منذ اكتشاف أولى آبار النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط في العقد الأول من القرن العشرين، كان لزامًا على تلك المنطقة أن تصبح واحدة من أهم مناطق الصراع في عالم ما بعد الإمبراطوريات، وسياق الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي.
في سياق هذا الصراع، لطالما حاولت الولايات المتحدة أن تجعل منطقة الخليج العربي بالتحديد، التي تعوم على آبار من مصادر الطاقة، بمثابة باحة خلفية حصرية لنفوذها، وفي المقابل كان الخليج في حاجة مماثلة للولايات المتحدة لصد العديد من الأيديولوجيات التي وضعت إمارات ومشايخ الخليج وثرواتها نصب أعينها.
بداية من إذاعة “صوت العرب” ممثلة الفكر الناصري المصري التي رفعت شعار “نفط العرب للعرب”، ومرورًا بأطماع شاه إيران، ثم فكر تصدير الثورة في إيران الإسلامية الذي ما زال خطرًا حتى الآن، وصولًا إلى اللحظة الفارقة التي قرر فيها النظام البعثي في قطره العراقي أن يتحرك لضم الكويت، تلك المحاولة التي شكلت بداية لتوسع الولايات المتحدة في قواعدها العسكرية في منطقة الخليج العربي وتدخلها الواضح والصريح كشرطي أمن للمنطقة، كانت حرب الخليج إيذانًا بنهاية عصر.
خرجت الولايات المتحدة من ذاك العصر من قاعدة “الظهران” المحدودة إلى قواعد عسكرية ضخمة رادعة ممدودة بين دول الخليج. وأيضًا أصبح العالم فيه أحادي القطب، معلنًا جورج بوش الأب دعوته إلى “نظام عالمي جديد”، وكان كل شيء آنذاك مثاليًا للولايات المتحدة، لولا نهوض “التنين الصيني النائم” الذي حذر نابليون بونابرت العالم منه، أو كما تُنسب إليه العبارة في حال عدم صحتها.
الدخول في اللعبة
في الفترة بين عامي 1990 و2022، ساهمت واردات الصين في نمو سوق الطاقة بنسبة 28%. ومنذ عام 2000، ضاعفت الصين وارداتها من النفط، من 1.4 مليون برميل يوميًا إلى 11.3 مليون برميل في عام 2023، لتصبح أكبر مستورد للنفط الخام في العالم. وقد بلغت نسبة استحواذها على الحصة الأكبر من واردات الطاقة في السوق العالمية عام 2022 نحو 23%، تلتها الولايات المتحدة واليابان.
منذ أن أصبحت الصين مستوردًا صافيًا للنفط في عام 1993، برز الشرق الأوسط كمصدر متزايد الأهمية لهذه السلعة الحيوية بالنسبة للصين، وفي الوقت الذي تجاوزت فيه الصين الولايات المتحدة كأكبر مستورد للنفط الخام عام 2017، بات ما يقرب من نصف إمداداتها يأتي من تلك المنطقة، ففي عام 2020 مثلًا، استوردت الصين نحو 47% من وارداتها من النفط الخام من الشرق الأوسط بمبلغ وصل إلى 176 مليار دولارًا.
وتُعد السعودية ثاني أكبر مُصدر نفطي للصين بعد روسيا، بحجم بلغ 630 ألف برميل يوميًا في عام 2023، تليها الإمارات، ثم عُمان والكويت كخامس وسادس وتاسع أكبر مصدر على التوالي. ولا يقل الغاز الطبيعي أهميةً بالنسبة للصين عن النفط الخام، إذ تبرز قطر كثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي للصين، بحجم صادرات يقارب 20%، وصل إلى 106.1 مليار متر مكعب في عام 2020.
من ناحية أخرى، تتفوق الصين على الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بفضل حضورها الاقتصادي؛ فقد بلغ حجم الاستثمارات الصينية في المنطقة نحو 197 مليار دولار بين عامي 2005 و2020، ووصل حجم التبادل التجاري إلى 151 مليار دولار في عام 2020. وبين عامي 2000 و2021، ارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين ومنطقة الشرق الأوسط من 15 مليار دولار إلى 284 مليارًا، في حين كانت الزيادة الأميركية متواضعة، إذ ارتفع التبادل من 63 مليار دولار إلى 98 فقط.
لكن هذه الأرقام، رغم أهميتها في إظهار عمق العلاقة بين الصين والشرق الأوسط، خاصة دول الخليج في مجال الطاقة، لا تكفي وحدها للتعبير عن أهمية هذا السوق بالنسبة للصين، التي باتت المنافس الأبرز للولايات المتحدة في منطقة كانت تُعد تقليديًا حكرًا على النفوذ الأميركي.
فقد أظهرت دول الخليج في السنوات الأخيرة قدرتها على المناورة المستقلة في مجال السياسة الخارجية، خارج الإطار الأميركي، وهو ما بدا جليًا في امتناعها عن الانحياز الكامل للولايات المتحدة وحلف الناتو في أزمة غزو أوكرانيا عام 2022، ورفضها الانخراط في العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا.
تلك الاستقلالية كان من الممكن أن تشكّل فرصةً للصين لتلعب أدوارًا أوسع في منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا في ما يتعلق بالاستقرار الجيوسياسي، وهو ملف يتعيّن عليها الاهتمام به طالما أنها تريد لناقلاتها النفطية أن تمرّ بسلام في المياه، وكذلك لضمان استقرار أسعار النفط، الذي يُعد من أبرز أولوياتها باعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم.
وقد أظهرت ضربة الحوثيين لحقول أرامكو النفطية عام 2019، وما تبعها من تصاعد في أسعار النفط، حجم الضرر الذي يمكن أن يُلحق بالصين، وهو ما يفسّر استعداد بكين للعب أدوار دبلوماسية، تمثّل أبرزها في وساطتها لإعادة تطبيع العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية ضمن “اتفاق بكين 2023”.
وفي ظل هذه الحالة من التنافس بين القوتين العظميين، مع الحرص على تفادي الصدام المباشر، يبرز سوق التكنولوجيا كأحد أهم ساحات الصراع بين الولايات المتحدة والصين مؤخرًا في منطقة الشرق الأوسط، حيث تحاول واشنطن من خلاله إعادة ترسيخ نفوذها في المنطقة، والحدّ من الطموح الصيني المتصاعد.
طموح يحفز صراع
لا تبدو دول الخليج فاعلًا سلبيًا في ذلك الصراع؛ ففي ظل تغيّر سياسة الاعتماد على مصادر الطاقة، اتجهت دول الخليج إلى جعل التكنولوجيا محرّكًا رئيسيًا لاقتصاداتها وتوجّهاتها الريادية في المنطقة خلال العقود القادمة. وفي الواقع، لا يمكن للسوق الخليجي أن يسلك هذا الطريق بمعزل عن التشابكات الجيوسياسية والاقتصادية مع الولايات المتحدة والغرب، لذا برزت التكنولوجيا كمحفّز أساسي للتنافس الأمريكي الصيني في المنطقة.
وقد اعتمدت كل من الإمارات والسعودية على الصين في توفير البنية التحتية لتقنية الجيل الخامس “5G”، من خلال شراكات متعددة بين شركات الاتصالات المحلية وشركة “هواوي” الصينية، التي تُعدّ أكبر موفر لهذه التقنية في الشرق الأوسط.
في الواقع، فضّلت الإمارات في وقت ما إعطاء الأولوية لتطبيق التقنية من “هواوي” على إتمام صفقة أسلحة ضخمة مع الولايات المتحدة، ما أدى إلى تعليق الاتفاقية، وكانت الصفقة المُعلّقة تبلغ قيمتها 23 مليار دولار، وتتضمن شراء 50 طائرة من طراز “إف-35″، وطائرات بدون طيار، وذخائر متطورة.
وبعد إلغاء الصفقة، اتجهت الإمارات إلى شراء 12 طائرة من طراز “إل-15” الصينية. وعمومًا، ارتفعت مبيعات الصين من الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 80% بين عامي 2013 و2023.
ذلك الموقع الأثير للصين في الخليج بدا وكأنه يتراجع مؤخرًا تحت ضغوط متواصلة من واشنطن، وصلاحيات جديدة. ويمكن فهم انخراط الصين مع الشركاء الخليجيين ضمن إطار التكلفة المعقولة للتكنولوجيا التي توفرها، مقابل التكنولوجيا الفائقة التي تقدمها الشركات الغربية، إلى جانب استعداد الصين للمشاركة في الملكية الفكرية وإقامة المشاريع المشتركة، وهي خيارات لا تتوفر بسهولة في نظيراتها من الشركات الأمريكية.
لكن هناك معوّقات أخرى تحدّ من تمدد الصين التكنولوجي في المنطقة، فما زالت الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا على التكنولوجيا الصينية، لا سيما “هواوي”، وتحاول عزلها، وقد شدد الرئيس الأمريكي السابق بايدن على الشركاء الخليجيين ضرورة التخلص من هواوي، ويبدو أن ترامب يشاركه النظرة ذاتها، مما يزيد من ضبابية مستقبل الاعتماد على “هواوي” في منطقة الخليج.
إلى جانب ذلك، تظلّ الولايات المتحدة رائدة في تطوير الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، وصناعة الرقائق، وهي المجالات التي تواجه فيها الصين تحديات على مستوى التصنيع. وكانت واشنطن قد فرضت في عام 2023 قيودًا على تصدير هذه التقنيات لمنع وصولها إلى الصين. وتُعد هذه التقنيات الحيوية محورًا لتعزيز القدرات العسكرية واستدامة النمو الاقتصادي، ما يجعل الاستثمارات والخبرات الأمريكية أكثر جاذبية لدول الشرق الأوسط عند إتاحتها، وهو ما بدأت إدارة ترامب بتوفيره عمليًا.
هل خسرت الصين سوقها في الإمارات؟
تسعى شركة “جي 42” إلى أن تحتل موقعًا رياديًا في صناعة ذكاء اصطناعي رؤيوي من أجل غدٍ أفضل. وانطلاقًا من أبو ظبي، وببصمة عالمية، تروّج الشركة لفكرة دعم الذكاء الاصطناعي كقوة فاعلة للخير، وأداة لتحسين جوانب الحياة كافة، باعتباره مكمّلًا للبشرية لا خصمًا لها أو على الأقل، هذا ما تدّعيه عبر موقعها الرسمي.
وفي ظل التدقيق المستمر من جانب الولايات المتحدة حيال النفوذ التكنولوجي الصيني لدى شركائها الرئيسيين في الخليج، لفتت هذه الشركة أنظار واشنطن وأثارت استياءها، فمنذ تأسيسها في عام 2018، تغطي “جي 42” طيفًا واسعًا من الصناعات التي يُعد الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية فيها.
وتتفرع عنها عدة شركات مثل “أيه آي كيو” التي تُعنى بتطوير وتسويق تقنيات الذكاء الاصطناعي لقطاع الطاقة، وكذلك شركتا “بيانات” و”أم 42″ اللتان تعملان في مجالي الاستخبارات الجغرافية المكانية والرعاية الصحية على التوالي.
وقد بنت “جي 42” علاقات واسعة مع كيانات تكنولوجية صينية، من ضمنها شراكات مع “هواوي” و”بي جي آي جينوميكس”، ما أثار قلق واشنطن بشأن أمن البيانات وخصوصيتها، كما استثمرت الشركة الإماراتية في شركات صينية مثل “بايت دانس”، وأدارت صندوقًا استثماريًا بقيمة 10 مليارات دولار افتتحت له مكتبًا في شنغهاي.
وتُجسّد حالة “جي 42” ملامح هذا الصراع بوضوح؛ إذ ناقشت واشنطن ملفها مع الشيخ طحنون بن زايد، رئيس الشركة، وفي أعقاب زيارة قامت بها وزيرة التجارة الأمريكية، جينا رايموندو، إلى أبو ظبي عام 2023، بدأت “جي 42” بالتخلص التدريجي من تقنياتها الصينية.
وأعلن صندوقها الاستثماري سحب كافة استثماراته من الصين، كما استبدلت شراكاتها الصينية بشراكة استراتيجية مع شركة “مايكروسوفت” الأمريكية، من خلال عقد استثماري بقيمة 1.5 مليار دولار في عام 2024، أُطلق بموجبه مركزٌ يُعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط لتعزيز معايير الذكاء الاصطناعي.
وهو العام نفسه الذي وقّعت فيه شركة “وورلد وايد تكنولوجي” الأمريكية، الرائدة في مجال تكامل التكنولوجيا، اتفاقية مع “نكست جلوبال” لإنشاء وتطوير أول مركز لتكامل الذكاء الاصطناعي في الإمارات، ويأتي ذلك في إطار حالة من التقارب الحميمي بين الإمارات وواشنطن في مجال التكنولوجيا، تُوّج في سبتمبر/أيلول 2024 بالإعلان عن إطار عمل للتعاون وصفته الإمارات بـ”التاريخي” في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي أعقاب زيارته الأخيرة إلى واشنطن، ناقش الشيخ طحنون بن زايد مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أطر التعاون المستقبلي بين البلدين في مجالي الذكاء الاصطناعي والأمن المشترك، وأعقب تلك الجلسة توقيع عقد لتوسيع الشراكة بين “جي 42” و”مايكروسوفت”، بهدف مساعدة الإمارات على أتمتة عملياتها الحكومية بشكل كامل بحلول عام 2027.
وفي سياق متصل، وكجزء من مشروع الرئيس ترامب المسمّى “ستارغيت”، أعلنت شركتا “أوبن إيه آي” و”جي 42″ عن خطة لبناء أكبر مركز بيانات للذكاء الاصطناعي في العالم، حيث ستقام المنشأة على مساحة 10 أميال مربعة، بقدرة تشغيلية تصل إلى 5 جيجاوات، في مدينة أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة.
ضجيج بلا طحن!
تحلم شركة “هيوماين” السعودية، الناشطة في مجال الذكاء الاصطناعي، بعالم لا مستحيل فيه، حيث تعتبر الذكاء الاصطناعي ليس مجرد ميزة إضافية، بل ركيزة أساسية للمستقبل. ومؤخرًا، تم الإعلان عن “هيوماين” بالتزامن مع انعقاد منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، الذي عُقد على هامش زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط.
الشركة ستكون مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وستكون مسؤولة عن تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وبنيته التحتية، وقد سارعت شركات أمريكية كبرى، مثل أمازون وإنفيديا وسيسكو وأوبن إيه آي، إلى تبنّي المشروع، معلنةً عن استثماراتها في “هيوماين”.
وقبل زيارته إلى الخليج بأسبوع، أعلن ترامب عن إلغاء القيود التي فرضها سلفه بايدن على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما فتح المجال أمام “إنفيديا” لتخطيط إرسال 18 ألف وحدة معالجة رسومية إلى مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي المدعومة من الدولة السعودية عبر “هيوماين”، مع خطط لزيادة العدد إلى مئات الآلاف خلال السنوات الخمس القادمة، كما تخطط “أوبن إيه آي” لتنفيذ مشروع مماثل لمشروعها في أبو ظبي.
وفي السياق نفسه، وقّعت الولايات المتحدة صفقة أسلحة مع السعودية بقيمة 142 مليار دولار، وُصفت بأنها “تاريخية”، وتشمل بيع أنظمة صواريخ ودفاع حدودي أميركية، إلى جانب برامج تدريب ودعم مكثّف لتطوير قدرات القوات المسلحة السعودية، كذلك وقّعت شركة الحوسبة الكمومية الأميركية اتفاقية مشروع مشترك مع شركة “أيه آي رابان كابيتال” القطرية، تهدف إلى تطوير تقنيات الحوسبة الكمومية في قطر.
تُعيد الولايات المتحدة تموضعها في الشرق الأوسط من جديد في وجه الصين، وهذه المرة عبر بوابة التكنولوجيا، لكن رغم الزخم الكبير الذي رافق الصفقات التكنولوجية والعسكرية التي أبرمتها إدارة ترامب، لا تزال بعض الأوساط تنظر إلى هذه التحركات بشك وريبة، لعدة أسباب.
في عام 2017، أعلنت إدارة ترامب عن مبيعات أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار، إلى جانب اتفاقيات تجارية بقيمة 270 مليار دولار مع السعودية، لكن بنهاية ولايته، لم يتجاوز حجم التبادل الاقتصادي بين البلدين 92 مليار دولار، أي أقل من نصف المبلغ المُعلن، وهو ما يثير الشك حول جدية وفعالية الصفقات الأخيرة، ويجعلها في نظر البعض “جعجعة بلا طحن”.
كما لم تتضح بعد التفاصيل الجوهرية المرتبطة برفع الحظر عن تصدير الرقاقات الأميركية، مثل حقوق الحوكمة التي ستحتفظ بها واشنطن بشأن استخدام هذه الرقاقات، أو شروط الأمن المادي والسيبراني المرافقة لها، أو آليات الامتثال والمحاسبة والعقوبات في حال حصول انتهاكات.
في المقابل، لا تبدو الصين، التي تعاني من مشكلات في تصنيع الرقائق الإلكترونية، قادرة على تقديم بديل فعلي في الأمد القريب لدول الخليج مقارنة بالشركات الأميركية، لكن بكين تواصل محاولة الحفاظ على موطئ قدم تكنولوجي في المنطقة، من خلال الاستثمار في البنية التحتية، كما حصل مع انتشار تقنية “الجيل الخامس” (5G) التي وفّرتها شركة هواوي.
ويبدو أن هذا النموذج هو الخيار الأمثل للصين لموازنة التوسع الأميركي المتجدد في الخليج، شرط بقاء الصراع الأميركي الصيني ضمن حدود التنافس وتجنّب الصدام المباشر، وفي خضم هذا التنافس، تبقى دول الخليج هي المستفيد الأكبر، عبر تعزيز موقعها الريادي في قطاع التكنولوجيا بالمنطقة.
أما “إسرائيل”، فترى في هذه التحولات تهديدًا مباشرًا لمكانتها الإقليمية، وخصوصًا في مجال التفوق التكنولوجي، فمن وجهة نظرها، فإن التوسع الخليجي في التعاون مع الصين، إلى جانب صفقات ترامب مع السعودية والإمارات بشأن تصدير الرقائق فائقة السرعة، وإقامة مراكز بيانات عملاقة بالتعاون مع شركات أميركية، قد يحوّل الخليج إلى ساحة تكنولوجيا منافسة، خارجة عن النطاق الغربي التقليدي.
وترى تل أبيب أن هذه التحولات قد تقوّض تفوقها في هذا القطاع الحساس، بل قد تغيّر موازين القوى في المنطقة سياسيًا واستراتيجيًا، وتمتد تأثيراتها إلى ما هو أبعد من التكنولوجيا.