كيف نصدق أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لملايين الفلسطينيين الذين يقطنون في الأردن ويحملون الجنسية الأردنية؟
إن ما ينطبق على فلسطينيي الأردن ينطبق على الفلسطينيين الذين انغرسوا فوق تراب فلسطين المغتصبة سنة 48، فكيف تتدعي منظمة التحرير الفلسطينية أنها الممثل الشرعي والوحيد لهم، وهي التي اعترفت بإسرائيل التي منحت الفلسطينيين جنسيتها، فصاروا إسرائيليين؟
إن حديث السيد محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حيث وجد، فيه تشويه للحقائق العنيدة، والتفاف على حق الشعب الفلسطيني في اختيار قيادته بشكل ديمقراطي أسوة بكل الشعوب المتحضرة، والتي ترفض أن تظل أسيرة لشعار تجاوزه الواقع.
إن القول بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني يقتضي التسليم بأن من حق الشعب الفلسطيني وحده أن يمنح هذه المنظمة شرعتيها، فمتى منح الشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية شرعيتها؟
متى أطلق الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات يد منظمة التحرير كي تكون قائدة وحيدة له، وممثلًا شرعيًا وحيدًا له، تتفرد وحيدة بالقرار، وتنوب عنه في التفكير والتدبير؟
إن التسليم بوحدانية التمثيل هو تسليم بالعبودية؟ فهل يقبل الشعب الفلسطيني أن يكون عبدًا لغير الله الواحد القهار؛ الذي سلمنا له مقادير حياتنا اعترافًا منا بقدرة الخالق التي لا ترتقى إليه عقولنا الآدمية، فكان إلهنا الواحد الذي لا شريك له.
فهل تمتلك منظمة التحرير الفلسطينية قدرات الخالق الجبار وكفاءته لينقاد لها الشعب الفلسطيني عبدًا مطيعًا، ويخضع لها ممثلاً شرعيًا وحيدًا له؟
ألا تعني وحدانية التمثيل للشعب الفلسطيني ديكتاتورية القرار، وتغييب الصوت المعارض، وطمس الرأي المبدع، والتسليم بالفردية المفرطة المتسلطة على قرار الشعب؟
ألا يحق للفلسطيني أن يتساءل عن الجهة التي أعطت لمنظمة التحرير الحق المطلق في تمثيل الشعب الفلسطيني؟ ومن صاحب الصلاحية في تفويض قيادة المنظمة للعمل باسمه، وهل من قيادة على وجه الأرض تحظى بتفويض كامل، وإلى الأبد، دون منافسة، ودون مناقشة، ودون مساءلة ودون تغيير، ودون تعديل، ودون محاسب، ودون ضبط مسار؟
الرئيس محمود عباس يلقي خطابه في مقر الأمم المتحدة – نيويورك
في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كرر محمود عباس القول، بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولكن نتانياهو لم يقل في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الإسرائيلي، فهذا شأن يخص المجتمع الإسرائيلي وحده، ولا يسمح نتانياهو للمجتمع الدولي بأن يتدخل في تحديد شرعية ممثل الشعب الإسرائيلي.
في اتفاقية أوسلو، اكتفت منظمة التحرير الفلسطينية بالاعتراف الإسرائيلي بها ممثلًا شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني، بدل الاعتراف الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة، في الوقت الذي لم تطلب إسرائيل من منظمة التحرير أن تعترف بالحكومة الإسرائيلية ممثلًا شرعيًا وحيدًا للشعب الإسرائيلي، فالحكومة الإسرائيلية منتخبة من الشعب الإسرائيلي بشكل مؤقت، وترفض أن تهين نفسها بهذا الطلب، فجاء اعتراف المنظمة بدولة إسرائيل.
بعد اعترافها بدولة إسرائيل، وبعد صمتها على التنسيق الأمني، لم تعد منظمة التحرير الفلسطينية هي البيت المعنوي لكل الشعب الفلسطيني، وعليه فإن من حق التنظيمات السياسية والتجمعات الوطنية ورجال الفكر أن يجاهدوا لعودة منظمة التحرير إلى أصولها السياسية والوطنية في غضون ستة أشهر، وفي حالة الفشل، فعلى كل القوى السياسية والحزبية أن تفتش عن بيت معنوي فلسطيني جديد، لا يعترف بأن أرض فلسطين المغتصبة قد صارت إسرائيل.