ترجمة وتحرير: نون بوست
أجرى مسؤول رفيع في مكتب الشؤون السياسية-العسكرية زيارة إلى إسرائيل الأسبوع الماضي، بالتزامن مع إطلاع أعضاء في الكونغرس على تفاصيل ومجريات المحادثات
تراجع إدارة ترامب «التفوق العسكري النوعي» لإسرائيل بالتزامن مع دراستها إبرام صفقات أسلحة كبرى محتملة مع كلٍّ من السعودية وقطر، وهي صفقات تخشى إسرائيل أن تُخلّ بتوازن القوى العسكرية في الشرق الأوسط، بحسب ما أفاد به مسؤولان أميركي وعربي لصحيفة «ميدل إيست آي».
وأفادت «ميدل إيست آي» بأن ملف «التفوق العسكري النوعي» طُرح للنقاش خلال الأسابيع الماضية في إطار صفقات الدفاع مع دول الخليج.
وبحسب المسؤوليْن العربي والأميركي، عقد كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين اجتماعات مغلقة ومشددة السرية مع أعضاء في الكونغرس داخل الكابيتول، تناولت صفقات الدفاع المحتملة.
وكشفت «ميدل إيست آي» أن مسؤولاً رفيعاً في وزارة الخارجية الأميركية زار إسرائيل الأسبوع الماضي، في خطوة تهدف جزئياً إلى تهدئة المخاوف الإسرائيلية.
وأوضح المسؤول الأميركي للصحيفة أن الإدارة تعمل على تحضير مواقف وإستراتيجيات محددة قبل نهاية العام، تمهيداً للقاء المرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ومن المتوقع أن يصل نتنياهو إلى ولاية فلوريدا في 29 ديسمبر/كانون الأول، بحسب تقارير إعلامية.
وأكد المسؤول العربي أن الإدارة الأميركية تراجع ملف «التفوق العسكري النوعي» ضمن مناقشاتها حول مبيعات السلاح إلى كلٍّ من السعودية وقطر، معرباً عن شكوكه في إمكانية التوصل إلى أي تفاهم جديد قبل نهاية العام.
ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية على طلب «ميدل إيست آي» للتعليق حتى وقت النشر.
وبحسب المصدرين الأميركي والعربي، شملت المناقشات في الكابيتول أعضاء من لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ولجنة القوات المسلحة في مجلس النواب.
وفي السياق ذاته، زار مسؤول رفيع في مكتب الشؤون السياسية-العسكرية بوزارة الخارجية، الجهة المشرفة على مبيعات السلاح، إسرائيل الأسبوع الماضي لإجراء محادثات تناولت ملف «التفوق العسكري النوعي»، وفق ما أفاد به المسؤول الأميركي.
والتقى أيضًا السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام برئيس الوزراء الإسرائيلي يوم الأحد. وفي تصريحاته العلنية، لم يتطرق غراهام إلى صفقات السلاح، مكتفياً بالإشارة إلى أنه تلقّى إحاطة بشأن إعادة تسليح حركتي حماس وحزب الله، إلى جانب برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.
الكونغرس وصفقات السلاح مع الخليج
وتنظر إدارة ترامب في صفقتين كبيرتين محتملتين لبيع أسلحة إلى كلٍّ من قطر والسعودية، وفق تصريحات رسمية وتقارير إعلامية.
وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال اجتماع عقده في نوفمبر/تشرين الثاني مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أن إدارته ستبيع مقاتلات «إف-35» للمملكة. وأوضح ترامب علناً أن إسرائيل تضغط من أجل تزويد السعودية بنسخ أقل تطوراً من تلك الموجودة في ترسانتها.
وقال ترامب مخاطباً ولي العهد: «أعلم أن إسرائيل تفضّل أن تحصلوا [السعودية] على طائرات أقل مستوى، ولا أعتقد أن ذلك يرضيكم كثيراً. وأعتقد أن الطرفين [السعودية وإسرائيل] وصلوا إلى مستوى يؤهلهما للحصول على الأفضل».
وفي السياق ذاته، أفادت القناة 12 الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، بأن الولايات المتحدة وقطر تجريان محادثات بشأن صفقة محتملة لبيع مقاتلات «إف-35». ولفت التقرير إلى مخاوف إسرائيلية من أن يؤدي تدفق صفقات السلاح إلى الدول العربية إلى تقويض تفوقها العسكري النوعي.
وفي موازاة ذلك، لا تزال إدارة ترامب تعمل على بلورة اتفاق دفاعي أميركي–سعودي، قال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون لموقع «ميدل إيست آي» إنه قد يفتح المجال أمام تسريع إتمام صفقات لشراء معدات عسكرية أكثر تطوراً. ولم يوقّع وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث الاتفاق حتى الآن.
وقال مسؤول غربي لـ«ميدل إيست آي» إن العمل على الاتفاق جرى بعيداً عن الأضواء، في وقت تسعى فيه الإدارة إلى تأمين دعم المشرّعين.
وتُعد خطوة إدارة ترامب بإطلاع الكونغرس على صفقات محتملة مع السعودية وقطر لافتة، خصوصاً في ظل نهج البيت الأبيض القائم على حصر عملية صنع القرار ضمن دائرة ضيقة من مستشاري الرئيس.
وكان ترامب قد همّش في السابق دور السلطة التشريعية في ملفات عسكرية، من بينها الضربات على فنزويلا، معتبراً أن أعضاء الكونغرس «يسربون المعلومات كالغربال».
غير أن تمرير أي صفقة أسلحة مستقبلية يتطلب، على الأرجح، تأييد مشرّعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي داخل لجان العلاقات الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب.
وبموجب أعراف معمول بها منذ سنوات، يملك رئيس اللجنة أو العضو الأرفع رتبة فيها، سواء في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، صلاحية فرض «تعليق غير رسمي» على صفقات السلاح بعد تلقي إخطار غير رسمي من الإدارة.
ولهذا النوع من الاعتراضات تأثير عملي مباشر على مسار صفقات بيع الأسلحة.
فعلى سبيل المثال، شهد عام 2024 قيام العضو الأرفع رتبة في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بعرقلة صفقة بيع مقاتلات «إف-15» لإسرائيل في مرحلتها الأولى، ما حال دون إخطار المشرّعين رسمياً بالصفقة في ذلك الوقت.
«التفوق» الإسرائيلي
وشنت إسرائيل هجوماً على قطر في سبتمبر/أيلول، عندما نفّذت غارات استهدفت مفاوضي حركة حماس في الدوحة. وفي السياق ذاته، لم يُخفِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معارضته لبيع مقاتلات «إف-35» المتقدمة إلى السعودية.
وقال نتنياهو، في مقابلة باللغة العبرية أُجريت في نوفمبر/تشرين الثاني وجرى تداولها على نطاق واسع عبر منصة «إكس»، إنه أجرى «محادثة مطوّلة» مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي شدد على التزام الولايات المتحدة بمواصلة الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في كل ما يتصل بتزويد دول الشرق الأوسط بالأسلحة والمنظومات العسكرية.
ويعود مفهوم «التفوق العسكري النوعي» الإسرائيلي في مجال التسليح إلى حقبة الحرب الباردة.
ففي عام 1979، توسطت الولايات المتحدة في إبرام معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر، التي كانت آنذاك القوة العسكرية الأبرز في العالم العربي، إلى جانب إيران في عهد الشاه. وقد ارتكزت الضمانات الأميركية للسلام على تقديم مساعدات عسكرية لمصر، مع حرص إسرائيل على أن تبقى تلك المساعدات دون مستوى الأسلحة التي تحصل عليها هي.
وفي عام 2008، قام الكونغرس الأميركي بتكريس مبدأ «التفوق العسكري النوعي» لإسرائيل في تشريع قانوني، نصّ أيضاً على إجراء تقييمات دورية لمبيعات الأسلحة الأميركية إلى الدول العربية.
ويمكن تعديل قدرات مقاتلات «إف-35» بالخفض أو الرفع تبعاً لحزم التجهيزات، بما في ذلك أنظمة الرادار وخصائص التخفي، على غرار اختلاف مستويات تجهيز السيارات.
وتحظى إسرائيل بإمكانية وصول غير مسبوقة لإجراء تعديلات على أنظمة الأسلحة الأميركية.
ووفق ما أفاد به موقع «ميدل إيست آي»، عدّلت إسرائيل نسختها من الطائرة الحربية «إف-35 آي أدير» لتزويدها بخزانات وقود خارجية من دون المساس بقدراتها التخفيّة. وقد مكّنت هذه التعديلات إسرائيل من تنفيذ طلعات جوية لمقاتلات «إف-35» لمسافات تمتد آلاف الأميال ذهاباً وإياباً إلى إيران من دون الحاجة إلى التزود بالوقود، خلال هجومها المفاجئ على إيران في يونيو/حزيران.
المصدر: ميدل إيست آي
