نحن نشاهد في أفلام الكرتون اللاخيالية، الساحر وهو يمسك بعصاه، ويحرك الأشياء في الهواء، يقربها ويبعدها، أو يثبتها ليتركها معلقة في المنتصف دون أن يلمسها، لكن الشيء المفاجئ هو أن هناك فريقًا من المهندسين في بريستول تمكن من صنع جهاز يستطيع القيام بهذا بالضبط في الحقيقة، عن طريق استخدام “هولوغرام” مكون من الموجات الصوتية.
الفريق قام بتجريب هذا الجهاز مع الأشياء الصغيرة فقط حتى الآن، مثل أشياء بحجم حبة البازلاء، لتتحكم بها على بعد 30 إلى 40 سنتيمترًا، وقد قال الفريق إن هذا الأمر قد يساعد في تطوير أدوات جراحية تعمل عن بعد.
الجهاز العجيب يقوم على فكرة، أن الشيء يمكن أن يبقى في موضعه معلقًا في الفضاء إذا تمت إحاطته بموجات صوتية عالية الشدة جدًا، وإذا تم تغيير نمط تشكل هذه الموجات، فإن الهدف يمكن أن يتحرك.
الباحثون قاموا ببرمجة شبكة من مكبرات الصوت كي تطلق موجات فوق صوتية معقدة، وذات أنماط متغيرة، وأشكال مختلفة مكونة من موجات تفاعلية تشبه الملقط، أو الزجاجات، أو مشابهة لأعاصير صغيرة، لتحرك الشيء في المكان المراد، هذه الأشكال الفراغية ثلاثية الأبعاد، استطاعت التحكم بحركة خرز صغير وصل قطره إلى 5 مليمترًا، ويمكن للجهاز أن يحركه في أفق واحد، فوق أو تحت، لأن الحركة في كل الاتجاهات تتطلب أن يكون محاطًا بشكل كلي بمكبرات الصوت.
وقد قال البروفيسور بروس درينكووتر من جامعة بريستول وأحد مؤلفي هذه الدراسة، أن الشيء السحري الذي يمكن أن نستفيد فيه من هذه التقنية، هو توصيل الدواء إلى الهدف بطرق مبتكرة، مضيفًا أن فريقه يأمل أن يطبق ابتكارهم على نطاق صغير في المجال الطبي مثلًا، وعلى نطاق كبير في التعامل مع المواد الخطرة، حين نريد تحريك الأشياء بدون لمس.
هذه ليست المرة الأولى التي تتناول فيها دراسة هذا الأمر، فقد كانت هناك الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين في جامعة دوندي، ونشرت العام الفائت، وقد أظهروا فيها أن موجات الصوت تستطيع أن تجر غرضًا ما ناحية مصدر الصوت، وقد قال البروفيسور درينكووتر إنه استلهم جهازه المبتكر من هذا البحث أول مرة، مضيفًا أنه كانت نقطة بداية تفكيرهم أن شيئًا كهذا قد يكون ممكنًا، فقد أثبتوا أن هذه القوة موجودة وأنهم استطاعوا قياسها بالتجربة، لكنهم لم يتمكنوا من إمساك أي غرض بشكل ثابت في الهواء .
وقد قال أحد مؤلفي الدراسة الأولى، الدكتور مايكي مكدونالد، إن هذا العمل من جامعة بريستول، كان إثباتًا لطيفًا جدًا لقوة هذه التكنولوجيا.
الفارق الأساسي بين العملين، كما شرح، هو أن فريق جامعة بريستول قد قام ببناء مكبرات الصوت الخاصة به من الصفر، ما جعله قابلًا للتكيف جدًا، أما فريق جامعة دوندي فقد استخدم جهازًا حائزًا على الموافقة الإكلينيكية في مجال الطب من قبل، مصمم للتركيز على الجراحات فوق الصوتية، ثم قاموا ببرمجته لكي يكون نفس نوع الأشكال “الهولوغرام” فوق الصوتية التي يريدونها، أما فريق بريستول، فقد كان لديهم نظام التشغيل الخاص بهم للجهاز، لهذا كانت لديه قابلية أكبر للبرمجة، والتي سمحت لهم بتغيير الأشكال الصوتية التي تحدث في الحقيقة، الجهاز الجديد مختلف تمامًا عن الأول، لكن في نفس الوقت الفرق ليس شاسعًا تمامًا.
تخيل إذا أمكنك أن تقتني في المستقبل نسخة مطورة من هذا الجهاز، ما الذي تريد استخدام “عصا الساحر” فيه، أو تخيل مشاهدة عملية جراحية تتم بها، الأمر مثير.