ترجمة وتحرير: نون بوست
أفاد مئات النشطاء من عدة دول كانوا يتطلعون للوصول إلى الحدود المصرية مع غزة بهدف كسر الحصار الإسرائيلي على القطاع، بأنهم “تعرّضوا لهجوم من منحرفين يرتدون ملابس مدنية” كانوا يحملون السياط، وأن السلطات المصرية أوقفتهم بـ”عنف” واحتجزتهم عند نقاط تفتيش خارج القاهرة.
كان هؤلاء النشطاء من بين أربعة آلاف شخص من 80 دولة، كانوا يعتزمون المشاركة في “المسيرة العالمية إلى غزة” التي تم تنظيمها الأسبوع الماضي.
ووفقًا للمتحدثة باسم المسيرة هانا سميث، والتي كانت موجودة عند نقطة التفتيش الأولى، فقد كان النشطاء يتفاوضون مع السلطات لساعات، قبل أن تفقد قوات الأمن صبرها وتبدأ في جرّ النشطاء بالقوة إلى الحافلات.
وقالت سميث: “تم سحب بعض المتظاهرين والاعتداء عليهم بالضرب. تعرضت امرأة للكمات في وجهها”.
وأضافت: “كان تصعيدًا مفاجئًا وعنيفًا للغاية، وكان الأمر منسقًا”، مشيرة إلى أن ثلاثة أشخاص على الأقل نُقلوا إلى المستشفى عند نقطة التفتيش الأولى.
عندما بدأ النشطاء في الوصول إلى القاهرة يوم الأربعاء الماضي، كان في استقبالهم عناصر من قوات الأمن المصرية في الفنادق، وأفادت التقارير بأنه تم احتجاز واستجواب نحو 200 ناشط.
وفقًا للبرنامج الذي تم إعداده في البداية، كان من المقرر أن يسافر المشاركون بالحافلات إلى مدينة العريش في شبه جزيرة سيناء التي تخضع لإجراءات أمنية مشددة، قبل أن يواصلوا سيرًا على الأقدام مسافة 50 كيلومترًا باتجاه الحدود مع غزة.
ولكن بعد حملة القمع، اضطر منظمو المسيرة إلى تغيير خططهم، ووجّهوا النشطاء بدلاً من ذلك إلى التجمّع في مدينة الإسماعيلية شمال شرق القاهرة.
وقالت سميث إن السلطات بدت وكأنها “خفّفت من حدة موقفها” يوم الخميس.
وأكدت سميث لموقع ميدل إيست آي: “لم تكن هناك الكثير من الاعتقالات في 12 [يونيو]”، مضيفة أن منظّمي المسيرة الذين نُشرت أسماؤهم على الموقع الإلكتروني للمبادرة، لم يتم اعتقالهم أو استجوابهم.
وتابعت: “كان رد الفعل يوم 12 [يونيو] مختلفًا تمامًا عمّا كان عليه يوم 11. كان ذلك مؤشرًا مشجّعًا، لأننا اعتقدنا في البداية أن السلطات ستنفذ اعتقالات جماعية وترحيلات فور وصول الناس إلى المطار”.
قرّر النشطاء التجمّع في مدينة الإسماعيلية، وكانوا ينتظرون الحصول على تصريح من السلطات المصرية لمواصلة طريقهم إلى رفح.
وقالت سميث: “لم نكن نخطط لتنظيم مظاهرة، كنا فقط نريد أن نجتمع في مكان واحد وننتظر موافقة الحكومة المصرية”.
“صرخات في الظلام”
تقول سامي، وهو اسم مستعار خوفًا من الانتقام، لموقع ميدل إيست آي إنها وصلت إلى نقطة التفتيش الأولى حوالي الساعة الثامنة مساء، لتجد قوات مكافحة الشغب تطوّق نحو 200 شخص كانوا ينظمون اعتصامًا سلميًا.
وأفادت أن رجالًا ملثمين يرتدون زيًّا بدويًا تقليديًا هاجموا الحشد مستخدمين “أداة تشبه السوط”.
وفي لحظة ما، انطفأت أعمدة الإنارة، مما أغرق المكان في الظلام.
وقالت سامي: “كنّا نسمع صرخات في الظلام من حين لآخر. من الواضح أنهم كانوا يستغلون الظلام كغطاء لتنفيذ الهجمات”.
وقال الناشط المجري كومارومي غيرغيلي إنه احتُجز عند إحدى نقاط التفتيش إلى جانب “المئات” من المشاركين الآخرين في المسيرة.
وقال في مقابلة مصوّرة مع موقع ميدل إيست آي: “في المساء، حاولت السلطات تفريقنا”.
وأضاف أنهم كانوا يجلسون بهدوء ويهتفون، عندما “بدأ العشرات من المنحرفين العدائيين بملابس مدنية بمهاجمتنا”.
لاحقا طوّقتهم قوات مكافحة الشغب، وتم إجبار بعض النشطاء على الصعود إلى الحافلات “بشكل عنيف”. وقال إن أحد النشطاء تعرّض للضرب المبرّح، “ومن المرجح جدًا أنه أصيب بكسور في أضلاعه”.
وأكد غيرغيلي أنه عندما امتثل في نهاية المطاف وتوجّه نحو الحافلة، تعرّض للاعتداء على يد منحرفين وعناصر من الشرطة، قبل أن يُجبر على الصعود إلى سيارة شرطة برفقة 14 شخصًا آخرين. وأضاف أن الجميع صودرت جوازات سفرهم وهواتفهم.
ووفقًا لغيرغيلي، تم الإفراج عن أحد النشطاء على الفور لأنه يحمل الجنسية الأمريكية، بينما نُقل الباقون إلى “قسم شرطة بعيد قضينا فيه الليلة”. وفي صباح اليوم التالي، نُقلوا إلى مطار القاهرة وتم ترحيلهم.
وفقًا لسميث، تم اعتقال أكثر من 500 شخص.
وأفادت ريم، وهي ناشطة أخرى فضّلت استخدام اسم مستعار، بأن السفارات الأوروبية كانت بطيئة في الاستجابة للوضع.
وقالت ريم لموقع ميدل إيست آي: “قبل اندلاع أعمال العنف، لم نكن نعلم حقًا ماذا كانوا سيفعلون بجوازات سفرنا”.
وأضافت: “اتصل المواطنون السويسريون بسفارتهم، وكان الرد: وماذا كنتم تتوقعون؟ لا يمكننا فعل شيء حيال ذلك'”.
وقالت: “أعتقد أن العديد من السفارات كانت تقول الشيء نفسه، أنتم مخطئون من الأساس. كان الكثير من الناس يتصلون بهم ويطلبون منهم التدخل، لذلك شعروا بالضغط، لكنني أرى أنه من المؤسف أنهم لم يبادروا منذ البداية”.
“الجهود لم تذهب سُدًى”
أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا يوم الخميس دعت فيه المنظّمين إلى التقدّم بطلب للحصول على تصريح لتنظيم الفعالية والتنسيق بشكل وثيق مع السفارات، مشيرة إلى مخاوف أمنية في سيناء.
لكن منظّمي المسيرة كانوا قد أبلغوا موقع “ميدل إيست آي” في وقت سابق بأنهم تواصلوا مرارًا مع السلطات بشأن الفعالية، وأكدوا أن السفارات شجعتهم و”أعربت عن تأييدها للمسيرة”.
وقالت سميث: “كل ما قمنا به كان متوافقًا مع القوانين المصرية. كنا ننتظر الحصول على تصريح، ولم نُعطِ أي إشارة بأننا سنتوجه إلى العريش ونبدأ المسيرة دون إذن”.
يحاول المنظّمون حاليًا إخراج النشطاء من مراكز الاحتجاز، ويطلبون من البقية تغيير مواعيد رحلاتهم الجوية.
وفي غضون ذلك، مُنعت قافلة برية موازية تُعرف باسم “قافلة صمود”، انطلقت من العاصمة التونسية في 9 يونيو/ حزيران حاملةً آلاف النشطاء من تونس والجزائر والمغرب، من دخول مدينة سرت الليبية.
وقال المنظّمون في بيان إن السلطات في شرق ليبيا منعت إيصال المواد الغذائية والمياه والإمدادات الطبية إلى نحو 1500 مشارك، وأفادوا بأن ما لا يقل عن 13 شخصًا ما زالوا قيد الاعتقال.
وقال وائل نوار، المتحدث باسم قافلة الدعم التي نظّمها مواطنون ليبيون تضامنًا مع القافلة، في منشور على فيسبوك يوم السبت، إنه تعرّض للاختطاف والاعتداء بالعنف وسُرقت أمواله على يد سلطات موالية للواء خليفة حفتر.
رغم عدم انطلاق المسيرة حتى الآن، تؤكد سميث أن جهودهم لم تذهب سُدى.
وقالت سميث: “لدينا شبكة مكوّنة من 4000 شخص مستعدّون لترك كل شيء من أجل دعم فلسطين. هذه الروابط التي أنشأناها خلال الأيام الماضية… لم تكن بلا جدوى”.
وأضافت: “لا أريد أن أجلس بعد عشر سنوات وأتساءل عمّا إذا كنا قد فعلنا كل شيء ممكن لوقف الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين”.
المصدر: ميدل إيست آي