وسط جبال الأطلس الكبير، على بعد 70 كيلومترًا من مدينة مراكش الساحرة، تعترضك قرية جبلية صغيرة رائعة الجمال، تسحرك بمناظرها الطبيعية الخلابة ومؤهلاتها السياحية الكبيرة وهي تحتضن أعلى قمة جبلية في المغرب وثاني أعلى قمة في إفريقيا، لتكون بذلك قبلة عشاق السياحة الجبلية.
طبيعة خلابة ساحرة
إمليل، القرية الجبلية الساحرة التي تفتح ذراعيها لكل باحث عن الهدوء والراحة، ترحب بكل عاشق للطبيعة، متيم بجمالها أينما كانت، قرية هادئة تابعة لإقليم أزيلال الساحلي ذي المناخ الجبلي الجاف والهواء النقي المنعش وأنواع الأشجار والزهور التي تناسبه.
في هذه القرية الصغيرة الهادئة، تجد مبتغاك وضالتك التي تبحث عنها، فهي قرية خلابة ملونة بألوان الطبيعة، فيها يتعانق الجبال والسهول وأشجار الأرز والسنديان والعرعر الأحمر والوديان والعيون، مشكّلة لوحة فنية، عشقتها الأعين واشتاقت لرؤيتها القلوب واهتزت بسماع اسمها المشاعر، لوحة يتمتّع الزائر بمشاهدتها والتقاط الصور التذكارية بين ثنياها، وتمنحه الحب والهدوء والجمال الذي قل نظيره.
يعتبر تحدي صعود هذه الجبال في الثلج صعبًا جدًا، لكنه في الوقت نفسه تحد للذات
قرية ساحرة بلونها، خلابة بطبيعتها، اختارت أن تُحيك لنفسها ثوبًا وترتديه، تزاوجت فيه ألوان السماء والشلالات المحيطة والجبال الشاهقة والأشجار الوارفة، فانعكست على أرض هذه القرية الصغيرة الواقعة بين أحضان الجبال.
القادمون في رحلة البحث عن الطبيعة الخلابة، يجدون في إمليل ضالتهم، ففيها ما يجذب الناظر وما يتطلع إليه محبو الطبيعة، ففضلاً عن الجبال الشاهقة، تتميز المنطقة بعيونها المائية وينابيع الماء الساخنة والبيوت الخشبية التي زادتها جمالاً على جمالها.
تسلّق الجبال والتزلج
يكمن سحر وجمال القرية في جبالها الوعرة العريضة المزينة بنباتاتها الطبية والعطرية، وأنواع الطيور الرائعة مثل النسر الذهبي ونسر بونيللي والنسر الممهد، وبعض الأنواع النادرة جدًا مثل بسودوديل وثعبان شوكار.
في هذه الفترة من كل سنة، تستقبل المنطقة التي حباها الله جمالاً وزادها الإنسان روعة، زوارها من المغربيين والمقيمين والأجانب، الذين يفضلون جبالها التي خولت لها أن تكون من أشهر المنتجعات السياحية لعشاق السكينة والطبيعة والاستكشافات، في عمق جبال الأطلس الكبير وسط الفضاءات الخلابة.
وإذا كانت زيارة المدن المغربية الساحلية والصحراوية، مثل طنجة ومراكش ومكناس، تمنح زوارها متعة التعرف على حضارة مغرقة في التاريخ، عبر مدارس وجوامع وقصور وقلاع وساحات وأسواق عتيقة، فإن السياحة الجبلية في هذه المنطقة تجعل السفر مرتبطًا بمتعة الاكتشاف والمغامرة.
تنتعش في الشتاء رياضة التزلج في إمليل
الاستمتاع بجمال الجبال، يبدأ من أول الطريق على طول 17 كيلومترًا، طريق في معظمه منعطفات ومنعرجات تمكن سالكها من رؤية كل معالم قرية إمليل التي تبدو متناهية الصغر كلما ارتفعت نحو القمة، فلا يظل من تفاصيلها سوى بعض البيوت المتنافرة هنا وهناك.
في الشتاء تكتسي إمليل بالثلوج فتصبح قبلة لجميع الناس وهواة التزلج، فهناك لهم أن يصعدوا إلى أعلى قمة بعموم شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وثاني أعلى جبل بإفريقيا، بعد جبل كليمنجارو التازاني، وذلك بارتفاع 4167 مترًا، وتتحول القرية خلال فصل الشتاء إلى منتجع سياحي، يستهوي محبي التزلج الذين يجدون في مرتفعات إمليل متنفسًا ومكانًا لقضاء وقت ممتع في ممارسة رياضة التزلج.
تسلق جبال إمليل من أجمل ما يحمله معظم زوار القرية في ذاكرتهم
يقصد عشاق الرياضة الجبلية وتسلق القمم العالية، جبال إمليل، سيّاح يرغبون في عيش مغامرة فريدة من نوعها يسودها عنصر الاستكشاف والبحث المستمر على التجربة المميزة التي لا يمكن تجربتها إلا في قمم جبال إمليل.
ويعتبر تحدي صعود هذه الجبال في الثلج صعبًا جدًا، لكنه في الوقت نفسه تحد للذات، والذهاب إلى أبعد نقطة في التحمل، ففيه تمتزج المشاعر وتختلط الأحاسيس بين المتعة والتعب حد البكاء، وهو ما يسعى إليه السياح القادمون إلى المنطقة خصيصًا.
ويتطلب تسلق الجبال مجهودًا بدنيًا وذهنيًا، كما أنها لا تتم من دون عدتها التي تشمل أحذية رياضية وحبالاً وحقائب الظهر وفؤوسًا صغيرة أشبه بالأزاميل وخوذة وبذلة، وتعتبر الحبال من أهم الأدوات في التسلق، وقبل التسلق يكون الأفراد مربوطين معًا بواسطة حبل.
يقصد السياح القرية خصيصًا لتسلق الجبال
تسلق جبال إمليل من أجمل ما يحمله معظم زوار القرية في ذاكرتهم، إذ لا تقتصر هذه السياحة الجبلية على أبناء القرية والقرى المحيطة بها وحدهم، فالسياح الأجانب أيضًا، يتسلقون المرتفعات والصخور الوعرة حتى إن ظهرت عليهم آثار التعب، فمتعة المغامرة تنسيهم ذلك.
شلالات وبحيرة
إلى جانب تسلّق الجبال والتزلج، للسائح أن يقوم بالعديد من الأنشطة الترفيهية، من رحلات في المنطقة وركوب على ظهر الدواب والتنقل بين الجبال والغابات المتنوعة في أشجارها ونباتاتها، فضلاً عن التعرف على مكان مميز جديد يوحي إليك باللمسة البيئية التي تتنوع وتمنح انتعاشًا مهمًا للجسم، من خلال استنشاق الهواء النقي والنظيف البعيد عن التلوث.
وتمثل هذه الجبال أيضًا متنفسًا للذين لا يفضلون الذهاب إلى الأندية الرياضية لتخفيف الوزن، فيلجأون إلى هذا المكان الذي تكسوه الغابات الطبيعية والأشجار والنباتات، وتعيش فيها أنواع كثيرة من الحيوانات الجميلة والنادرة، لممارسة الرياضة.
في أعلى الجبل، للسائح المحلي أو الأجنبي أن يتمتع بجمال شلالات تامسولت، فهي شلالات عذبة تستقطب السياح الذين يبحثون عن الراحة والهدوء والابتعاد عن صخب المدن الكبرى، وتمنحهم رؤية رومانسية خاصة لحظة تدفق المياه بغزارة.
شلالات تامسولت
لكن وحدها البغال تحمل أثقال الصاعدين إلى الشلال، وتشكل الدواب بحوافرها القوية وسيلة النقل الوحيدة في المنطقة، فالكثير من أهل إمليل وجدوا فيها مصدرًا للعيش وكسب النقود بكرائها للأجانب وحتى للمغاربة المتعطشين لرؤية الشلال، والانتعاش برذاذ مياهه الباردة.
غير بعيد عن شلالات تامسولت، توجد بحيرة إفني، أكبر بحيرة جبلية في المغرب، فاتحة ذراعيها تستقبل عشاقها، حيث تطيب لهم الأوقات هناك وترق لهم النسمات العليلة، على علو 2700 متر عن سطح البحر فوق سفح الجبل، وتصنف ضمن البحيرات البركانية، ويصل عمقها تقريبًا 30 مترًا، ودأبت هذه البحيرة على تغذية عيون المنطقة ووديانها عهودًا طويلة، ومدتها مياهًا رقراقة صافية لم ينضب قط صبيبها.
ما إن تزور هذه المنطقة مرّة، حتى تكرّر الزيارة، فبجمال غاباتها الساحر تمنحك هواءً نقيًا وهدوءً تامًا وجوًا منعشًا، تعيش في ظله ذكريات جميلة لا تنسى، وبروعة جبالها تبهرك وتغرس فيك حبّ الاستكشاف والمغامرة، وببهاء شلالاتها وبحيرتها تسحرك، حتى تسكن قلبك وعقلك.