ترجمة وتحرير: نون بوست
قبل توقيع صفقة “مشروع نيمبوس” المربحة والمثيرة للجدل مع إسرائيل، كانت شركة جوجل تدرك أنها لن تتمكن من التحكم في كيفية استخدام الدولة وجيشها لتقنية الحوسبة السحابية القوية، وذلك وفقًا لتقرير داخلي سري حصل عليه موقع “الإنترسبت”.
ويكشف التقرير بوضوح مدى إدراك شركة التكنولوجيا العملاقة للمخاطر المرتبطة بتوفير أدوات متقدمة في الحوسبة السحابية والتعلّم الآلي لدولة متهمة منذ فترة بانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان وارتكاب فظائع خلال الحروب. فجوجل، بحسب التقرير، لن تكون قادرة على مراقبة أو منع إسرائيل بشكل كامل من استخدام برمجياتها في إلحاق الأذى بالفلسطينيين. كما يشير التقرير إلى أن العقد قد يُلزم جوجل بعرقلة تحقيقات جنائية تجريها دول أخرى بشأن استخدام إسرائيل لتقنياتها، فضلًا عن فرضه تعاونًا وثيقًا مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يشمل تدريبات مشتركة وتبادلًا استخباراتيًا، وهو مستوى من التنسيق لم يسبق أن شهدته صفقات جوجل مع دول أخرى.
وأوصى مستشار خارجي استعانت به جوجل لتقييم الصفقة بأن تمتنع الشركة عن تزويد إسرائيل بأدوات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، بسبب عوامل المخاطر المرتبطة بذلك.
وقال ثلاثة خبراء في القانون الدولي تحدثوا إلى موقع “الإنترسبت” إن إدراك جوجل للمخاطر ومعرفتها المسبقة بعدم قدرتها على إجراء العناية الواجبة بالمعايير المتعارف عليها قد يعرّض الشركة لمسؤولية قانونية. وقد ازدادت أهمية مسألة المسؤولية القانونية، التي نادرًا ما تُناقش، مع دخول إسرائيل سنتها الثالث في ما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه إبادة جماعية في غزة، في وقت يواصل فيه المساهمون الضغط على الشركة لإجراء تقييم دقيق حول ما إذا كانت تقنياتها تسهم في انتهاكات حقوق الإنسان.
وقال ليون كاستيانوس-يانكيفيتش، وهو محامٍ في معهد آسر للقانون الدولي والأوروبي في لاهاي، بعد مراجعته لأجزاء من التقرير: “إنهم يدركون هذه المخاطر التي قد تنجم عن استخدام منتجاتهم في انتهاكات لحقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، ستكون قدرتهم محدودة على تحديد هذه المخاطر والتخفيف من حدتها في نهاية المطاف”.
ورفضت جوجل الرد على أي من الأسئلة التفصيلية التي وجّهها إليها “الإنترسبت” حول مدى اطلاع الشركة على كيفية استخدام إسرائيل لخدماتها، أو ما إذا كان لديها أي سيطرة على مشروع “نيمبوس”.
وبدلاً من ذلك، ردّت المتحدثة باسم الشركة، دينيس دافي-باركس، بنسخة حرفية من بيان كانت جوجل قد قدّمته لمقال مختلف السنة الماضية، جاء فيه: “لقد كنا واضحين جدًا بشأن عقد نيمبوس وغايته وشروط الخدمة وسياسة الاستخدام المقبول التي تنظمه. ولم يتغير شيء”.
وقد نُشرت أجزاء من الوثيقة الداخلية لأول مرة في صحيفة “نيويورك تايمز”، إلا أن عدم قدرة جوجل المعترف بها على مراقبة كيفية استخدام إسرائيل لأدواتها لم يُكشف عنها من قبل.
وفي يناير/ كانون الثاني 2021، أي قبل ثلاثة أشهر فقط من فوز جوجل بعقد “نيمبوس” إلى جانب أمازون، واجه مسؤولو الحوسبة السحابية في الشركة معضلة.
وكان عقد مشروع نيمبوس – الذي كان يحمل حينها الاسم الرمزي “سيلينيت” في جوجل – مصدرًا واضحًا للربح. ووفقًا للتقرير، الذي يقدم تقييمًا للمخاطر والمكافآت المرتبطة بهذا المشروع، قدرت جوجل أن مركز بيانات سحابي مخصص لإسرائيل، يخضع للسيادة والقانون الإسرائيلي، قد يحقق 3.3 مليارات دولار بين سنتي 2023 و2027، ليس فقط من خلال البيع للجيش الإسرائيلي، بل أيضًا لقطاعه المالي والشركات مثل العملاق الصيدلاني تيفا.
ولكن نظرًا لعقود من الانتهاكات للقانون الدولي من قبل الجيش الإسرائيلي والقوات الاستخباراتية الإسرائيلية التي كانت الشركة تزودها، اعترفت جوجل بأن الصفقة لا تخلو من المخاطر، وحذرت الشركة قائلة: “قد تُستخدم خدمات جوجل السحابية في تسهيل انتهاكات حقوق الإنسان أو الارتباط بها، بما في ذلك الأنشطة الإسرائيلية في الضفة الغربية”، مما قد يؤدي إلى “الإضرار بسمعتها”.
وفي التقرير، اعترفت جوجل بضرورة التخفيف من هذه المخاطر بشكل عاجل، سواء فيما يتعلق بحقوق الإنسان للفلسطينيين أو صورة الشركة العامة، من خلال بذل العناية الواجبة وتطبيق شروط الخدمة الخاصة بالشركة، التي تحظر بعض أعمال التدمير والإجرام.
ولكن التقرير يوضح عقبة كبيرة أمام أي محاولة للرقابة: فقد تم صياغة عقد مشروع نيمبوس بطريقة تجعل جوجل تظل في جهل إلى حد كبير بشأن ما يقوم به عملاؤها بالضبط، وإذا تم الكشف عن أي انتهاكات في المستقبل، فسيتم منع الشركة من اتخاذ أي إجراء حيالها.
وتوضح الوثيقة القيود بعبارات صارخة؛ فقد تم منح جوجل “رؤية محدودة جدًا” فقط بشأن كيفية استخدام برمجياتها. ولم يُسمح للشركة “بمنع أنواع الخدمات والمعلومات التي تختار الحكومة (بما في ذلك وزارة الدفاع وجهاز الأمن الإسرائيلي) نقلها إلى السحابة.
ويقول التقرير: “قد تكون محاولات منع الجيش الإسرائيلي أو الوكالات الاستخباراتية الإسرائيلية من استخدام سحابة جوجل بطرق تضر بجوجل محدودة بقيود شروط المناقصة؛ حيث يحق للعملاء استخدام الخدمات لأي سبب ما عدا انتهاك القانون المعمول به بالنسبة للعميل.” ويذكر جزء آخر من التقرير أن مشروع نيمبوس سيكون تحت الاختصاص القانوني الخاص بإسرائيل، الذي، مثل الولايات المتحدة، ليست طرفًا في نظام روما الأساسي ولا يعترف بالمحكمة الجنائية الدولية.
وفي حال خضع مشروع نيمبوس للتدقيق القانوني خارج إسرائيل، فإن جوجل ملزمة بإخطار الحكومة الإسرائيلية في أقرب وقت ممكن، ويجب عليها “رفض طلبات الوصول إلى الحكومات الأجنبية والطعن فيها ومقاومتها”.
وأشارت جوجل إلى أن هذا قد يضع الشركة في خلاف مع الحكومات الأجنبية إذا ما حاولت التحقيق في مشروع نيمبوس. ويفرض العقد على جوجل “تنفيذ عمليات مخصصة وصارمة لحماية البيانات الحكومية الحساسة”، وفقًا لتقرير داخلي لاحق، اطلع عليه أيضًا موقع “الإنترسبت”، والذي تمت صياغته بعد فوز الشركة بالمناقصة. وسيظل هذا الالتزام قائمًا حتى لو كان ذلك يعني انتهاك القانون: “يجب على جوجل ألا تستجيب لطلبات الكشف عن البيانات من جهات إنفاذ القانون دون التشاور مع السلطات الإسرائيلية وفي بعض الحالات دون موافقة السلطات الإسرائيلية، وهو ما قد يتسبب في خرق الأوامر القانونية الدولية/ القانون الدولي”.
ويشير التقرير الثاني إلى شرط آخر مرهق في صفقة نيمبوس: “يمكن لإسرائيل تمديد العقد لمدة تصل إلى 23 سنة، مع قدرة محدودة لجوجل على الانسحاب.”
ويشير التقرير الأول إلى أن رئيس جوجل كلاود، توماس كوريان، كان سيوافق شخصيًا على العقد مع فهم كامل وقبول لهذه المخاطر قبل أن تقدّم الشركة عرضها للعقد. ولم تتح جوجل كوريان للتعليق.
ويشير التقرير إلى أن شركة “بيزنس فور سوشيال ريسبونسيب”، وهي شركة استشارية في مجال حقوق الإنسان التي استعانت به جوجل لتقييم الصفقة، أوصت الشركة بعدم تزويد الجيش الإسرائيلي بتقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي تحديدًا لتقليل الأضرار المحتملة. ومن غير الواضح كيف كان بإمكان الشركة الاستجابة لهذه النصيحة بالنظر إلى القيود المفروضة في العقد. وقد أفاد “الإنترسبت” في 2022 أن مجموعة أدوات الذكاء الاصطناعي الكاملة الخاصة بجوجل كلاود قد تم توفيرها للعملاء الحكوميين الإسرائيليين، بما في ذلك وزارة الدفاع.
ولم تستجب شركة “بيزنس سوشيال ريسبونسيب” لطلب التعليق.
ويُظهر التقرير الداخلي الأول بوضوح أن جوجل كانت قلقة بشأن كيفية استخدام إسرائيل لتقنياتها. وجاء فيه: “إذا قررت جوجل كلاود المضي قدمًا في المناقصة، نوصي بأن تسعى الشركة للحصول على ضمانات إضافية لتفادي استخدام خدمات جوجل كلاود في تسهيل انتهاكات حقوق الإنسان أو ارتباطها بها”.
ومن غير الواضح ما إذا كانت مثل هذه الضمانات قد قُدِّمت في أي وقت مضى.
لقد دافعت جوجل منذ فترة طويلة عن مشروع نيمبوس بالقول إن العقد “ليس موجهًا لأعباء الأعمال الحساسة أو السرية أو العسكرية المتعلقة بالأسلحة أو أجهزة الاستخبارات”؛ إلا أن المواد الداخلية تشير إلى أن مشروع نيمبوس سيتضمن أعباء أعمال غير سرية صادرة عن كل من وزارة الدفاع وجهاز الشاباك، الذي يُعد نظيرًا تقريبيًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي. ويشير أحد التقارير بأن أعباء الأعمال السرّية سيتم التعامل معها بموجب عقد ثانٍ منفصل يحمل الاسم الرمزي “ناترولايت”. ولم ترد جوجل على الاستفسارات المتعلقة بمدى تورطها في مشروع ناترولايت السري.
وتوضح الوثيقتان أن مشروع نيمبوس ينطوي على تعاون عميق بين جوجل والدولة الأمنية الإسرائيلية من خلال إنشاء “فريق سري” داخل جوجل. ويتكوّن هذا الفريق من إسرائيليين يعملون في الشركة ويحملون تصاريح أمنية، وقد تم تصميمه لـ”تلقي معلومات من قبل [إسرائيل] لا يمكن مشاركتها مع [جوجل]”. ويذكر التقرير الأول أن الفريق السري التابع لجوجل “سيشارك في تدريبات متخصصة مع وكالات الأمن الحكومية”، بالإضافة إلى “تدريبات وسيناريوهات مشتركة مصممة للتعامل مع تهديدات محددة”.
ويبدو أن مستوى التعاون بين جوجل والدولة الأمنية الإسرائيلية كان غير مسبوق في وقت إعداد التقرير. وجاء في الوثيقة الأولى: “إن حساسية المعلومات المُتبادلة، والنموذج العام للتعامل مع وكالة حكومية، لم يتم تقديمها حتى الآن لأي دولة أخرى من قبل منصة جوجل كلاود”.
وليس من الواضح ما إذا كان بإمكان جوجل إيقاف مشروع نيمبوس لانتهاكه قواعد الشركة أو القانون، فقد ادعت الشركة في ردها على موقع “الإنترسبت” وغيره من وسائل الإعلام أن مشروع نيمبوس يخضع لشروط الاستخدام القياسية الخاصة بها، مثل أي عميل آخر من عملاء جوجل كلاود. لكن وثائق الحكومة الإسرائيلية تناقض ذلك؛ حيث تُظهر أن استخدام خدمات مشروع نيمبوس لا يخضع لشروط جوجل العادية، بل لسياسة سرية معدلة.
وأكد متحدث باسم وزارة المالية الإسرائيلية لموقع “الإنترسبت” أن شروط استخدام مشروع نيمبوس المعدلة سرية. بعد فوز جوجل بعقد نيمبوس بوقت قصير، سأل الصحفيون محاميًا من وزارة المالية الإسرائيلية، التي أشرفت على الصفقة، عما إذا كان بإمكان الشركة وقف الخدمة المقدمة للحكومة، فأجاب: “وفقًا لمتطلبات المناقصة، الإجابة هي لا”.
وتشير جوجل في بيانها إلى مجموعة منفصلة من القواعد، وهي سياسة الاستخدام المقبول الخاصة بها، والتي تقول إن إسرائيل يجب أن تلتزم بها. وتحظر هذه القواعد الأفعال التي “تنتهك أو تشجع على انتهاك الحقوق القانونية للآخرين”. لكن تقرير المتابعة الداخلي يشير إلى أن سياسة الاستخدام المقبول هذه مصممة لحظر المحتوى غير القانوني – مثل الصور الجنسية أو فيروسات الكمبيوتر – لا لإحباط انتهاكات حقوق الإنسان. وقبل أن موافقة الحكومة على الالتزام بسياسة الاستخدام المقبول، أفادت جوجل بوجود “خطر منخفض نسبيًا” من انتهاك إسرائيل للسياسة “حيث لا ينبغي للحكومة الإسرائيلية أن تنشر بنفسها محتوى ضارًا”. وينص التقرير الداخلي الثاني أيضًا على أنه “في حال وجود تعارض بين شروط جوجل” ومتطلبات الحكومة “التي غالبًا ما تكون واسعة النطاق وغامضة. فسيتم تفسيرها بالطريقة التي تكون أكثر فائدة للعميل”.
ويشوب القانون الدولي الكثير من الغموض فيما يتعلق بالمسؤولية التي قد تواجهها جوجل لتزويدها حكومة متهمة على نطاق واسع بارتكاب إبادة جماعية ومسؤولة عن احتلال الضفة الغربية الذي يعتبر غير قانوني بشكل شبه عالمي.
إن القانون الدولي غامض عندما يتعلق الأمر بالمسؤولية التي قد تواجهها شركة جوجل بسبب توريد البرمجيات لحكومة متهمة على نطاق واسع بارتكاب إبادة جماعية ومسؤولة عن احتلال الضفة الغربية الذي يعتبر غير قانوني في كل مكان تقريبًا.
وتزداد المسؤولية القانونية غموضًا كلما ابتعدت عن فعل القتل الفعلي، فجوجل لا تزوّد الجيش بالأسلحة، ولكنها توفر خدمات الحوسبة التي تسمح للجيش بالعمل، ووظيفتها النهائية هي بالطبع الاستخدام المميت لتلك الأسلحة. وبموجب القانون الدولي، فإن الدول فقط، وليس الشركات، هي التي تقع عليها التزامات مُلزمة في مجال حقوق الإنسان، ولكن إذا تم ربط مشروع نيمبوس مباشرةً بتسهيل ارتكاب جريمة حرب أو جريمة أخرى ضد الإنسانية، فقد يواجه المسؤولون التنفيذيون في جوجل، افتراضيًا، مسؤولية جنائية بموجب القانون الدولي العرفي أو من خلال هيئة مثل المحكمة الجنائية الدولية، التي لها ولاية قضائية في كل من الضفة الغربية وغزة.
وتُعدّ الدعاوى المدنية خيارًا آخر: على سبيل المثال، تخيّلَ كاستيلانوس-يانكيفيتش سيناريو يُمكن فيه لمدّعي افتراضي لديه إمكانية الوصول إلى نظام المحاكم الأمريكي مقاضاة جوجل بشأن مشروع نيمبوس للمطالبة بتعويضات مالية.
وبالإضافة إلى عملها لصالح الجيش الإسرائيلي، تبيع جوجل من خلال مشروع نيمبوس خدمات سحابية إلى شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، وهي شركة صناعة الأسلحة المملوكة للدولة التي ساهمت ذخائرها في تدمير غزة. ومن بين عملاء مشروع نيمبوس المؤكدين الآخرين سلطة أراضي إسرائيل، وهي وكالة حكومية تتولى، من بين مسؤوليات أخرى، توزيع قطع الأراضي في الضفة الغربية التي ضمتها إسرائيل واحتلتها بشكل غير قانوني.
وقد حثّ رأي قضائي صادر في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 عن محكمة العدل الدولية، التي تتولى التحكيم في النزاعات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، الدول على “اتخاذ جميع التدابير المعقولة” لمنع الشركات من القيام بأي شيء قد يساعد في الاحتلال غير القانوني للضفة الغربية. وقال يوانيس كالبوزوس، وهو أستاذ زائر في كلية الحقوق بجامعة هارفارد وخبير في قانون حقوق الإنسان وقوانين الحرب، لموقع “الإنترسبت” إنه على الرغم من أن الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية غير ملزمة، إلا أنها “تُعتبر عمومًا ذات حجية كبيرة”.
وأوضح الخبراء أن إثبات المسؤولية القانونية لشركة جوجل فيما يتعلق باحتلال الضفة الغربية أو القتل المستمر في غزة يستلزم حسابات قانونية معقدة؛ حيث يتوقف ذلك على مدى معرفتها بكيفية استخدام منتجاتها (أو إساءة استخدامها)، وإمكانية توقع الجرائم التي سهلتها تلك المنتجات، ومدى مساهمتها المباشرة في ارتكاب الجرائم. قال كالبوزوسوس: “إن وجود الوثيقة نفسها واللغة المستخدمة فيها يشيران على الأقل إلى الوعي باحتمالية وقوع انتهاكات”.
وقال كاستيلانوس-يانكيفيتش إنه على الرغم من وجود حالات قليلة واجه فيها المسؤولون التنفيذيون في الشركات اتهامات جنائية محلية فيما يتعلق بفظائع حقوق الإنسان، إلا أن المسؤولية الناجمة عن دعوى مدنية هي الأكثر احتمالاً. وأوضح أن المدعي الافتراضي قد تكون لديه قضية إذا تمكن من إثبات أن “جوجل كانت تعلم أو كان ينبغي أن تعلم أن هناك خطرًا من استخدام هذه البرمجيات سابقًا أو حاليًا في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية”.
في حين أن هناك حالات قليلة واجه فيها مسؤولون تنفيذيون في شركات تهمًا جنائية محلية تتعلق بفظائع حقوق الإنسان، إلا أن المسؤولية الناجمة عن دعوى مدنية هي الأرجح، كما قال كاستيلانوس-يانكيفيتش. وأوضح أنه قد تكون لدى المدعي الافتراضي قضية إذا استطاع إثبات أن “جوجل كانت تعلم أو كان ينبغي عليها أن تعلم بوجود خطر استخدام هذا البرنامج أو استخدامه حاليًا في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أو جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، أو إبادة جماعية”.
إلا أن الحصول على موعد للمثول أمام قاضٍ أمريكي سيكون مسألة أخرى، فقانون المسؤولية التقصيرية للأجانب لعام 1789 يسمح للمحاكم الفيدرالية في الولايات المتحدة بتولي الدعاوى القضائية التي يرفعها مواطنون أجانب فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للقانون الدولي، ولكن القانون تم تقييده إلى حد كبير على مر السنين، ولا يزال من غير الأكيد ما إذا كان يمكن مقاضاة الشركات الأمريكية بموجب القانون أصلاً.
وقد شهد التاريخ أمثلة قليلة على مساءلة الشركات فيما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية. في عام 2004، تبرعت شركة “آي بي إم” ألمانيا بمبلغ 4 ملايين دولار أمريكي لصندوق تعويضات الهولوكوست فيما يتعلق بدورها في تزويد الرايخ الثالث بخدمات الحوسبة في زمن الحرب. وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، رفع المدعون في الولايات المتحدة دعاوى قضائية ضد عشرات الشركات متعددة الجنسيات بسبب عملها مع جنوب أفريقيا في ظل نظام الفصل العنصري بما في ذلك بيع “أدوات وخدمات أساسية”، حسبما ذكر كاستيلانوس-يانكيفيتش لموقع “الإنترسبت”، إلا أن هذه الدعاوى رُفضت بعد قرار المحكمة العليا في عام 2016. وقد أقرت شركة لافارج، وهي شركة إسمنت فرنسية، بالذنب في كل من الولايات المتحدة وفرنسا عقب تحقيقات جنائية في أعمالها في أجزاء سوريا التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.
لا توجد في الأساس أي سابقة قانونية حول ما إذا كان توفير البرمجيات لجيش يرتكب فظائع يجعل شركة البرمجيات متواطئة في تلك الأفعال. وقال كاستيلانوس-يانكيفيتش إن المعيار القانوني المهم لأي محكمة يُحتمل أن تراجع هذا الأمر، هو ما إذا كانت “جوجل تعلم أو كان ينبغي أن تعلم أن معداتها أو برمجياتها تُستخدم إما لارتكاب الفظائع أو تتيح ارتكابها”.
وتم التوقيع على صفقة نيمبوس قبل أن تهاجم حماس إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مما أدى إلى إشعال حرب أدت إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتحويل غزة إلى ركام. لكن هذا لا يعني أن الشركة لن تواجه تدقيقًا في استمرارها في تقديم الخدمة. قال أندرياس شولر، المدير المشارك لبرنامج الجرائم الدولية والمساءلة في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان: “إذا كان خطر إساءة استخدام التكنولوجيا يتزايد بمرور الوقت، فعلى الشركة أن تتصرف وفقًا لذلك. ويؤدي التجاهل وإغفال أي شكل من أشكال رد الفعل تجاه المخاطر المتزايدة المترتبة على استخدام المنتج إلى زيادة مخاطر المسؤولية بالنسبة للشركة”.
وعلى الرغم من أن الشركات معفاة بشكل عام من التزامات حقوق الإنسان بموجب الأطر الدولية، إلا أن جوجل تصرح بأنها تلتزم بمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وعلى الرغم من أن الوثيقة طوعية وغير ملزمة قانونًا، إلا أنها تحدد مجموعة من الممارسات التي يجب على الشركات متعددة الجنسيات اتباعها لتجنب المسؤولية في انتهاكات حقوق الإنسان.
ومن بين هذه المسؤوليات المؤسسية “تقييم الآثار الفعلية والمحتملة على حقوق الإنسان، ودمج النتائج والتصرف بناءً عليها، وتتبع الاستجابات، والإبلاغ بشأن كيفية معالجة هذه الآثار”.
وأوصى مجلس إدارة شركة ألفابت، الشركة الأم لجوجل، مؤخرًا بالتصويت ضد مقترح أحد المساهمين بإجراء تدقيق مستقل من جهة خارجية على العمليات التي تستخدمها الشركة “لتحديد ما إذا كان استخدام العملاء للمنتجات والخدمات لأغراض المراقبة والرقابة و/أو الأغراض العسكرية يُسهم في انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المتأثرة بالنزاعات والمناطق عالية الخطورة”. ويشير المقترح، من بين مجالات أخرى ذات خطورة، إلى عقد مشروع نيمبوس. وفي رفضه المقترح، أشاد المجلس بعمليات الرقابة الحالية على حقوق الإنسان، واستشهد بالمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة و”مبادئ الذكاء الاصطناعي الخاصة بجوجل” كسبب لعدم الحاجة إلى مزيد من الرقابة. وفي فبراير/ شباط، عدّلتجوجل هذه الوثيقة الأخيرة لإزالة الحظر المفروض على الأسلحة والمراقبة.
وقال كاستيلانوس-يانكيفيتش: “إن المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة، بكل بساطة، تُلزم الشركات ببذل العناية الواجبة واعتراف جوجل بعدم قدرتها على إجراء هذه الفحوصات بشكل دوري يتعارض مع مبدأ العناية الواجبة. يبدو الأمر كما لو أن جوجل تمنح الجيش الإسرائيلي تفويضًا مطلقًا لاستخدام تقنياتها لأي غرض يريده”.
المصدر: الإنترسبت