ترجمة وتحرير: نون بوست
في فبراير/شباط، أُجبر الأسرى الفلسطينيون الذين أُفرج عنهم في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة على ارتداء قمصان تحمل نجمة داوود وشعار مصلحة السجون الإسرائيلية وعبارة “لن ننسى ولن نغفر” مكتوبة باللغة العربية.
والآن، تعرّض معتقل يهودي إسرائيلي في حجز مصلحة السجون الإسرائيلية لنفس الممارسة المهينة؛ فقد أجبر عناصر من المصلحة الناشط اليساري إيتمار غرينبرغ، الذي اعتُقل يوم الأحد 24 مايو/ أيار خلال مظاهرة مناهضة للحرب، على ارتداء قميص يحمل عبارة “عام يسرائيل حي” أي “شعب إسرائيل حي”. وخلال احتجازه، قاموا بشتمه وهددوه بأنهم في المرة القادمة سيقومون بوشم نجمة داوود على وجهه، كما سبق أن فعلوا مع معتقل فلسطيني من القدس الشرقية.
في 24 مايو/ أيار، قام متظاهرون مناهضون للحرب بإغلاق طريق بشكل مؤقت في تل أبيب. وأثناء المظاهرة، تم اعتقال إيتمار غرينبرغ، وهو معارض للتجنيد في الجيش الإسرائيلي، يبلغ من العمر 19 سنة كان قد أمضى ما يقارب 200 يوم في السجن العسكري. ونُقل غرينبرغ إلى مركز شرطة “ليف تل أبيب”، حيث خضع للتحقيق بتهمة “الإخلال بالنظام والسلام العام”.
بعد ذلك، تم نقله لبضع ساعات إلى مركز شرطة غليلوت، ثم أُعيد إلى مركز “ليف تل أبيب”، ومن هناك نُقل من قبل مصلحة السجون الإسرائيلية إلى محكمة الصلح في تل أبيب لحضور جلسة استماع.
وقال غرينبرغ: “منذ اللحظة التي خرجتُ فيها من سيارة الشرطة في المحكمة، لا أستطيع حتى أن أصف مدى القسوة التي عامَلوني بها. ظلّوا يرددون: “أنتم أسوأ من الإرهابيين، أيها اليساريون، سنضعكم في زنزانة مع العرب، ومع المهاجرين غير الشرعيين”.
لاحظ عناصر مصلحة السجون الإسرائيلية القميص الذي كان يرتديه غرينبيرغ وقت اعتقاله، والذي يحمل شعار “لا للحرب، نعم للسلام” باللغتين العبرية والعربية. وقال غرينبيرغ: “لقد أثار ذلك غضبهم بشدة. إنه ليس قميصًا متطرفًا”.
وقال: “أخذوني لتفتيش عارٍ وأحضروا لي قميصًا رماديًا سميكًا. وبعد التفتيش، أجبَروني على ارتدائه، ورأيت مكتوبًا عليه بعبارة زرقاء “يحيى شعب إسرائيل”! مع رسمٍ لعلم إسرائيل. وسمعت الشخص الذي رسمه يتفاخر بذلك أمام زملائه”.
من الزنزانة الموجودة في قبو المحكمة، تم اقتياد غرينبيرغ إلى جلسة استماع أمام القاضية رافيت بيليغ بار-دايان. ولم يلاحظ محاميه وآخرون القميص الذي فرضته عليه مصلحة السجون الإسرائيلية إلا في نهاية الجلسة تقريبًا. وبحسب رواية غرينبيرغ: “حاول عناصر مصلحة السجون إخراجي بسرعة، قائلين: “هيا، انتهت الجلسة، لن تبقى هنا”. وعندما أصر محاميّ على قول بضع كلمات، بدأ عناصر عناصر مصلحة السجون بالصراخ: “هذا علم دولتك! ما مشكلتك مع العلم الإسرائيلي؟ اذهب وارسم علمًا فلسطينيًا بدلًا منه”.
وخلال الجلسة، وصف محامي غرينبرغ، رمزي قُتيلات، العبارة المكتوبة على قميص موكله باللغة العبرية بأنها “محاولة لإيصال رسالة وللمسّ بكرامة المعتقل”. وأوضح أن هذه الممارسة جزء من نمط أوسع، قائلاً: “منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وخلال الحرب، دأبت مصلحة السجون الإسرائيلية على استخدام هذا الشعار “شعب يسرائيل حي” لإذلال المعتقلين الذين تعتقد أنهم لا يدعمون الحرب”.
حكمت القاضية بإحالة المسألة إلى مسؤول في مصلحة السجون الإسرائيلية. كما رفضت طلب الشرطة بتمديد اعتقال غرينبرغ لثلاثة أيام، وأطلقت سراحه بشرط منعه من المشاركة في أي احتجاجات تصنّفها الشرطة الإسرائيلية على أنها “غير قانونية” لمدة شهر، تحت طائلة غرامة مالية قدرها 5,500 شيكل إسرائيلي.
“استمتع في الأنفاق”
بعد الجلسة، أعاد ضباط مصلحة السجون الإسرائيلية غرينبرغ إلى زنزانة في القبو؛ حيث انتظر هناك حوالي ساعتين. وقال غرينبرغ: “عندما نزلنا في المصعد – الذي كان صغيرًا – هددوني مرة أخرى. قال أحدهم: “سأجعلك شخصًا من اليمين المتطرف [يرتدي] كيبا [قبعة يهودية] عليها نجمة داوود، وتعال التفلين [صندوقين صغيرين من الجلد الأسود يرتديهما اليهود البالغون في صلوات أيام الأسبوع وصباح يوم الأحد]. هل أنت يهودي مختون؟’ لقد كان الأمر مزعجًا حقًا”.
وقبل إطلاق سراحه، وصلت ضابطة كبيرة من مصلحة السجون الإسرائيلية ترتدي زيًا مكتوبًا عليه “قائدة كتيبة”، وفقًا لغرينبرغ. “قامت بتصويري بهاتفها. اعتقدت أنها تفعل ذلك للتحقيق في الأمر لأنها سمعت بما حدث خلال الجلسة”.
في وقت لاحق، عندما كان غرينبرغ على وشك الإفراج عنه، سأله ضابط آخر من مصلحة السجون: “ما هذا القميص؟ لن تغادر به”. أجاب غرينبرغ أنه سيغادر بالفعل بالقميص الذي أجبره الضباط على ارتدائه. وقال له: “بالطبع سأفعل. لقد أحرجتموني وحاولتم إهانتي، وأنا أطالب بتوثيق ذلك”.
ووفقًا لغرينبرغ، رد الضابط بإهانة: “آمل أن يتم اختطافك”. وشارك الضابط الأقدم الحاضر في الحديث أيضًا، قائلًا: “آمين، اذهب إلى غزة. واستمتع في الأنفاق”.
وقالوا: “آمين، لعل صاروخًا إيرانيًا يسقط على رأسك”، و”في المرة القادمة التي يتم فيها اعتقالك، سنضع وشمًا على وجهك على شكل نجمة داود” – أعتقد أن هذا ما حدث لمعتقل فلسطيني. وفي خضم كل هذا الحديث، أدركت أنني إذا رفضت، فسوف يضربونني؛ لذلك خلعت قميصي”.
كان هذا الاعتقال الرابع لغرينبرغ منذ إطلاق سراحه من السجن العسكري، موضحًا أن أهم ما استخلصه من هذه التجربة هو أن “هذه [الاعتداءات] أصبحت ممارسة شائعة لدى الفلسطينيين، وهي الآن تستهدف النشطاء أيضًا”.
وردّت مصلحة السجون الإسرائيلية على طلب التعليق من +972 بالبيان التالي: “وصل المعتقل المعني إلى وحدة مرافقة نحشون التابعة لمصلحة السجون مرتديًا قميصًا مكتوبًا عليه باللغة العربية. وحرصًا على سلامته ومنعًا للاحتكاك مع المعتقلين الآخرين، طُلب منه تغيير ملابسه إلى ملابس وفرتها مصلحة السجون.
أما بالنسبة للادعاء المتعلق بالكتابة على الملابس، فسيتم فحص الأمر بدقة، وإذا ثبت حدوثه، فسيتم اتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة. وتؤكد مصلحة السجون الإسرائيلية أن موظفيها يتصرفون وفقًا للقانون، على قدم المساواة ودون تحيز، مع حماية حقوق وسلامة كل معتقل وسجين”.
واختارت مصلحة السجون الإسرائيلية عدم الرد على الاتهامات المتعلقة بالشتائم والتصوير والتهديدات.
وفي يوم الثلاثاء 27 مايو/أيار، أفادت مصلحة السجون الإسرائيلية أن مفوض مصلحة السجون أصدر تعليمات بتعيين ضابط تحقيق للنظر في ملابسات الحادث، كما أمر بإقالة الحارس من منصبه على الفور “حتى الانتهاء من عملية التحقيق”.
المصدر: +972