بدأت العلاقات التركية الكويتية في ظل الدولة العثمانية ومرت بتفاصيل كثيرة خلال الصراع بين الدولة العثمانية وبريطانيا في منطقة الخليج منذ عام 1899 وحتى 1903، لكن مع ظهور واستقلال الدول بشكلها السيادي الحديث بدأت العلاقات الرسمية بين الكويت وتركيا في العام 1969، حيث تم توقيع اتفاقية إقامة العلاقات الدبلوماسية والتي مهدت لافتتاح السفارات في عام 1970.
ومنذ ذلك الحين وإلى عام 2002 مرت العلاقات بعدد من المحطات ووُقعت العديد من الاتفاقيات، لكن المحطة الأبرز كانت في الموقف التركي من الغزو العراقي للكويت؛ حيث رفضت تركيا الغزو العراقي واعتبرته عدوانًا وفتحت قواعدها أمام قوات التحالف الدولي لتحرير الكويت، كما ساهمت من خلال مشاركة عدد من القادة الأتراك في عمليات التحالف الدولي، فضلًا عن قرار وقف ضخ النفط من الآبار العراقية التي تمر عبر تركيا، وقد ساهم هذا الموقف في تحسين العلاقات التركية الكويتية، حيث توجه أمير الكويت الراحل جابر الصباح بزيارة أنقرة، تلا ذلك زيارة الرئيس التركي سليمان ديمريل للكويت في عام 1997 وخلال هذه الفترة تم توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية.
ومع قدوم حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا في نوفمبر 2002 تزايدت تدريجيًا رغبة تركيا في تمتين العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، ومن ضمنها دول مجلس التعاون الخليجي، وقبيل الفوز الثاني لحزب العدالة والتنمية في 2007 وصل إلى سدة الحكم في الكويت الأمير الـ15 للبلاد، الأمير صباح الأحمد الصباح، وقد سار هو الآخر قدمًا في طريق تمتين العلاقة مع تركيا التي زارها في 2008، 2009، و2023، وكذلك الحال زار كل من الرئيس التركي السابق عبدالله غل الكويت 3 مرات في 2009، 2011، و2014، فيما زارها الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان في أبريل من العام الحالي، والذي زار الكويت مرتين عندما كان رئيسًا للوزراء.
وقد تكللت هذه الزيارات بتوقيع العديد من الاتفاقيات التي أسهمت في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، والذي تخطى حاجز 700 مليون دولار مع نهاية عام 2014، وفي هذا السياق ينبغي الإشارة إلى وجود أكثر من 80 شركة كويتية تعمل بشكل مباشر في مجال الاستثمارات في تركيا، فيما بلغ عدد الشركات التي تعمل برأس مال كويتي إلى أكثر من 160 شركة.
ولعل من الأمثلة الناجحة على الشراكة التركية هو بنك الكويت ترك الذي تم تأسيسه في العام 1989، والذي يملك 260 فرعًا في تركيا، ويعد من البنوك الإسلامية الناجحة في تركيا والتي يقصدها العرب المقيمون في تركيا ويفضلونه في تعاملاتهم.
ومن الأمور التي يمكن أن تُضاف أن تركيا تعد وجهة مفضلة للسائحين الكويتيين فقد زار تركيا في العام الماضي أكثر من 130 ألف مواطن كويتي.
هناك التقاء سياسي بين تركيا والكويت في عدد من الملفات السياسية؛ ولعل إحداها الموقف من الثورة السورية والمساهمة الكويتية في تخفيف العبء عن الحكومة التركية في ملف استضافة اللاجئين السوريين وبناء الوحدات السكنية لهم، وكذلك فإن انسجام الموقف التركي مع الموقف الخليجي بخصوص ما يجري في اليمن يعد نقطة إيجابية في مجال التفاهم بين الكويت وتركيا وبقية دول الخليج.
ولعل أحد نقاط عدم الالتقاء هي الموقف من النظام المصري الحالي والذي تعتبره تركيا انقلابًا ضد إرادة الشعب المصري، لكن هذه النقطة لا تعد عائقًا أمام البلدين في تطوير علاقاتهما، خاصة إذا استدعى الموقف تعاونًا في مواجهة النفوذ الإيراني في كل من سوريا والعراق واليمن.
تشير اللقاءات المستمرة على أعلى مستوى بين قيادات البلدين على الحرص والاهتمام بملف تطوير العلاقات، وقد ظهرت بوادر إيجابية في احتفال السفارة التركية في الكويت بذكرى استقلال تركيا قبل الانتخابات التركية بيوم واحد؛ حيث شارك في الحفل رئيس مجلس الأمة الكويتي ووزير التجارة وكبار الشخصيات الذين صرحوا بأهمية العلاقة وضرورة تطويرها.
ومن الأمور المهمة أيضًا هو موضوع الطاقة الذي تحتاجه تركيا، وتقدم نفسها كدولة وسيطة أيضًا في عملية إيصال الغاز والنفط من آسيا إلى أوروبا، وهو من المواضيع التي تصب في اتجاه تمتين العلاقات.
ولعل الحاجة الماسة إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة تعد عاملًا مهًما نحو توحيد الجهود المشتركة خاصة في ظل صراع الأجندات، ولعل وجود تركيا في معادلة العلاقات بين دول مجلس التعاون وإيران وارتباط ذلك بسياسة الولايات المتحدة يجعل من تركيا عنصرًا مهمًا في أي إستراتيجية خليجية، وكذلك الحال للخليج في الإستراتيجية التركية.
يبقى من المهم الإشارة إلى وجود حاجة إلى مزيد من المبادرات التعاونية بين البلدين في كافة المجالات وتكثيف التنسيق لتطوير العلاقات، التي يمكن وصفها بأنها علاقات جيدة.