ترجمة وتحرير: نون بوست
يعرف الأمريكيون أن حكومتهم ومصانعهم تصدّر كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل، لكنهم قد لا يدركون أن هذه الشحنات تسافر بجانبهم في بعض الأحيان.
وفقًا لوثائق الشحن الجوي التي اطلع عليها موقع “ذي إنترسبت”، كان من المفترض أن تُقلع طائرة شحن تحمل 14 طنًا من المواد المتفجرة متجهة إلى شركة إسرائيلية لتصنيع الأسلحة من مطار جون كينيدي الدولي في نيويورك بعد ظهر يوم السبت.
تعدّ هذه المادة المتفجرة، وهي مادة النيتروسليلوز، مادة صناعية تُستخدم على نطاق واسع وتلعب دورًا رئيسيًا في صناعة الذخيرة، من رصاص القناصة إلى الصواريخ.
ووفقًا لوثائق الشحن الجوي التي حصل عليها صحفيون في موقع “ذا ديتش” الإخباري الأيرلندي وباحثون من حركة الشباب الفلسطيني، فإنه من المتوقع أن يتم تسليم 51 منصة نقالة من النيتروسليلوز إلى شركة تصنيع الأسلحة الإسرائيلية “آي إم آي سيستمز”، ومقرها الرئيسي في مدينة رمات هشارون بالقرب من تل أبيب.
العميل الرئيسي لشركة “آي إم آي سيستمز”، المعروفة سابقًا باسم الصناعات العسكرية الإسرائيلية، هو جيش الدفاع الإسرائيلي.
كان من المقرر أن تغادر رحلة الشحن التابعة لشركة “تشالنج إيرلاينز إسرائيل” مطار جون كينيدي الساعة الثانية ظهرًا يوم السبت، وتهبط في مطار بن غوريون في تل أبيب يوم الأحد، وفقًا لمعلومات الرحلة.
لم تُعرف الجهة المُصنِّعة للمواد، ولكن مُرسِل الشحنة مُدرج في منطقة بريدية في لوس أنجلوس. ورغم أنه تم إرسال شحنات أخرى متعلقة بالأسلحة من مطار جون كينيدي إلى إسرائيل، فإن رحلة الشحن يوم السبت هي أول شحنة مؤكدة من النيتروسليلوز، وأكبر شحنة متفجرات تمرّ عبر أكثر مطارات مدينة نيويورك ازدحامًا، وفقًا للصحفي والمحامي رومان شورتال، المؤسس المشارك لموقع “ذا ديتش”.
وقد سبق لموقع “ذا ديتش” نشر تقارير عن معدات عسكرية أخرى تم نقلها جوًا من مطار جون كينيدي، بما في ذلك وقود الذخيرة، وصمامات التفجير، والغاز المسيل للدموع، وأجزاء من طائرات إف-35 المقاتلة، وأسلحة نارية.
يوضح شورتال أن المواد المتفجرة عادةً ما يتم شحنها بكميات أقل في رحلات منفصلة. وقال الباحثون إن الكميات المركزة من النيتروسليلوز التي تم شحنها يوم السبت تُثير مخاوف أمنية تتعلق بسلامة المدنيين والعاملين في مطار نيويورك.
وقالت عائشة نزار، من حركة الشباب الفلسطيني، وهي منظمة يقودها فلسطينيون ولها فروع في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا: “على مدار نحو عامين من الإبادة الجماعية في غزة، كان مطار جون كينيدي بمثابة نقطة تنسيق لشحن الذخيرة الأولية وخراطيش الأسلحة الصغيرة والصواعق وقطع غيار الطائرات لدعم الجيش الإسرائيلي. هذه الأسلحة تشكل تهديدًا لسكان نيويورك، وتُظهر مرة أخرى التنسيق الكامل بين المشروع الصهيوني والطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة التي تشن حاليًا حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني”.
لم تستجب شركة إلبيت سيستمز، الشركة الأم لـ”آي إم آي سيستمز”، ولا هيئة موانئ نيويورك ونيوجيرسي، التي تُشغّل مطار جون كينيدي، لطلبات موقع ذي إنترسبت للتعليق.
يتلقى الجيش الإسرائيلي بانتظام أسلحةً بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة، سواءً منقولة من مخازن الجيش الأمريكي أو مشتراة مباشرةً من شركات دفاع أمريكية. خلال العام الأول من الحرب الإسرائيلية على غزة، أرسل الجيش الأمريكي 17.9 مليار دولار كمساعدات لإسرائيل. تأتي غالبية المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل من خلال منح تُنفقها إسرائيل على شراء أسلحة ومواد عسكرية جديدة مباشرةً من الشركات الأمريكية، مما يُسهم في دعم صناعة الأسلحة في الولايات المتحدة.
سبق أن كشف باحثون من حركة الشباب الفلسطيني عن شحنات بحرية من الذخيرة ومواد أخرى إلى إسرائيل من محطة المحيط العسكرية “ساني بوينت” في ولاية كارولينا الشمالية، بما في ذلك شحنة من وزارة الدفاع العام الماضي انتهكت حظر الأسلحة الإسباني المفروض على إسرائيل.
كما انتهكت شحنة أخرى من المواد العسكرية إلى إسرائيل، تابعة لشركة الشحن الدنماركية العملاقة “ميرسك“، والتي تشحن عادةً من ميناء إليزابيث في نيوجيرسي، الحظر الإسباني.
كما أظهر تحقيق إعلامي أجراه راديو وتلفزيون بلجيكا الناطق بالفرنسية (RTBF) حول شركة طيران “تشالنج إير”، أن الشركة نقلت أسلحة من مطار جون كينيدي إلى بروكسل، ثم إلى تل أبيب.
وأعرب باحثون من حركة الشباب الفلسطيني عن مخاوفهم على سلامة العمال والمدنيين بسبب المواد المتفجرة شديدة الاشتعال. واستشهدت الحركة بتقرير للجيش الأمريكي وصف مادة النيتروسليلوز بأنها مكافئة لمادة “تي إن تي” شديدة الانفجار، كما استشهدت بالانفجار الذي وقع في ميناء تيانجين الصيني عام 2015 بسبب مخزونات النيتروسليلوز التي احترقت تلقائيًا مما أدى إلى مقتل 173 شخصًا وإصابة أكثر من 700 آخرين.
تشترك كل من رحلات الركاب ورحلات الشحن في نفس المدارج في مطار جون كينيدي، كما يمكن لرحلات الشحن أن تقطع المدرج أثناء مرور الطائرات والرحلات المدنية.
منذ هجوم حركة حماس على إسرائيل عام 2023، قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 50 ألف فلسطيني خلال حربه على غزة، والذي تصاعدت وتيرتها في الأشهر الأخيرة بعد أن خرقت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/ آذار الماضي. وقد أعلن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر لشؤون الحرب مؤخرًا عن نية الجيش الإسرائيلي احتلال غزة بأكملها إلى أجل غير مسمى وتهجير الفلسطينيين من القطاع، ويأتي ذلك في ظل الحصار المفروض على جميع المساعدات الإنسانية – الغذاء والماء والوقود والإمدادات الطبية – في انتهاك للقانون الإنساني.
الوجهة النهائية لشحنة يوم السبت من النيتروسليلوز، وهي شركة “آي إم آي سيستمز” المملوكة لشركة إلبيت، معروفة بتصنيع مجموعة واسعة من الأسلحة، مثل المركبات القتالية والبنادق والصواريخ وقاذفات الصواريخ والذخائر العنقودية. كما يُستخدم النيتروسليلوز أيضًا في المواد الصناعية والطبية، بما في ذلك الطلاء أو رقائق الألومنيوم، وفي الأوساط الطبية لصنع المراهم الموضعية.
وفقًا لموقع “ذا ديتش”، تقوم شركات أخرى بشحن الأسلحة والمواد العسكرية عبر مطار جون كينيدي، بما في ذلك شركة لوكهيد مارتن. تعدّ “تشالنج إير” شركة الطيران الرئيسية التي تنقل مثل هذه البضائع العسكرية من مطار جون كينيدي، لكن شركة النقل الأمريكية العملاقة فيديكسقامت أيضًا بنقل البضائع العسكرية عبر مطار نيويورك.
تعمل شركة إلبيت، أكبر شركة لتصنيع الأسلحة في إسرائيل، في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا والسويد وسويسرا والبرازيل. وقد تظاهر متضامنون مع فلسطين في الولايات المتحدة أمام مقرات إلبيت في فيرجينيا وكارولينا الجنوبية، بالإضافة إلى مصنع في ميريماك بولاية نيو هامبشاير، حيث حاولت أربع نساء وقف الإنتاج.
المصدر: ذي انترسبت