صرح رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، عبر العديد من وسائل الإعلام التركية، وبالتحديد بتاريخ 28 أكتوبر 2015، بأن “الطائرات العسكرية التركية قامت بضرب عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي مرتين خلال الأسبوع الماضي، وذلك بسبب مخالفته لشروط تركيا الحُمر تجاهه”.
كما أوضح داود أوغلو، في أحد اللقاءات التليفزيونية، أن خطوط تركيا الحمر تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي “بي يي دي” وجناحه العسكري وحدات الحماية الشعبية “يي بي جي”، هي كالتالي؛ محاولة أحد عناصر تلك الوحدات الدخول إلى تركيا لدعم جماعات معينة، الاتجاه إلى الغرب من الفرات في سوريا، وإمداد حزب العمال الكردستاني “بي كي كي” بالسلاح والعتاد، وأكد داود أوغلو أنه في حال خالف بي يي دي أحد تلك الشروط ستقوم تركيا ودون أي تردد بضربه بلا “شفقة”.
هذه التصريحات ألقى بها رئيس الوزراء التركي قبل ظهور أزمة إسقاط الطائرة الروسية للسطح، ولكن اليوم بعد طفو تلك الأزمة التي نجمت عن إسقاط قوات الجو التركية لطائرة حربية روسية مُخترقة لأجوائها على السطح، تغيرت قواعد اللعبة وأصبحت تركيا أمام تهديد روسي جلي يتحداها بأن تجرؤ على الإقدام على التحليق فوق الأراضي السورية كما كانت في السابق.
في ظل هذا التحدي الروسي الذي يحد من التحرك التركي فوق الأراضي السورية وفي ظل إعلان بعض الوسائل الإعلامية في 28 ديسمبر 2015، أن عناصر الاتحاد الديمقراطي تخطت غرب الفرات متجهةً نحو جرابلس المحاذية للحدود مع تركيا التي تهدف إلى إنشاء منطقة عازلة ما بين جرابلس وأعزاز لإيواء اللاجئين، يُصبح سؤال هل سيكون بوسع تركيا صد بي يي دي عن التقدم تجاه غرب الفرات، السؤال الذي يطرحه المتابعون للقضية السورية.
تحاول تركيا اليوم منع حزب الاتحاد الديمقراطي من السيطرة على المزيد من البقع الجغرافية لكبح تمدده وتأسيسه لدولته الكردية المزعومة وبالتالي ازدياد مساحة سيطرته الجغرافية والسلطوية في شمال سوريا وإمداد حزب العمال الكردستاني “بي كي كي” المتمرد في تركيا، بالدعم اللوجستي والعسكري، الأمر الذي يفسد الأمن والاستقرار في تركيا، ويجعل تركيا أمام تحدي إستراتيجي يتمثل في طموح حزب العمال الكردستاني “بي كي كي” إعلان استقلاله الذاتي في بعض المناطق التركية، اقتداءً بحزب الاتحاد الديمقراطي الذي أعلن ذلك في شمال سوريا.
وإن لم يكن بإمكان تركيا إيقاف تقدم حزب الاتحاد الديمقراطي جوًا، فيمكن لها إيقاقه من خلال تضخيم حجم الدعم اللوجستي لقوات المعارضة السورية المعتدلة المتواجدة في جرابلس، لا سيما في ظل محاذة جرابلس وغيرها من المناطق المحيطة لحدودها بشكل مباشر.
لا يوجد اليوم أمام تركيا سوى الحرب بالوكالة لكي تتمكن من إحباط تحرك بي يي دي نحو غرب الفرات، وذلك لأن روسيا لن تدع فرصة إسقاط الطائرات التركية المُحلقة فوق الأجواء السورية أن تفلت من يدها إطلاقًا، فإذا كانت فرصة القصف الجوي غير ممكنة، فلا تبقى سوى فرصة الحرب بالوكالة سانحة أمام القيادة التركية.
بعد عزم الاتحاد الديمقراطي على التقدم نحو غرب الفرات مهددًا بذلك المصالح التكتيكية والإستراتيجية، فإن شواهد دعم تركيا لفكرة الحرب بالوكالة من خلال تزويد الدعم اللوجستي للقوات المعتدلة ستظهر في الأفق القريب.
المصدر: ترك برس