ترجمة وتحرير نون بوست
يتفق أخصائيو الاقتصاد في العالم على أن القارة السمراء تمضي بثبات إيجابي نحو التطور الاقتصادي باعتبار أن ستة من أصل العشر اقتصاديات الأكثر تطورًا في العالم تعود لدول أفريقية، كما أن ما يُناهز 10 بالمائة من الاستثمارات المباشرة الأجنبية في العالم يتم توجيهها لدول القارة، وحسب البنك العالمي، تمكّنت ثلثي الدول الأفريقية من تحسين مناخات الاستثمار فيها وفق ما ورد في تصنيف Doing Business، بالإضافة إلى أنه بالمقارنة مع نفس التصنيف في نسخته السابقة، شهدت عشر دول في العالم تقدمًا من بينها خمس أفريقية، ورغم كل هذه المؤشرات المشجعة فإن الاستثمار في أفريقيا ليس دائمًا بالأمر اليسير خاصة لدى الوافدين الجدد من المستثمرين الأجانب.
مسارات متعددة سبق وأن اقترحها مسيرو كبار الشركات الوجودة في القارة السمراء، فخلال القمة الرابعة لإدارة المخاطر المتعلقة بالاستثمار في أفريقيا التي انعقدت في ميونيخ الألمانية يوم 25 فبراير، قدم المدير العام لشركة “إيكوبانك”، ألبير آسيان، ست خطوات للأخذ بعين الاعتبار لدى كل من يرغب في ولوج السوق الأفريقية، وهي تباعًا الانطلاق بتحديد أي المجالات تُوازن أكثر بين حجم الأخطار وحجم الأرباح المتوقعة حتّى يُوجه الاستثمار نحو قطاع مربح مع هامش مخاطر يمكن السيطرة عليه، بالإضافة إلى وجوب تحسس السوق المحلية ودراستها جيدًا بهدف حسن اختيار الشركاء والمتعاونين المحليين، كما أشار آسيان إلى ضرورة التمكّن من المنظومة القانونية المحلية الخاصة بالدولة المُزمع الاستثمار فيها ناهيك عن أهمية الاطلاع على وضع البنية التحتية نظرًا لأهميته.
وحسب تقرير مجموعة نلسون الصادر في 27 فبراير، فإن الحوكمة الرشيدة وحدها لا تكفي لإنجاح الاستثمار في أفريقيا، إذ يشير التقرير إلى أنه يجب على المستثمرين أن يدرسوا السلوك الاستهلاكي للمستهلك الأفريقي فيما يتعلق بالبيع بالتفصيل والسوق الاستهلاكية في علاقة بمؤشرات الماكرو-اقتصاد حتى يخضع وضع الإستراتيجيات الإنتاجية لمؤشرات دقيقة ومحينة بطريقة تسمح بالتفاعل السريع مع المتغيرات الكثيرة في الدول الأفريقية.
ثلاث خطوات أساسية
السوق الأفريقية سوق ضخمة باحتوائها على 350 مليون مستهلك ينتمون حسب الدراسات إلى الطبقة المتوسطة، وبناء على هذا المعطى، قدّر تقرير مؤسسة نيلسون بأن الشركات والمؤسسات التي ترسم إستراتيجياتها بناء على ما يتوفر من معطيات حول البيع بالتفصيل للمنتجات الحديثة والتقليدية بالإضافة إلى إحصائيات تُلخص سلوك المُستهلكين وتأثّره بالمناخ الاقتصادي المحلي، هي المؤسسات المؤهلة أكثر لحسن اختيار نوعية نشاطها وإنتاجها لأنها تعلم وبدقة من يشتري ماذا وأين وبإمكانها ضبط خطط واضحة في علاقة بانتقاء اليد العاملة أو من خلال توزيع المنتوج.
في ذات السياق، هذه الشركات تحتاج أيضًا أن تحدد أفضل نقاط البيع والشبكات التي يمكن التعويل عليها لبيع المنتج بالتفصيل، كما أنّها مطالبة باستثمار المؤشرات التي سبق وأن تحدثنا عنها (دراسة السلوك الاستهلاكي) لاختيار شكل وحجم منتجها وتصميمه حسب ما يروق للمستهلك الأفريقي.
وبالإضافة إلى كل ما سبق، وبعد تحديد مجال النشاط ونوعية المنتج وشكله وشبكات توزيعه، تحتاج هذه الشركات لخلق طلب على منتجاتها عبر التسويق الناجح والذكي.
أفريقيا ليست كيانًا موحدًا
السوق الأفريقية تتطور بسرعة سواء من خلال حجمها العددي أو من خلال قدرتها الشرائية؛ فالقارة أضحت مغرية وباتت تقدم وعودًا وفرصًا استثنائية للأنشطة التجارية والتصنيعية الموجهة لعامة الناس والمتعلقة بحياتهم اليومية.
ورغم اشتراك الأفارقة عمومًا في ارتفاع مؤشرات استهلاكهم وقدراتهم الشرائية، فإنه لا يمكن الحديث عن حاجة معينة قد تهمهم جميعًا، فالاحتياجات متنوعة وتفرق بين دولة وأخرى، وهو ما أشار إليه المدير العام لشركة “إيكوبانك” الذي أوصى المستثمرين الأجانب بتجاوز الفكرة المغلوطة التي تصور أفريقيا على أنها وحدة منسجمة وبوجود فوارق جوهرية بين الدول الأربع وخمسون التي تشكل القارة سواء من خلال آفاق الاستثمار أو البنية التحتية والأنظمة الضريبية أو حتى على مستوى الثقافات ومستوى مواكباتها للتطور التكنولوجي.
المصدر: هافنغتون بوست الفرنسية