان لدينا تنسيق للحراثة، من الرابعة حتى الثامنة مساءً… اكتشفوا الأمر وتأكدوا من إيقافه.”
وتشير تقارير مجموعات حقوق الإنسان إلى أن الشكاوى المتعلقة بالعنف المنظم من قبل المستوطنين المسلحين تتنقل روتينياً بين مختلف الاختصاصات القضائية للسلطات الإسرائيلية؛ حيث تصنف الشرطة المشتبه بهم كـ”مساعدين عسكريين” وتمرر الملفات إلى الجيش؛ ويرد الجيش عليها باعتبارها قضايا “مدنية”؛ وتستشهد السلطات المدنية بالاختصاص العسكري، وتُغلق التحقيقات لـ”عدم كفاية الأدلة”.
جيش خاص
وقبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كانت إسرائيل تحتفظ بحوالي 450 فرقة استجابة سريعة، وفقاً لتقرير صدر عام 2024 من مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست، الذراع البحثي غير الحزبي للبرلمان الإسرائيلي. كان ما يقرب من 390 من فرق “كيتوت كونينوت” تعمل تحت إشراف الجيش في مستوطنات الضفة الغربية، بينما أشرفت شرطة الحدود (وهي وحدة شبه عسكرية تابعة للشرطة تعمل على جانبي الخط الأخضر) على 50 فرقة، وأشرفت الشرطة على أقل من عشر فرق.
ووجد التقرير أن تقسيم السيطرة بين الهيئات الحكومية على هذه الوحدات يستند إلى قرار حكومي صدر عام 1974 ولم يُنشر قط، وهو مفقود من أرشيف الدولة. كما أن الأمر العسكري رقم 432 لسنة 1971، الذي ينظم فرق “كيتوت كونينوت” في الضفة الغربية، والتوجيهات المتعلقة بقواعد فتح النار والتعبئة الطارئة؛ كلهم لا يزالوا قيد سرية.
وفي التقرير، وصف الباحثون تعتيمًا واسعًا وعدم تعاون من شرطة إسرائيل ووزارة الدفاع والقوات المسلحة الإسرائيلية؛ حيث لم تقدم أي منها بيانات حول صلاحيات هذه الفرق أو تسليحها أو الإشراف عليها. وأشار مركز أبحاث الكنيست إلى أن تقريره اعتمد على ردود جزئية ومصادر عامة، حيث “لم يتم تلقي أي رد من الجهات المعنية.”
وبعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، أعلن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير عن تشكيل أكثر من 700 فرقة “كيتوت كونينوت” جديدة، مما وسّع الشبكة الخاضعة لإدارة الشرطة، بينما ظلت حصة الجيش دون تغيير يذكر. و1تم دمج الوحدات الجديدة تحت لواء شرطة الحدود، وهي الطريقة الوحيدة التي يستطيع بن غفير من خلالها الحصول على تفويض للعمل خارج الخط الأخضر. ومع أوائل عام 2024، أدرجت الحكومة 906 وحدة نشطة، مع هدف يبلغ 1086 وحدة بنهاية العام. وبحلول أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2025، كان هناك 1052 وحدة “كيتوت كونينوت” نشطة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بدأت وزارة بن غفير أيضًا بتوزيع حوالي 10,000 بندقية هجومية تم شراؤها حديثًا على فرق “كيتوت كونينوت” وتخفيف شروط أهلية حمل السلاح، بينما وفرت وزارة الدفاع التدريب والذخيرة والبنية التحتية للتسليح. وبحلول نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، قال مكتب بن غفير إن ما يقرب من 230,000 رخصة سلاح قد صدرت خلال العامين الماضيين. وفي الوقت نفسه، موّلت وزارة المهام الوطنية المركبات والطائرات المسيرة وأنظمة المراقبة؛ وأضافت المجالس الإقليمية أسلحة ومركبات من خلال متبرعين خاصين وأجانب، بما في ذلك اتحادات يهودية أمريكية قدّمت بنادق قنص لفرق “كيتوت كونينوت” تحت حملات مثل “أصدقاء السامرة”.
وأشار مركز أبحاث الكنيست إلى أن الكثير من هذه المعدات تم توزيعها عبر مستودعات الأسلحة التي يديرها ضباط الأمن (الرافشاتز)، متجاوزة مستودعات الجيش الإسرائيلي. وفي وقت سابق من عام 2023، أنشأت الحكومة “المشمار الوطني” (الحرس الوطني)، وهو قوة احتياطية لشرطة الحدود تحت قيادة بن غفير، ويهدف إلى استيعاب الميليشيات المحلية وأطر التطوع. وبعد تفعيله عقب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، أصبح أداة لتعبئة وتعزيز فرق “كيتوت كونينوت”، مع مسارات تتيح للمدنيين الانضمام إلى أدوار الشرطة المسلحة خارج مسارات شرطة الحدود أو الجيش التقليدية. وهو رسميًا تحت قيادة مفوض الشرطة، ولكن يمكن أن تنتقل السيطرة عليه إلى وزير الأمن القومي في حالات الطوارئ. ويصفه النقاد الرئيسيون بأنه “الجيش الخاص” لبن غفير.
بالتوازي، وسع الجيش كتائب “الهاغمار”، مضيفًا حوالي 5,500 من جنود الاحتياط ليصل العدد الإجمالي إلى ما يقرب من 8,000، مقسمين بين سرايا إقليمية ووحدات مساعدة على مستوى المستوطنات تُعرف باسم “بني هاييشوف” (“أبناء البلدة”).
واستحوذت إدارة المستوطنات الجديدة لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش داخل وزارة الدفاع على صلاحيات من الإدارة المدنية، مما منح مكتبه سيطرة مباشرة على ميزانيات الأمن المدني: كمستودعات الأسلحة، وبنود الميزانية، وطلبات الأسلحة، وتفويضات الدوريات. في إطار هذه الهيكلية، نشأت وحدات “سيور حافوت” (“دوريات المزرعة”) جديدة لتأمين الأراضي خارج حدود المستوطنات، بتمويل من نفس ميزانيات وزارة الدفاع التي تمول فرق “كيتوت كونينوت”.
وبحلول مايو/ أيار 2024، عندما بدأ الجيش في تقليل انتشار قوات “الهاغمار”، كانت شبكة ميليشيات موازية تتماشى مع الحرس الوطني لبن غفير وأولويات سياسة سموتريتش قد ترسخت بالفعل بقوة. والآن يفكر الجيش في مزيد من تقليص القوات في الضفة الغربية، ونقل مسؤوليات الأمن إلى “عناصر محلية”، وفقًا لجيروزاليم بوست.
وعلى مواقعها الإلكترونية، تصف المجالس الإقليمية في الضفة الغربية أدوارها بعبارات غامضة عمدًا؛ حيث يتباهى مجلس جنوب الخليل بـ”إنشاء والحفاظ على العناصر الأمنية المحلية”؛ ويتعهد مجلس وادي الأردن بـ”تحديد المكونات الأمنية بالتنسيق مع القوات الأمنية”؛ ويعد مجلس بنيامين بـ”تحسين والحفاظ على المكونات الأمنية المحلية”.
وقال أحد السكان من جنوب الخليل لموقع “دروب سايت” بشرط عدم الكشف عن هويته. “إنهم لا يميزون حتى بين الـ”هاغمار” وفرق الاستجابة السريعة، الجميع الآن يرتدي الزي الرسمي”، وأضاف: “أعرف الكثير منهم بالاسم. البعض لديه سجلات جنائية. الآن تم منحهم الزي الرسمي”.
المصدر: دروب سايت
