بث الدكتور عبد الله محمد المحيسني البارحة شريطاً على موقع اليوتيوب ذكر فيه جميع المبادرات والحوادث التي جرت معه شخصياً مع الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش – وبين الكتائب الأخرى، ومحاولاته الحثيثة لعدم دفع الوضع إلى الانفجار.
وقال المحيسني في بداية الرسالة: “قبلَ أن أَشْرعَ في المقصود أقولُ لكل سامعٍ له: أسألُك بالله الذي لا إلهَ غيرُه أن تسمعَ مقالتي هذه متجرداً عن كلِ شيءٍ عدا مراقبةِ اللهِ واتباعِ أمرِ رسولِه صلى الله عليه وسلم فدعْ موقفَكَ من قائلِه وخذْ دليلَه، فإن الموقفَ اليومَ عظيمٌ، وإن الحديثَ هو حديثٌ عن ساحةِ جهادٍ سالت فيها دماءُ طاهرةٌ”.
ثم ذكر أولى مبادراته في “المحكمة الإسلامية” لتكون مرجعاً واحداً ثابتاً بين جميع الكتائب، الأمر الذي قبل به الجميع إلا داعش التي قبلت في بادئ الأمر ثم رفضت جميع الحلول التي طرحها المحيسني ، ثم يضيف: ” ويعلمُ اللهُ كم اتُّهِمْتُ وخُوِّنتُ بسكوتي عن الدولةِ، ولكن تحملتُ ذلك كلَه رغبةً في مصلحةٍ اجتهدتُ فيها، عسى أن يهديَ اللهُ إخوانَنَا في الدولةِ بالقبولِ بالمحكمةِ الشرعيةِ”.
ومن إحدى القصص التي يرويها المحيسني في رسالته، يقول أن لما قتل الشهيد محمد فارس من أحرار الشام وقطع رأسه على يد عناصر داعش رفضت هذه الأخيرة أن يكون جزءاً من المحكمّين، ولما قتل آخر من داعش قبلت به حكماً ، فيقول المحسيني في رسالته : ” فقلتُ في نفسي: كيف يرتضونني حكماً حين يكونُ الحقُّ لهم، ولا يرتضونني حكماً حين يكون الحق عليهم؟! فأَسررتُها في نفسي ولم أُبْدِهَا، قلت: عسى اللهُ أن يُيسرَ لما نحن فيه مخرجاً”.
ويضيف المحيسني عن أول الأحداث التي شهدتها منطقة الأتارب في حلب لما اجتاحت داعش الأتارب بالسلاح الثقيل والفوج 46 ثم اشتعلت باقي المناطق: “ولن أنسى ذلك اليوم حينما خطبتُ في جامعِ الأتارب قبلَ الأحداث، فاحتشد الناسُ حولي يشكونَ لي مظالمَ كبيرةً وقعتْ عليهم من الدولةِ، ولا أَملِكُ لهم حولاً ولا قوة، وإني لأقسمُ بالله لقد رأيتُ مظالمَ يشيبُ لها الولدانُ، ارتُكبتْ مِن قِبَلِ الدولةِ في الشامِ، وكانت سبباً لما وصلنا له اليوم، والله المستعان”.
ثم يكمل: “فكم رأينا من معتقلين في السجونِ بلا ذنبٍ أو تُهمة.. وكم رأينا قتلاً بالشُّبهة وتصفياتٍ لمعتقَلين، ولعل آخرَها في هذه الأحداث حينما كنت أتفاوضُ لإطلاقِ سراحِ إخوتي أسرى الدولة ومبادلتِهم، ففوجئتُ بقاضيْ الدولةِ يقولُ: قد اجتهدنا فصفّيناهم.. فَصُعِقْتُ من هذا الكلام، وقلتُ: هل ترونهم مرتدين؟ قال: لا، ولكن اجتهدنا في ذلك، قلت: وإخوانُنا الأسرى الذين نريدُ أن نبادلَ بهم ما حالهم؟ فقال هذا اجتهادُنا !!
وعن حادثة قصف منطقة عويجل بالهاون من قبل داعش قتل على أثرها أطفال ونساء، يقول المحيسني في رسالته: ” وقد وقفت على ذلك بنفسي، وحين قلتُ لقادةِ الدولةِ: كيف تضربون الناسَ بالمفخخاتِ والله يقول ((وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا))؟! فقال: مفخخةٌ واحدةٌ تقتلُ عشرين يعصمُ اللهُ بها المئات!! فحسبنا الله ونعم الوكيل”.
ويضيف المحيسني أن لما عظم الأمر ذهب إلى إطلاق “مبادرة الأمة” أيدها – كما يقول المحيسني – العديد من العلماء والمجاهدين منهم الشيخ المجاهدُ أبو قتادةَ الفلسطيني وأبو محمدِ المقدسي و د. إياد قنيبي و د.يوسف الأحمد و د. أكرم حجازي والشيخ حسين محمود وغيرُهم، ثم أعلنت معظم الفصائل بمعظمها القبول بهذه المبادرة لانهاء الخلاف، إلا أن داعش رفضت القبول إلا بشروط.
وعن هذه الشروط يقول المحيسني :” وأقولُ مُعلقاً على هذه الشروط: إن هذه الشروط ليست في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم … ألم يكن واجباً على إخوانِنا في الدولةِ أن يبينوا بصراحةٍ موقفَهم من كل جماعةٍ في الساحةِ، وألا يتركوا المسألة عائمةً بين إخوانِنا جنود الدولة، فقد رأيتُ من إخوتي في الدولةِ اختلافاً كبيراً في الحكم على الفصائلِ من ردةٍ وغير ذلك”.
أما عن حادثة زوجات المهاجرين قال المحيسني”ويعلمُ اللهُ لقد ذهبت في أكثرَ من موقفٍ فوجدتُ الأمرَ مجردَ إشاعةٍ لا وجود لها ولا أثر على أرضِ الواقعِ … فأصبح كلُّ من أراد التورُّعَ وأحجم عن القتالِ يقالُ له: كيف تخذلُ إخوانَك وكيف تتركُ أخواتِك يُغتصبن؟! فيا سبحان ربي، إن كنا حقاً نريدُ نصرةَ أخواتِنا وصيانةَ أعراضِهنَّ فلنرضَ بشرعِ اللهِ تعالى حكماً بيننا لتتوقفَ الفوضى ويستمرَّ الجهادُ فلا تُراقُ حينئذٍ الدماءُ ولا تُنتهكُ يومئذ الأعراض”.
أما عن مسلسل المفخخات التي بدأت داعش بتنفيذها في من يقول أنهم “خصومهم”، يقول المحيسني: “لما دعونا الناسَ لاعتزالِ الفتنةِ فإذا بالمفخخاتِ تضربُ في أماكنَ عامةٍ ووالذي نفسي بيده لقد وقفتُ بنفسي على كثير منها، على مفخخةٍ في دركوش انفجرتْ في مكانٍ عامٍ فسألتُ واليَ الدولةِ قلت: من استهدفتم؟ قال: قتلتْ ثلاثين من خصومِنا .. فذهبت رغم المخاطرة ووقفتُ بنفسي عليها فإذا بها لم تَقتلْ سوى من فجَّر نفسَه ورجلاً من عامةِ الناسِ وجرحتْ أربعةَ أطفالٍ، ومثلُها وقفتُ عليها في “كفر ناها” قُتلَ فيها طفلٌ ومن فجر نفسَه، وأخرى في “كفر جوم” قُتل فيها من فجر نفسَه فقط!”.
ثم يعلق المحيسني على المفخخات ” يا سبحان ربي هل أرواحُ شبابِنا رخيصةً إلى هذا الحدّ؛ فيُزَجُّ بها في المفخخاتِ لتقتلَ أطفالاً ورجالاً عصم الله دماءهم .. ثم بأيِّ حقٍّ تُفجّرُ المفخخاتُ في مقرّاتِ إخوانِكم من الأحرارِ والتوحيدِ وغيرِهم فتقتلَ إخوانًا لكم يجاهدون ولم يثبتْ على أعيانِهم دمٌ ولا رِدّةٌ؟ ثم على فرضِ أنّ بينَكم وبين فصائلِهم مظالمُ؛ أفيكونُ القصاصُ بهذا الشكلِ؟
ألم يقُلِ اللهُ: ((وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا))
يا الله، ماذا سيفعلُ من فخَّخَ ومن فجّرَ ومن أرسلَ ومن أيّد.. ماذا سيفعلون بـ لا إله إلا الله إذا جاءتهم يوم القيامة؟ ماذا سيقولون لذلك الطفلِ الصغير، ولذلك الشيخِ الكبير، ماذا سيقولون للنفوسِ الزكيةِ المعصومةِ التي ضربتها تلك المفخخةُ بلا ذنب.. اللهم إني أبرأُ إليك من هذه المفخخات، وتلك المتفجرات!”.
ثم يدعو المحيسني زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي إلى القبول بالتحاكم أو بقاء الدولة الإسلامية في العراق، وبقاء جبهة النصرة في سوريا كفرعين مستقلين عن تنظيم القاعدة الدولي الذي أعلن المحيسني إيمانه بها وبالسير على خطى أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.
ثم ينهي المحيسني رسالته فيقول: “نعم؛ ليست العبرةُ بالكثرةِ، ولكننا نتحدثُ عن علماءَ ربانيين ابتُلوا في ذاتِ اللهِ، وعُرفَ سبقُهم في نُصرة الجهادِ وأهلِه ..
أيها المجاهدون.. إنني أقولُها بعدَ أن وقفتُ بنفسي على كلِّ ما ذُكر، وسأُسألُ عنه أمامَ اللهِ تعالى يومَ يقومُ الحساب .. إنها شهادةٌ للهِ ثم للتاريخ”.
ثم أضاف المحيسني على حسابه في تويتر :
ولم يكن المحيسني من أول المشايخ التي ترد على داعش وتدعوهم إلى القبول بالمحاكم الشرعية ورد المظالم، بل كان من قبله الدكتور إياد قنيبي وأبو قتادة وشافي العجمي وكلهم من المحسوبين على التيار السلفي، إلا أن المحيسني هو أول الداعين داعش إلى التراجع وهو بين الدولة وباقي الكتائب داخل سوريا، وقد شهد معظم الأحداث، وهي الحجة التي كانت ترد بها داعش على من سبق المحيسني بأنه بعيد عن الأحداث.
في الوقت ذاته، أعلنت القيادة العامة لتنظيم القاعدة في بيان منسوب لها على الإنترنت أن لا صلة لها بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام المعروف بـ”داعش”، وأوضحت أن لا صلة لها بجماعة (الدولة الإسلامية في العراق والشام) فلم تخطر بإنشائها ولم تستأمر فيها ولم تستشر ولم ترضها، بل أمرت بوقف العمل بها، ولذا فهي ليست فرعا من جماعة قاعدة الجهاد ولا تربطها بها علاقة تنظيمية وليست الجماعة مسؤولة عن تصرفاتها”، ويأتي هذا البيان في الوقت دعى فيها زعيم التنظيم أيمن الظواهري في رسالة مصورة سابقة “الدولة الإسلامية” البقاء في العراق وتبقى جبهة النصرة ممثلة لتنظيم القاعدة في سوريا.
ونشط المغردون على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بعد بث رسالة المحيسني على هاشتاج #بعد_شهادة_المحيسني فقالوا:
#بعد_شهادة_المحيسني يا شباب جماعة الدولة انضموا إلى من هدفه إنقاذ هؤلاء. حمص والغوطة المحاصرتان وسجن حلب كلها تنتظركم pic.twitter.com/xAqUa2jLvp
— د. إياد قنيبي (@Dr_EyadQun) February 3, 2014
داعش قوم غدر يدخل أحدهم على أنه مفاوض في غرفة عمليات في بلدة الراعي فيفجرنفسه!! ماتقويم هذا العمل في دين الله؟ #بعد_شهادة_المحيسني
— أيمن الإبراهيم (@aimanibrahim83) February 3, 2014
#بعد_شهادة_المحيسني بساعات قليلة فقط بدأت الانشقاقات من عصابة #داعش ولله الحمد .. pic.twitter.com/ZGvdAseBpi
— مـــســـتـــنـــيــر (@BlueSam2012) February 2, 2014
اخواتي لا تهتموا لكثير من المعرفات المجهولة على تويتر
فالمحيسني معلوم ..والمجاهيل ربما ينعقون من طهران او الضاحية #بعد_شهادة_المحيسني— AboMamdou7 (@sindebad69) February 2, 2014
زادت ثقتي به وأُشهدُ الله أنني مع الحق أينما وجد وأن الله عزّ وجل ألهمني أن قولَ المحيسني حق
— حذيفة العرجي (@al_arje) February 2, 2014
نسأل الله أن يحفظك يا شيخنا من مفخخات البغاة
استودعك الله الذي لاتضيع ودائعه pic.twitter.com/GWH2Hb0o6y— م . مروان الحسن (@mr_rmo) February 2, 2014
#بعد_شهادة_المحيسني
أنت خيرنا وابن خيرنا..
وان صدقت وبينت وراقبت الله
ثم خالفت هواهم
أنت شرنا وابن شرنا..
حسبنا الله ونعم الوكيل..— بدر الخالدي (@badralkhaldi) February 2, 2014
أول مراتب التصحيح وصف الواقع على حقيقته وهذا ما فعله الشيخ المحيسني #بعد_شهادة_المحيسني
كل شيء واضح ولاينكره إلا مخادع لنفسه قبل الآخرين— Diamond Shine (ماسة) (@diashine) February 2, 2014
سيقول جنود #البغدادي أن المحسيني انضم للصحوات وسيتهمونه بالردة والكفر وسيبيحون دمه وربما يرسلون إحدى مفخخاتهم حفظه الله #بعد_شهادة_المحيسني
— Adil Fıstık (@adilfstk) February 2, 2014
#بعد_شهادة_المحيسني نقول له جزاك الله عن أهل الشام كل خير فقد كفيت ووفيت وسعيت في الحق وصدعت به فالحمد لله الذي سخرك للحق صادعاً
— Yousef Alshayeb (@yousef_ALShayeb) February 2, 2014
أما مؤيدو داعش، ردّوا على المحيسني فقالوا :
اتق الله يا @mohazalli معاذ الصفوك
أتذكر ما قال اليهود عن عبدالله بن سلام عندما أسلم
أتتشبه بهم#بعد_شهادة_المحيسني pic.twitter.com/tGvfBMfgsR— محمد مصطفى علوش (@Mohammed_Aloush) February 3, 2014