“مواطنون من الدرجة الثانية”… هكذا علّق أحمد سعداوي (40 عامًا) على أوضاع المسلمين بصفة عامة في إيطاليا بعد عقدَين كاملَين من الإقامة في هذا البلد، منوّهًا أنه لولا إصرار وتحدي الجالية المسلمة هناك لما بقيَ مسلم واحد داخل الأراضي الإيطالية.
رغم أن المسلمين ثاني أكبر كيان ديني في إيطاليا بعد المسيحية، إلا أن هناك معضلة كبيرة في التعامُل بين الدولة والجالية المسلمة، معضلة أرجعها البعض إلى الإرث التاريخي المثقل بالدماء والذكريات الأليمة، وربما عقدة التاريخ التي تهيمن على العقلية الإيطالية التي تتوهّمُ أن المسلمين يخطِّطون لعودة أمجاد الماضي حين فتحوها في القرن التاسع الميلادي.
يبلغ تعداد الجالية المسلمة قرابة 1.7 مليون شخص، أي ما يعادل 3.1% من إجمالي عدد سكان إيطاليا، وفق إحصاءات عام 2017، فيما تذهب تقديرات أخرى غير رسمية إلى أن العدد يتجاوز هذا الرقم لا سيما من المسلمين غير حاملي الجنسية الإيطالية، رغم التضييقات التي يتعرضون لها بين الحين والآخر.
خلفية تاريخية
كان القرن التاسع الميلادي هو موعد معرفة إيطاليا بالإسلام، إذ وصلها عبر 3 منافذ رئيسية، واستطاع من خلالها الانتشار في بقية أنحاء البلاد، الأولى كانت جزيرة صقلية حين فتحها إبراهيم بن الأغلب بقيادة أسد بن الفرات عام 827، وكانت إيذانًا بعلاقة جديدة بين أوروبا والإسلام.
أما المنفذ الثاني فكان عبر جزيرة سردينيا التي ورثَ الفاطميون حكمها عن الأغالبة عام 909، إذ ظلّت تحت الحكم الإسلامي قرابة قرن كامل إلى أن استولى عليها ملوك الطوائف المسلمون بالأندلس، لكن سرعان ما سقطت في قبضة الحلف المسيحي عام 1015.
استمرَّ الحكم الإسلامي لمدن إيطاليا قرابة 200 عام
ثم يأتي المنفذ الثالث لمعرفة إيطاليا بالإسلام من خلال شبه جزيرة إيطاليا، حين فتح المسلمون مدينة برنديزي عام 836 بعد معركة شرسة مع الأغالبة، تلاها فتح نابولي في العام التالي مباشرة، ثم كابوه عام 841، وصولًا إلى روما عام 846، حين أجبر المسلمون البابا على دفع الجزية نظير حمايتهم.
واستمرَّ الحكم الإسلامي لمدن إيطاليا قرابة 200 عام، لكن نتيجة الخلافات التي نشبت بين حكّام الخلافة الإسلامية في الشرق والغرب، والوهن الذي حلَّ ببعضهم، نجحَ المسيحيون في استعادة تلك المدن واحدة تلو الأخرى، كان آخرها جنوب إيطاليا حيث استولوا عليها من العثمانيين عام 1481.
خلّفت تلك المواجهات كيانًا إسلاميًّا داخل إيطاليا لكنه ليس بالكيان الكبير، غير أن الأمور تغيّرت تمامًا بعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، حيث كثرت موجات الهجرة من بلاد العرب والمسلمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية إلى إيطاليا، لتبدأ النواة الحقيقية للجالية المسلمة هناك.
الإسلام على خارطة الدولة
كان المسلمون في إيطاليا قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر يعانون من التهميش نسبيًّا، لكن كان هناك هامش حرية نسبي يسهِّل أمامهم أداء شعائرهم الدينية وممارسة حياتهم كأقلية مسلمة لها طقوس وعادات، لكن سرعان ما تغيّر الوضع بعد تلك الأحداث، إذ فُتح الباب أمام التدخُّل السافر في الحياة اليومية للمسلمين وتشكيلها وفق رؤية أمنية بحتة.
وخلال فترة 2005-2017 دشّنَ ساسةُ إيطاليا ونخبتها الحاكمة استراتيجية جديدة للتعامل مع المسلمين، تميل جزئيًّا إلى التعامل معهم على أُسُس من التحفُّظ والترقُّب، ما يعني فرض الرقابة الكاملة على كافة أنشطتهم الدينية وتحركاتهم السياسية حتى الحاصلين على الجنسية الإيطالية.
تعززت تلك الاستراتيجية أكثر فأكثر مع موجة الهجرة عام 2015، حينها تمَّ التعامل مع الجالية المسلمة كإحدى أولويات الأمن ومكافحة الإرهاب، وتحوّل المسلمون من شركاء في الوطن إلى مواطنين درجة ثانية، وربما أعداء داخليين كما هي سياسات الأحزاب اليمينة المتطرفة التي زاد نفوذها أكثر خلال السنوات السبع الماضية.
الباحث في قسم الدراسات الأوروبية في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية “سيتا”، ليونارد فيتر، يرى أن السياسة الأمنية التي تتّبعها السلطات الإيطالية تحول دون تبنّي سياسات تعاونية وتشاركية حول الإسلام، تجعل من المسلمين حلفاء يمكن تدشين اتفاقيات وتشاركات معهم بهدف النفع العام.
خلال فترة 2005-2017 دشّنَ ساسةُ إيطاليا ونخبتها الحاكمة استراتيجية جديدة للتعامل مع المسلمين، تميل جزئيًّا إلى التعامل معهم على أُسُس من التحفُّظ والترقُّب
وتتلخّص رؤية فيتر في أن هناك توجُّهًا رسميًّا من الدولة لتدجين الإسلام وأدلجته بما يفرغه من أصوليته التي يرى فيها الإيطاليون تهديدًا لأمنهم القومي، البداية كانت في يناير/ كانون الثاني 2017 حين تمَّ الإعلان عن تدشين “مجلس جديد للعلاقات مع الإسلام في إيطاليا”، عن طريق وزير الداخلية الأسبق أنجلينو ألفانو، وهو عبارة عن هيئة استشارية مهمّتها الأساسية “تحسين اندماج المسلمين في البلاد”.
وتألّفَ المجلس وقتها من بعض الأكاديميين والخبراء في الثقافة الإسلامية، بعضهم من غير المسلمين، فضلًا عن غير المؤهَّلين منهم، وكانوا يقدّمون تقارير شهرية وتوصيات حول قضايا الاندماج والتكامل وأبرز الملفات التي تهمُّ الجالية المسلمة في الداخل الإيطالي.
كان يعوّل وزير الداخلية الإيطالي الأسبق، أنجلينو ألفانو، على هذا المجلس في تشكيل ما أسماه بـ”إسلام إيطالي يتماشى بشكل أكبر مع التقاليد المسيحية والإنسانية للبلاد”، بما يساعد في زيادة إدماج المهاجرين المسلمين ووضع خارطة زمنية لتدريب الأئمة والوعَّاظ ورجال الدين على أُسُس الدين المدجَّن، فضلًا عن تشديد الرقابة على عملية بناء المسجد بما يجعلها تحت السيطرة الكاملة من أجهزة الدولة.
ويعتقد الباحث في الدراسات الأوروبية أن الهدف الرئيسي من وراء تلك المشاريع الممنهَجة تشكيل خارطة للمسلمين تجعل عبادتهم وأسلوب حياتهم بالطريقة التي تريدها إيطاليا، وتحقق أهدافها وتحول دون استخدام الإسلام يومًا ما لتحقيق أهداف سياسية مستقبلية، وقد شارك في هذا الهدف كافة مؤسسات الدولة لا سيما التعليمية والتربوية والاجتماعية، فضلًا عن الأجهزة المحلية والتنفيذية.
الاعتراف بالإسلام رسميًّا
وبعد ماراثون طويل من السجال بين الجالية والدولة، وقّع وزير الداخلية الإيطالي الأسبق، فرانكو مينيتي، في فبراير/ شباط 2017 اتفاقية شاملة لمحددات العلاقة بين السلطة والمسلمين، تمهيدًا للاعتراف رسميًّا بالدين الإسلامي في البلاد، وقد وُقِّعت الاتفاقية بمشاركة 9 مؤسسات إسلامية ومسجدَي روما وباليرمو كونهما الأكبر في إيطاليا.
قوبلت تلك الاتفاقية بموجة انتقادات من قبل البعض كونها لا تمثّل كل المسلمين في إيطاليا، كما أن فيها بعض البنود التي تضيّق الخناق على أبناء الدين الإسلامي، إلا أن الوزير أشار إلى أن المؤسسات الموقِّعة عليها تمثل 70% من مسلمي الدولة الأوروبية المقدَّرين بنحو 1.7 مليون نسمة.
رغم الخناق عليهم حقّق المسلمون طفرة كبيرة في الحجم والتأثير، حيث زادت أعدادهم من 100 ألف مسلم عام 1991 إلى 1.7 مليون مواطن عام 2017
رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بإيطاليا (أحد المؤسسات الموقِّعة على الاتفاقية)، عز الدين الزير، استعرضَ في حديثه لـ”الجزيرة” أبرز البنود الرئيسية التي تضمّنها الاتفاق، على الجانب المسلم الالتزام بها ومثلها على الدولة الإيطالية كذلك، أهمها “إلقاء خطب الجمعة بالإيطالية أو مصحوبة بترجمة لها إن أُلقيت بلغة أخرى، وفتح مساجد البلاد ومصلياتها أمام الزائرين غير المسلمين، ودعم المسلمين لجهود الحكومة بمكافحة التطرف، وتدخُّل الحكومة لدى السلطات المحلية لتخصيص أماكن لإقامة المساجد، وإعلان المسلمين عن مصادر التمويل الخارجية للمساجد”.
ويعتبرُ الزير أن الاتفاقية جاءت كمحصلة لسنوات من اللقاءات والاجتماعات المكثَّفة بين المسلمين ومسؤولي الحكومة الإيطالية، وأنها بمثابة أول خطوة في مشوار الاعتراف بالإسلام كدين رسمي في البلاد، منوّهًا أن المسلمين رغم الخناق عليهم حقّقوا طفرة كبيرة في الحجم والتأثير،حيث زادت أعدادهم من 100 ألف مسلم عام 1991 إلى 1.7 مليون مواطن عام 2017.
الاندماج وأزمة التعددية
يرى سعداوي، الشاب المصري الذي يقيم في نابولي منذ عام 2000، أن التحدي الأكبر أمام المسلمين في إيطاليا يتمثل في مشكلة الاندماج، وهي مشكلة كافة المسلمين في دول أوروبا دون استثناء، لافتًا في حديثه لـ”نون بوست” أنه منذ مغادرته وطنه الأمّ مصر حين أنهى دراسته الجامعية في كلية الإعلام، عانى كثيرًا أول 5 سنوات في روما ثم تورينو إلى أن استقرَّ به الحال في نابولي.
وأوضحَ أن تعلُّم اللغة الإيطالية إحدى أبرز المشكلات المحورية، بجانب أزمات التعليم وندرة المناهج العربية والإسلامية، في ظل إصرار من الدولة على تعليم ثقافتها الخاصة وتاريخها الذي يتعارض في كثير من أحداثه مع الحقائق التي دوّنتها السجلّات العربية والإسلامية، على حد قوله.
وتفاديًا لتلك المعضلة، اتّجه كثير من أبناء الجالية إلى المدارس والمؤسسات التعليمية الخاصة التي تتخصّص في تدريس اللغة العربية والدين الإسلامي، لكنها مؤسسات غير معترَف بها، ما يضطر معها الشاب المسلم إلى الالتحاق بالجامعات النظامية الرسمية للحصول على شهادة من أجل العمل بها، في ظل تمييز نسبي بناءً على العرقيات والأديان في بعض مؤسسات العمل الإيطالية.
وتتميز الجالية المسلمة في إيطاليا بالتعددية الثقافية، إذ ليس هناك أيديولوجيا موحَّدة تهيمن على الجميع، ورغم التداعيات السلبية لعدم الانسجام هذا في الإضرار بوحدة المسلمين، إلا أن مميزاتها تفوق عيوبها، ما يسهِّل من عملية الاندماج وما يضع المسلمين في صدارة خارطة العلاقات الاجتماعية مع جميع الأقليات وأبناء الدولة الإيطالية.
فرغم أن إيطاليا تعدّ الدولة الأوروبية الرابعة من حيث عدد المسلمين بها إلا أن عدد المساجد ودور العبادة بها ضئيل للغاية
وإن كان الاندماج عقبة كبيرة أمام الجيل الأول من المهاجرين المسلمين، إلا أن الوضع تغيّر نسبيًّا خلال السنوات الماضية، فمع ظهور الشباب كمكوّن أساسي من مكوّنات الجالية أصبحت عملية الانصهار والتعايش أسهل نسبيًّا، حيث انخرط هؤلاء في العملية التعليمية مبكرًا وتعايشوا مع كافة تفاصيل الدولة، حتى تشرّبوا ثقافتها وبات لا فرق بينهم وبين أبناء الأسر الإيطالية المتجذّرة هناك.
يُذكر أن إيطاليا منذ تخلت عن سياسة “الحدود المفتوحة” عام 1981، ارتفع عدد المهاجرين إليها من 321 ألفًا بما نسبته حوالي 0.5% من السكان، إلى 625 ألفًا عام 1990 بما يعادل 1.1% من تعداد الدولة، وصولًا إلى 5 ملايين أجنبي عام 2016 يشكّلون 8.4% من مجموع السكان، وهناك واحد من بين كل 3 مهاجرين إلى إيطاليا مسلم الهوية، وهو ما نسبته 2.6% من السكان، ويرجَّح أن تتضاعف تلك النسبة بحلول 2030، بحسب بيانات وزارة الشؤون الخارجية الإيطالية.
المقابر والمساجد.. أزمات متجددة
في يوليو/ تموز 2020 رصدت صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية ظاهرة عدم وجود مقابر مناسبة لدفن المسلمين، حيث تزايدت الأصوات بين أبناء الجالية للمطالبة بتوفير أماكن مناسبة للدفن بعدما زادت حالات الوفاة جرّاء جائحة كورونا، التي راح ضحيتها 33 ألف شخص وتجاوزت الإصابات 200 ألف حالة.
ويعدّ غياب المقابر المؤهَّلة لدفن المسلمين إحدى الأزمات التي تواجه أبناء الجالية هناك، حيث تفاقمت تلك الأزمة خلال العامَين الماضيَين تحديدًا على خلفية غلق الحدود البرّية والبحرية ووقف حركة الطيران، فبات من الصعب على المسلمين سفر موتاهم إلى بلادهم الأمّ ومن ثم كانت معاناة البحث عن مقابر داخل إيطاليا لدفنهم، وهو ما أكّد عليه مدير المركز الإسلامي التابع لمسجد روما الكبير، عبد الله رضوان.
وفي شهادتها حول تلك الأزمة، أوضحت الصحفية المسلمة هيرا إبراهيم، التي تقيم في بلدة قريبة من مدينة بريشيا في محافظة لومبارديا (شمال إيطاليا)، أنها اضطرت الاحتفاظ بجثمان أمها أكثر من 12 يومًا في المنزل بسبب عدم العثور على مكان مناسب لدفنها، لافتة في تصريحات صحفية لها أن عملية دفن أموات المسلمين تحوّلت إلى مشكلة كبيرة، فمن بين 8 آلاف بلدية توفِّر العشرات منها فقط أماكن مناسبة لدفن المسلمين، ما يجعل من حالات الوفاة أزمة حقيقية لأهل المتوفى.
عام 2016 وقع قرابة 30 اعتداءً عنصريًّا كان للمسلمين النصيب الأكبر منها
وبجانب ندرة المقابر يعاني المسلمون كذلك من قلّة المساجد، فرغم أن إيطاليا تعدّ الدولة الأوروبية الرابعة من حيث عدد المسلمين بها إلا أن عدد المساجد ودور العبادة بها ضئيل للغاية، إذ لا يوجد سوى 8 مساجد رئيسية فقط، بجانب قرابة 800 مركز ثقافي يتمّ تحويلها إلى مصليات، عادةً ما تقع في مناطق غير مناسبة كالمرائب والأقبية والمستودعات، حسبما أشارت الباحثة في العلوم الاجتماعية بجامعة بادوفا ومؤلفة كتاب “مساجد إيطاليا”، ماريا بومبارديري.
وأرجعت بومبارديري تلك الندرة إلى عدة أسباب، مثل أن الإسلام لا يعدّ ديانة معترفًا بها في إيطاليا مثل المسيحية، هذا بخلاف مشكلة التمويل وصعوبة وصوله إلى الجهات المعنية، بجانب الاعتراضات الكبيرة من الإيطاليين على بناء المساجد في الأماكن العامة ذات الكثافات السكانية الكبيرة نسبيًّا، فضلًا عن القيود التي تضعها السلطات الإيطالية أمام بناء دور العبادة للمسلمين كونها المشرف المراقب لها في كل مراحل بنائها.
سالفيني.. رأس العنصرية الأبرز
بعيدًا عن السياسات الأمنية التي تتّبعها إيطاليا وتنعكس سلبًا على المسلمين، فإن البعض يرجع موجات العنصرية في الآونة الأخيرة إلى وزير الداخلية الأسبق، اليميني المتطرف ماتيو سالفيني، والذي خلق أجواءً تشجِّع على العنف والكراهية بحسب الناشط الاجتماعي في إيطاليا أحمد غازي، الذي أكّد أن الخطاب الذي تبنّاه سالفيني عزّز مشاعر العنصرية لدى الإيطاليين ضد الأقلية المسلمة.
ويُنسَب إلى وزير الداخلية الأسبق عبارته الشهيرة مخاطبًا المهاجرين: “استعدوا لكي تحزموا حقائبكم”، فيما كشف الناشط الاجتماعي أنه “لا يمكننا إحصاء سوى الجرائم العنصرية التي نسمع بها، بينما هناك الكثير من الجرائم والاعتداءات المماثلة التي لا يتمّ توثيقها”.
يُذكر أنه خلال عام 2016 وقع قرابة 30 اعتداءً عنصريًّا كان للمسلمين النصيب الأكبر منها، فيما أكّدت مجموعة “إيبسوس” الإحصائية أن العدد أكبر من ذلك بكثير، محمّلة الخطاب الإعلامي بجانب الخطاب السياسي مسؤولية إشاعة المناخ المعادي للمهاجرين في إيطاليا.
وفي عام 2019 أعربَ المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء الخطاب المتشدد الذي يتبنّاه سالفيني، لا سيما فيما يتعلق بتشديد مراقبة الجالية المسلمة في أعقاب حادثة الطعن التي نفّذها مسلم مغربي قرب محطة قطار تيرميني في العاصمة روما، في 23 أبريل/ نيسان من العام نفسه، إثر خلاف نشبَ بين الطرفَين، حيث نوّه المرصد أن مراقبة المسلمين بحجّة الأمن العام يمثّل انتهاكًا للمادة 5 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتي تحمي الحق في حرية الدين والتجمع وتكوين الجمعيات.
في ضوء ما سبق، ورغم كل التضييقات وسياسة الخنق المتبعة من قبل السلطات الإيطالية، يحاول المسلمون التعايش قدر الإمكان مع المجتمع، من خلال مسارات الاندماج والانخراط السلمي، في ظل الثراء الثقافي وغياب المنهجية الأصولية المقلقة للشارع الإيطالي، لكن يبقى الخطاب اليميني المتطرف والتلاعُب بالمسلمين كورقة سياسية انتخابية هو العائق الأبرز أمام الجالية المسلمة في بلد ينصّب نفسه موطنًا للحريات وقبول الآخر.