“عرض فلسطيني جديد للسلام مع إسرائيل”.. تحت هذا العنوان نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرًا مطولًا للكاتب الأمريكي وعضو هيئة تحرير الصحيفة، إيليوت كوفمان، طرح من خلاله ما أسماه “البديل الجديد” لفكرة حل الدولتين التي وصفها بأنها باتت أكثر عبثية بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
يستند الحل البديل، بحسب كوفمان، إلى مقترح قدّمه خمسة من شيوخ مدينة الخليل في الضفة الغربية، يتزعمهم الشيخ وديع الجعبري المعروف باسم “أبو سناد”، حيث وقعوا رسالة يتعهدون فيها بالسلام والاعتراف الكامل بـ”إسرائيل” كدولة يهودية، والانفصال بالخليل عن السلطة الفلسطينية وتأسيس إمارة خاصة بهم تنضم لاحقًا إلى اتفاقيات “أبراهام”.
وقال الشيوخ في رسالتهم التي عنونوها بـ”نريد التعاون مع إسرائيل”: “ستعترف إمارة الخليل بدولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وستعترف دولة إسرائيل بإمارة الخليل كممثل للعرب في منطقة الخليل”. هذا الاعتراف يتجاوز ما وصلت إليه السلطة الفلسطينية في أي وقت، ويتجاهل عقودًا من الرفض.
ما يخطط له الجعبري في الضفة لا يمكن قراءته بمعزل عمّا يسعى إليه “أبو شباب” في غزة، لا من حيث السياق ولا الدافع؛ فكلاهما يتحرك من منطلق واحد، مدفوعين بدعم وتحريض إسرائيلي بحت، وفق معادلة “الحماية مقابل الخيانة”، حتى وإن حملت شعارها الدبلوماسي التجميلي “السلام مقابل الأمن”.
استخدام الغطاء العشائري القبلي لتدشين مشاريع انفصالية في الضفة أو القطاع، بهدف ضرب اللحمة الوطنية وتفتيت النسيج الاجتماعي والسياسي، بما يمنح المحتل مسوغًا لتمرير مخططاته ومشروعاته التوسعية، ليس بالأمر الجديد على العقلية الإسرائيلية التي تجيد توظيف هذه الورقة بين الحين والآخر، مُغذية التوترات والفجوة النسبية بين الشارع من جانب والسلطة الفلسطينية وحماس من جانب آخر.
وبعيدًا عن استنكار وجهاء عائلة الجعبري الفلسطينية في مدينة الخليل لمثل هذه الخطوات ورفضهم الكامل -في بيان لهم- لأي محاولة للانقلاب على السلطة والقيادة الفلسطينية مهما كان حجم الخلاف معها، وتشديدهم على عدم التماهي مع السردية الإسرائيلية، إلا أن مجرد طرح مثل تلك الأفكار وتداولها، وإن كان في أضيق الحدود، سيجعل منها مقترحًا للنقاش عاجلًا أم آجلًا، ما يعكس وبشكل مقلق العمق الذي وصلت إليه حافة التفكك والانكفاء الفلسطيني، ومخططات الاحتلال التي لا تتوقف لضرب البنية الوطنية الجامعة.
📌 منذ 7 أكتوبر، قتلت “إسرائيل” 1000 فلسطيني في #الضفة_الغربية.
📌 “إسرائيل” صادرت أراضي أكثر في 2024 مما فعلته خلال 20 سنة.
📌 توزيع أسلحة ودمج المستوطنين في قوات الاحتلال الإسرائيلية مما زاد من عنفهم ضد القرى الفلسطينية.
📌 مخيمات جنين وطولكرم ونابلس تتعرض لهجمات يومية، مع… pic.twitter.com/Sp8tBMer6T
— نون بوست (@NoonPost) July 4, 2025
تفاصيل العرض
ينطلق الجعبري، البالغ من العمر 48 عامًا، في عرضه المقدم، متبنيًا السردية الإسرائيلية في استحالة إقامة دولة فلسطينية “ولا حتى بعد ألف عام”، وأن التركيز فقط على هذا الأمر سيقود الفلسطينيين إلى كارثة، في إشارة إلى اتفاقية “أوسلو” التي “جلبت سلطة فلسطينية فاسدة – على حد قوله – بدلًا من الاعتراف بالقيادات التقليدية الأصيلة”، في إشارة إلى العشائر الكبرى التي ما زالت تهيمن على المجتمع الفلسطيني، كما جاء على لسانه وفق ما ذكرت الصحيفة الأمريكية.
يقول كوفمان إنه اطّلع على مقاطع فيديو للشيخ الجعبري وهو يوقّع على الرسالة، كما راجع مستندات تشرح تفاصيل الخطة، وتتضمن إنشاء منطقة اقتصادية مشتركة على أكثر من 1000 فدان قرب الجدار الأمني بين الخليل و”إسرائيل”، متوقعًا أن توفّر هذه المنطقة عشرات آلاف الوظائف.
روّج كيدار لخطة سلام فلسطينية إسرائيلية عُرفت باسم “الإمارات الفلسطينية” أو “حل الدول الثماني”، تلك التي تقوم على تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى 8 إمارات
وتضمنت الوثيقة المكتوبة بالعبرية أسماء الشيوخ الموقّعين والمنضمين إلى هذا العرض، وينقسمون إلى قسمين يمثلان الغالبية العظمى من سكان الخليل البالغ عددهم 700,000 نسمة؛ الدائرة الأولى تضم 8 شيوخ كبار يُعتقد أنهم يمثلون 204,000 نسمة، والدائرة الثانية تضم 13 شيخًا يمثلون 350,000 نسمة آخرين، كلهم بايعوا الجعبري، بما في ذلك أفراد من أجهزة الأمن المحلية التابعة للسلطة الفلسطينية، على حد زعم التقرير.
ويقترح الشيوخ أن تسمح “إسرائيل” بدخول 1000 عامل من الخليل في فترة تجريبية، ثم 5000 آخرين، على أن يرتفع العدد لاحقًا إلى 50 ألف عامل، متعهدين في رسالتهم بـ”عدم التسامح مطلقًا” مع الإرهاب من جانب العمال، “على عكس الوضع الحالي حيث تدفع السلطة الفلسطينية رواتب للإرهابيين”، وفق ما جاء في الرسالة التي وُجهت إلى وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات، الرئيس السابق لبلدية القدس، المخوّل له تسليمها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفي انتظار الرد عليها بشكل رسمي.
مقترح كيدار.. مخطط إسرائيلي قديم
لم يكن مقترح الجعبري من بنات أفكار الرجل، فهو ترجمة عملية تحركية لمخطط إسرائيلي قديم، تمّت صياغته بشكل مدروس، وأُلقيت بذوره في تربة الخليل الخصبة حتى اختمرت مع مرور الوقت، وجاء اليوم لجني حصادها المرّ بعد سنوات من هندسة الضفة على المقاس الإسرائيلي، وصناعة جيل من العملاء والمتآمرين، مستغلين الإدارة الفاشلة للسلطة وقياداتها وتوسيع الهوة بينها وبين الشارع.
وهنا يقول وزير الاقتصاد الإسرائيلي إنه قبل خمس سنوات تقريبًا، كان الناس حول العالم يسألون “إسرائيل” بين الحين والآخر: “أنتم ضد حل الدولتين، وضد حل الدولة الواحدة، فماذا تريدون؟”، وكانت إجابته وقتها هي “حل الإمارات”، وهو المقترح الذي كان قد طرح فكرته الأساسية البروفيسور الإسرائيلي، الخبير في الثقافة العربية، مردخاي كيدار (72 عامًا)، قبل عدة أعوام.
في عام 2012 روّج كيدار، الذي خدم لمدة 25 عامًا في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية التابعة لجيش الاحتلال، والمتخصص في الجماعات الإسلامية والخطاب السياسي للدول العربية، لخطة سلام فلسطينية إسرائيلية عُرفت باسم “الإمارات الفلسطينية” أو “حل الدول الثماني”، تلك التي تقوم على تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى 8 إمارات هي: قطاع غزة، وجنين، ونابلس، ورام الله، وأريحا، وطولكرم، وقلقيلية، والجزء العربي من الخليل.
ويعتمد الباحث الإسرائيلي في طرحه هذا على سوسيولوجيا الشرق الأوسط، والتي تعتبر القبيلة حجر الزاوية الرئيس في المجتمع، مطالبًا بضرورة اتباع هذه الخاصية كأساس للحل الإسرائيلي الفلسطيني، لافتًا إلى أن نموذج الدولة القومية المتمثل في دول مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا ولبنان قد فشل في العالم العربي، بينما نجحت دول مثل قطر والكويت والسعودية والإمارات لأنها محكومة بعائلة واحدة، منوهًا بأن هوية العشيرة ما زالت أهم من الهوية الوطنية في الضفة الغربية، خاصة في الخليل، ما يجعلها اختبارًا جيدًا لهذا النموذج.
وبعد 13 عامًا على طرح هذا المخطط، تحاول حكومة نتنياهو ترجمته عمليًا، مستغلة الظرفية التاريخية الاستثنائية الراهنة. وهنا تقول “وول ستريت جورنال” إن وزير الاقتصاد الإسرائيلي استضاف الجعبري وشيوخًا آخرين في منزله، والتقى بهم أكثر من 12 مرة منذ فبراير/شباط الماضي، حيث ناقش معهم فعليًا تنفيذ هذا المخطط: تقسيم فلسطين إلى إمارات منفصلة، على أن تكون البداية من الخليل.
ويتوقع بركات والداعمون لهذا المخطط أن يحظى عرض الجعبري وشيوخه بتأييد الرأي العام الإسرائيلي، قائلًا: “لا أحد في إسرائيل يثق بالسلطة الفلسطينية، ولن تجد الكثير من الفلسطينيين يثقون بها أيضًا”، وتابع: “الشيخ الجعبري يريد السلام والانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، وبدعم من زملائه الشيوخ”، متسائلًا: “من في إسرائيل سيرفض؟”.
من جانبه، يرى مؤسس منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، اللواء المتقاعد عامير أفيفي، أن الجعبري، الذي التقاه أكثر من مرة خلال الآونة الأخيرة، جاد في طرحه، خاصة بعد نجاحه في توحيد هذا العدد من الشيوخ خلفه، ويتساءل: “إذا كان الموقف الإسرائيلي أن السلطة لا يمكن أن تحكم غزة لأنها إرهابية وفاسدة، فلماذا يُسمح لها بحكم الضفة؟”.
القناعة الإسرائيلية
لم تحظَ لغة الجعبري بالتأييد الإسرائيلي المتوقع، فالخطاب كما لو كان قد صيغ على مكتب بن غفير وسموتريتش، ويتماهى شكلًا ومضمونًا مع رؤيتهما للتوسع الاستيطاني في الضفة ومخطط احتلالها بالكامل، وهو ما يثير الشكوك في صدقيته وجدواه، هذا بخلاف تراجع الثقل الشعبي للشيوخ الموقّعين على الوثيقة، وافتقادهم للمكانة التي تؤهلهم لتنفيذ العرض المقدَّم والقدرة على فرضه على بقية سكان الخليل.
حذّر الشيوخ الحكومة الإسرائيلية من أن السلطة قد تسمح بهجوم شبيه بهجوم 7 أكتوبر، ويخشون أن يتحول حال الضفة إلى غزة، لكن شيخًا بارزًا قال: “إذا حصلنا على بركة الرئيس ترامب والولايات المتحدة، يمكن أن تصبح الخليل مثل الخليج، مثل دبي”، على حد قوله.
وبحسب الوزير الإسرائيلي، فإن الشيوخ الخمسة كانوا مستعدين للتحرك من أجل الانفصال عمليًا بعد نهاية رمضان الماضي، وأنهم يتفوقون عددًا وقوة على السلطة الفلسطينية، لكن تأخر رد حكومة نتنياهو هو ما أخّرهم، مضيفًا: “السلطة هي المشكلة، وهؤلاء الشيوخ هم الحل”.
من جانبه، رفض جهاز الشاباك التعليق على هذا العرض المُغري، معتبرًا أن السلطة ضرورية لمكافحة الإرهاب في الضفة، فيما أعرب الجيش الإسرائيلي عن قلقه، بينما يرى مقربون من دوائر صنع القرار في الحكومة الإسرائيلية أن العشائر الفلسطينية في الضفة ممزقة للغاية ولا تصلح للحكم أو لمكافحة الإرهاب.
الكانتونات.. هندسة الضفة على المقاس الإسرائيلي
منذ احتلال الضفة الغربية، لم تتوقف محاولات الجانب الإسرائيلي لاستقطاب شخصيات ذات وجاهة عشائرية وقبلية فلسطينية وتصديرها كوجوه سياسية يُزجّ بها في مقدمة الصفوف، وتُطرح كبديل محتمل للسلطة، وتصبح مع مرور الوقت المتحدث غير الرسمي باسم بلديات الضفة، تارة مع شيوخ قبائل وأخرى مع شخصيات أكاديمية واجتماعية.
ولم يكن أبو ياسر شباب في غزة ولا وديع الجعبري في الضفة إلا نتاجًا وإفرازًا لتلك المحاولات المستمرة منذ سنوات، والتي تأتي في سياق التصورات الإسرائيلية المطروحة حول مستقبل الضفة، تلك التصورات التي تستهدف الإبقاء على الاحتلال دون كلفته السياسية والعسكرية المباشرة، من خلال إعادة إنتاج السلطة عبر أدوات سلطوية متفرقة كـ”إدارة بلديات محلية”.
يخدم هذا الطرح مشروع “الكانتونات” الذي تبنّته تل أبيب بعد فشل مفاوضات السلام المتكررة، والذي يهدف إلى تقسيم الضفة إلى جزر أو معازل جغرافية منفصلة عن بعضها البعض، تحيط بها المستوطنات الإسرائيلية والطرق الالتفافية، وتفتقر إلى السيادة الكاملة، وهو المشروع الذي خرج إلى النور بعد اتفاق أوسلو عام 1993.
بعد هذا الاتفاق مباشرة، قُسمت الضفة إلى ثلاث مناطق معزولة: منطقة (A) خاضعة للسلطة الفلسطينية أمنيًا وإداريًا، ومنطقة (B) خاضعة للسلطة إداريًا ولإسرائيل أمنيًا، ومنطقة (C) خاضعة لـ”إسرائيل” أمنيًا وإداريًا وتشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة، فيما بدأ تكريس سياسة الكانتونات على الأرض من خلال عدة ممارسات، منها جدار الفصل العنصري الذي عزل التجمعات الفلسطينية وفصلها عن القدس، وحوّل قرى وبلدات إلى جيوب محاصرة.
كذلك الطرق الالتفافية التي تربط المستوطنات ببعضها وتفصل المدن الفلسطينية، والإكثار من نقاط التفتيش والحواجز التي تزيد من الانعزال وتمنع التواصل الجغرافي الفلسطيني، بجانب منع البناء والتوسع الفلسطيني في مناطق (C) بهدف تقويض النمو الطبيعي وربط الأرض الفلسطينية بشكل مستمر بالسيطرة الإسرائيلية، وكذلك التحكم في الحدود والمعابر والمياه والكهرباء، ما يجعل كل “كانتون” غير قادر على الاستقلال أو التفاعل الحر مع الآخر.
وبالفعل استطاع الاحتلال فرض طوق مشدد من الحصار والتقسيم على الضفة، حيث حوصر شمال الضفة (جنين – طولكرم – نابلس) بالمستوطنات وجدار الفصل، والوسط (رام الله – البيرة) بالطرق الالتفافية التي تعرقل حرية الحركة والتواصل، أما الجنوب (الخليل – بيت لحم) فمحاصر ومفصول عن القدس، وأخيرًا قطاع غزة الذي فُصل تمامًا عن الضفة منذ عام 2007.
ويهدف المحتل عبر تلك الهندسة الديموغرافية للضفة إلى إفشال مشروع الدولة الفلسطينية الموحدة جغرافيًا، وتفتيت المجتمع الفلسطيني سياسيًا، وضرب اللحمة الوطنية، وإجهاض الاقتصاد الفلسطيني، وإحداث المزيد من التفسخ والانعزالية، بجانب فرض سيطرة أمنية كاملة على كل الأراضي، ثم استخدام هذا المخطط كورقة تفاوض مستقبلية لتقويض مطالب الفلسطينيين بالسيادة، بهدف قتل حلم الدولة الفلسطينية من جذوره.
رسالة إنذار
تجدر الإشارة ابتداءً إلى أن اختيار “الخليل” تحديدًا للانفصال عن السلطة لم يكن اختيارًا عشوائيًا؛ فهي أكبر محافظة فلسطينية من حيث السكان، وهي عمود اقتصادي صناعي مهم، كما أنها تتمتع بمكانة دينية كبيرة، كونها تحتضن الحرم الإبراهيمي الشريف، الذي يعتبره اليهود “مغارة المكفيلة”، مما يمنحها حساسية دينية عالية لدى المستوطنين.
وتعاني الخليل فعليًا على الأرض نوعًا من الانفصال عن الضفة الغربية، حتى وإن لم يكن ذلك بشكل رسمي؛ فالمنطقة (H2) ذات الكثافة الفلسطينية، والتي يسكنها أكثر من 30 ألف فلسطيني مقارنةً بـ400 – 800 مستوطن فقط، تخضع لسيطرة جيش الاحتلال، وبها مئات الحواجز ونقاط التفتيش التي تعزل السكان عن بعضهم البعض، مما يجعل الوصول إلى مناطق الوسط، خاصة منطقة البلدة القديمة وشارع الشهداء، مقيدًا بشدة. كما تخضع الخطوط التجارية والنقل بين شمال وجنوب الضفة، والتي تمر من خلال الخليل، لمراقبة مكثفة والغلق في أي وقت.
لم يحظَ العرض المُغري الذي قدّمه الجعبري بردّ الفعل المتوقع فلسطينيًا، ولم يلقَ الزخم المأمول كما خُطط له من قِبل المحتل وأجهزته الاستخباراتية، كنوع من الضغط والابتزاز، فسُرعان ما أجهضته عشيرة آل الجعبري ببيان سريع تبرأت فيه بشكل كامل، واستهجنت ما أقدم عليه أحد أفراد العائلة غير المعروف لدى العشيرة، وليس من سكان الخليل.
وأكدت العشيرة، بكل فروعها في الداخل الفلسطيني وخارجه، التزامها الكامل بالثوابت الإسلامية والوطنية وحقوق الشعب الفلسطيني، مشددة على رفضها أي مشاريع انقسامية تمس وحدة الأرض والشعب، لافتة إلى أن هذه التحركات لا تنسجم مع إرث الخليل المقاوم، ولا تعبر عن نبض سكانها الذين دفعوا ثمنًا باهظًا على مدى سنوات في مواجهة الاحتلال.
كما شددت على رفضها المطلق لأي مشروع يهدف إلى فصل قرى أو مناطق من محافظة الخليل، وتأكيدها على وحدة الأرض والشعب، وتمسكها بالانتماء الوطني ورفض أي مسميات أو كيانات بديلة، محذرة من المساس بالسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، واعتبار ذلك خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه، احترامًا لمسيرة الشهداء والجرحى والأسرى.
قد لا يحمل هذا المقترح أي قيمة عملية على الأرض في ظل صعوبة تحقيقه وتراجع مؤشرات واقعيته، إلا أن طرح هكذا مبادرات بين الحين والآخر على طاولة النقاش تطوّر مقلق للغاية، يشير إلى أمرين؛ الأول: الإصرار الإسرائيلي الذي لا يفتر بشأن تنفيذ مخطط التقسيم والسيطرة على الضفة عبر استراتيجية الكانتونات والفصل العنصري بين المدن الفلسطينية.
والآخر: يعكس الحالة المتدنية التي باتت عليها اللحمة المجتمعية الفلسطينية، التي تعاني من حالة تفكك وانفصال كارثية، مما يفتح الباب أمام الإيقاع بضعاف النفوس واستقطابهم بسهولة، الأمر الذي يتطلب الإسراع نحو ترميم جدار البنية الوطنية الجامعة التي تعرّضت لضربات مؤلمة خلال الآونة الأخيرة، فهي حائط الصد الأبرز والأهم في مواجهة مخططات التوسع الاستيطاني، اليوم وغدًا.