“سوف نطلق موجة مليونية من المهاجرين والجهاديين على أوروبا ما لم يدعمنا الاتحاد الأوربي”، بهذا هدد وزير الدفاع اليوناني وكذلك وزير الخارجية.
اليونان التي تواجه أزمة اقتصادية عاصفة تغيرت على إثرها عدة حكومات على مدار السنوات الأخيرة، يدرس الاتحاد الأوروبي تركها وحيدة في مواجهة هذه الأزمة، بل وخرجت إرهاصات تقول إن هناك توجهات داخلية لبعض الدول الأوروبية لإخراج اليونان من الاتحاد الأوروبي.
اليونان هي الدولة الأوروبية التي تمتلك حدودًا مع الجارة تركيا ويمر من خلالها العديد من الجهاديين عبر خطوط هجرة غير شرعية متوجهين إلى تركيا ومنها للعبور إلى القتال في سوريا، فأوروبا تعتبرها خط الدفاع الأمامي في تلك الكارثة.
تناضل اليونان لإقناع منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي بمواصلة منحها مدفوعات ضمن خطة الإنقاذ المالي لليونان بقيمة 172 مليار جنيه إسترليني، ومن دون هذا التمويل، سوف تضطر اليونان بشكل رسمي لإعلان الإفلاس، وهو ما سيضطر البلاد التي دمرها الركود والديون إلى الاستجابة للضغوط والانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
ما اضطر وزير الدفاع اليوناني للتحذير من أنه إذا ما سمحت منطقة اليورو بإفلاس اليونان، فإن بلاده ستقدم أوراق سفر الاتحاد الأوروبي للمهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون حدودها، الذين يبلغ عددهم عشرة آلاف مهاجر والمحتجزين حاليًا في مراكز الاحتجاز اليونانية وغالبيتهم ينتوون الاتجاه لداعش.
واعتبر بانوس كامينوس وزير الدفاع اليوناني وزعيم حزب “الإغريق المستقلون” اليميني والعضو في الائتلاف الحاكم في اليونان حاليًا، أن جواز سفر الاتحاد الأوروبي الذي يسمح لصاحبه بالتنقل الحر ضمن منطقة اليورو، قد جعل هذه المنطقة عرضة للخطر، وأضاف: “إذا كانوا سيضربوننا، فإننا سنرد لهم الضربة، سنعطي للمهاجرين من كل مكان الوثائق التي يحتاجونها للسفر في الاتحاد الأوروبي، بحيث تستطيع هذه الموجة البشرية الذهاب مباشرةً إلى برلين إن أرادت”.
هذا وقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن السبب في أن ألمانيا، وغيرها من دول منطقة اليورو، يشعرون بالغضب من عدوانية اليونان لتأمين المزيد من الإغاثة؛ هو أنهم يعتقدون بأن اليونان قادرة على سداد ديونها وأن هذه المطالبات لن تغير شيء من واقع اليونان.
وعلى الجانب الآخر يوجد رأيًا مضادًا لاتجاهات دول داخل الاتحاد الأوروبي يقول إن عبء تسديد الديون في اليونان ليس هائلًا كما يتم تصويره، وذلك بفضل تنازلات الدائنين التي خفضت أسعار الفائدة، ومددت آجال استحقاق القروض، وأن كل ما تفعله حكومات الاتحاد الأوروبي له مآرب سياسية أخرى بسبب الخلافات مع توجهات الحكومة اليونانية الحالية التي تعارض التدخلات الصارخة لصندوق النقد والبنك الدولي والسياسات الرأسمالية عامة.
هذا وتواصل اليونان الضغط من أجل أن تحظى بفرص أخرى للسداد، كان آخرها أن وافق الدائنون في الاتحاد الأوروبي على تمديد خطة لإنقاذ اليونان، لكن المفاوضات المستمرة مع الحكومة مهددة بالانقطاع بسبب توجهات الحكومة التي لا ترضاها بعض دول الاتحاد.
وتعليقًا على تهديدات وزيري الدفاع والخارجية اليونانيين للأوروبيين، ذكر مصدر أمني بريطاني إنه في حال نفّذت اليونان تهديداتها ستزداد التهديدات الأمنية والإرهابية التي تواجهها الدول الأوروبية بما فيها بريطانيا، وذلك رغم أن بريطانيا ليست عضوًا في اتفاقية شينغن ورغم الإجراءات الأمنية المشددة في نقاط الحدود والقيود المفروضة على الراغبين بالدخول إلى بريطانيا.
مشكلة اليونان مع المهاجرين الأجانب مصدرها الأساسي تركيا، بسبب أزمتي العراق وسوريا، السبب المباشر في موجة الهجرة الحالية إلى أوروبا وتدفق مئات الآلاف من اللاجئين من البلديْن على تركيا سعيًا للوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، والأزمة ليست فقط في الجهاديين الذين يريدون العبور إلى تركيا ومن ثم إلى سوريا أو العكس من سوريا إلى الداخل الأوروبي لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف الداخل الأوروبي بعد مشاركة الدول الأوربية في التحالف الدولي ضد داعش.
اللاجئون السوريون في تركيا تخطت أعدادهم المليون ونصف المليون لاجئ، حتى إن الوضع في تركيا أصبح من الصعوبة بمكان استقبال المزيد خاصة مع الموجة العراقية الأخرى التي لحقت بتركيا، لذا يبحث السوريون عن منفذ آمن جديد يتجاوز تركيا بعد أن اكتظت بهم، وبالطبع فإن الأمور تؤول إلى أوروبا عن طريق اليونان.
هذا وقد تحدث نائب رئيس الوزراء التركي، نيومان كورتولمو، موجهًا خطابة إلى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، بأن حكومته تتوقع تدفق أعداد أكبر من اللاجئين العرب والأكراد على تركيا في الأيام المقبلة، وهذا ما أكدته الأمم المتحدة أيضًا بقولها إن اتساع القتال في سوريا أدى إلى نزوح أكثر من 200 ألف كردي إلى تركيا ومن المتوقع زيادة هذا العدد الذي سيحاول الوصول إلى أوروبا في أقرب وقت، ما يُضفي على التهديد اليوناني للأوروبيين طابعًا أكثر جدية وخطورة.
اليونان لا تهدد وفقط بل إن الأمر قد يدخل حيز التنفيذ، حيث قامت سلطات الهجرة بالقبض على 14800 مهاجر في عام 2014، بزيادة قدرها 143% عن العام 2013، وهذا ما كلف الحكومة اليونانية أكثر من 81 مليون دولار في ميزانية عام 2013 مع وجود الأزمة الاقتصادية الطاحنة، فلا تطيق اليونان استقبال هذا الكم من اللاجئين في ظل تدهور الظروف الاقتصادية الحالية والتي تظن الحكومة أنها قد تطول.
في حين كشف تقرير منظمة أطباء بلا حدود عن الأوضاع المزرية في مراكز الاحتجاز اليونانية، وفي النهاية، إذا استطاع المهاجرون البقاء على قيد الحياة من الجحيم اليوناني، فإن فرصتهم في الحصول على لجوء تصل إلى شبه الانعدام، فهذه الأوضاع المتردية دفعت المهاجرين السوريين الذين يأملون في الحصول على اللجوء إلى الاحتجاج بسبب رفض اليونان تقديم أي مساعدات لهم.
وبموجب اتفاقية دبلن، يجب على طالبي اللجوء الحصول على اللجوء في البلد الأول الذي يجمع بصمات أصابعهم، وفي حال وُجدت البصمات في دول أخرى، فإنهم يواجهون الطرد إلى نقطة دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي؛ لذلك تعتبر اليونان محطة لا أكثر للانتقال إلى وجهة أخرى في أوروبا حيث طلب اللجوء في بلد أفضل حالاً من الناحية الاقتصادية، وتقدم اليونان تصريحًا بالإقامة لمدة ستة أشهر فقط وعقب ذلك يصبح اللاجئ في وضع غير قانوني.
وعلى إثر هذا الأمر طلبت اليونان قبل ذلك من الاتحاد الأوربي تقديم يد العون في قضية اللاجئين وطالبت الجمعيات الحقوقية أن تتوقف عن لوم اليونان في أمر عدم احترام حقوق اللاجئين لأن المشاكل الاقتصادية في اليونان أثرت على حياة اليونانيين أنفسهم.
فبعد أن قست الحياة على السوريين في بلادهم يبدو وأنهم أصبحوا مشكلة كبرى بحيث يتم التهديد بهم من قِبل اليونان.