نشرت قناة “مكملين” الفضائية المصرية المعارضة التي تبث من دولة تركيا تسريبًا جديدًا، أمس، يخص محاكمة الرئيس السابق محمد مرسي في قضية اقتحام السجون المعروفة إعلاميًا باسم “وادي النطرون”.
التسريب يُظهر شهادة اللواء سامي عنان رئيس أركان الجيش المصري إبان ثورة يناير أمام القاضي “أحمد رفعت” الذي ترأس المحكمة التي نظرت في قضايا الرئيس المخلوع حسني مبارك وأحداث الثورة، القناة بثت التسجيل المسرب من شهادة عنان قبيل الحكم على الرئيس السابق الذي صدر اليوم في قضيتي التخابر مع حركة حماس واقتحام السجون والهروب من سجن وادي النطرون خلال أحداث ثورة يناير.
سأل القاضي “أحمد رفعت” اللواء “سامي عنان” في التسجيل المذاع حول مدى صحة الحديث الذي يقول بتلقيه معلومات من المخابرات العسكرية المصرية بصفته رئيسًا للأركان آنذاك تفيد دخول عناصر من “حزب الله” اللبناني أو حركة “حماس” الفسلطينية لمصر عبر الأنفاق خلال أحداث ثورة يناير، ليرد عليه عنان بقوله: “أنه لا علم لديه بمثل هذه المعلومات، ولم يبلغ بمثل هذا الكلام”.
ثم يستمر رفعت في استجواب عنان بهذا التسجيل المسرب الذي بلغت مدته دقيقة و12 ثانية، بأسئلة عن رصد الأجهزة السيادية المصرية أو أجهزة من الجيش لتحركات لعناصر أجنبية أو إبلاغه بمعلومات من هذا القبيل ليرد عنان بإجابات نافية مثل “ليس عندي علم بذلك”، “معنديش معلومات”.
الرئيس السابق محمد مرسي حكم عليه، اليوم، من قبل محكمة جنايات القاهرة بإحالة أوراقه إلى المفتي للنظر في إعدامه بجانب 106 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين بعد اتهامهم باقتحام السجون بالتعاون مع عناصر من حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير، وحددت المحكمة جلسة الثاني من يونيو للنطق بالحكم النهائي.
الحكم شمل أكثر من 130 فلسطيني، أكثر من نصفهم لم يخرجوا من قطاع غزة من قبل وذلك حسب تصريحات لوزارة الداخلية في قطاع غزة، ومن بينهم 4 شهداء فلسطينين توفوا قبل أحداث يناير بعدة سنوات، بالإضافة لأسير فلسطيني محكوم عليه بـ48 مؤبد في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومعتقل منذ 19 عامًا.
أتى هذا التسريب ليؤكد براءة الجميع من هذه التهم التي استندت عليها المحكمة في حكمها بالإعدام اليوم، وتوقيت هذا التسريب وإذاعته أثار الجدل أيضًا، إذ تمت إذاعته ليلًا قبيل المحاكمة بعدة ساعات، وهي شهادة تنسف كافة التحريات التي اعتمدت عليها التحقيقات، إذ أن التحقيقات تؤكد تسلل عناصر من حركة حماس عبر الأنفاق وضلوعها في أعمال تخريب في مصر أثناء أحداث الثورة ومنها اقتحام السجون المصرية الذي تم حينها.
والتسريب الذي أورد شهادة الرجل الثاني في الجيش المصري اللواء “سامي عنان” في هذه الفترة، يؤكد عدم تلقيه أي معلومات من أي جهة سيادية داخل الجيش أو خارجه تفيد هذه المعلومات الواردة في القضية، فكيف علمت تحريات الأمن الوطني بهذه المعلومات دون أن تعلمها المخابرات الحربية التابعة للجيش والمسؤولة عن تأمين الحدود في سيناء، وهو جهاز تابع لقيادة الجيش الذي كان يترأس قيادة أركانه اللواء عنان في هذه الفترة، ولم تصل له أي من تلك الاخبار.
هذا التسريب يعيد فتح قضية التسريبات ككل التي توالت من داخل أقبية النظام المصري، دون معرفة أحد لمصدرها، فالقنوات المعارضة للنظام في مصر تُظهر تسريبات بشكل شبه دوري تزامنًا مع الأحداث الجارية، ما يؤكد أن ثمة ضلعًا داخل النظام هو من يخرج هذه التسريبات لأغراض غير معلومة حتى هذه اللحظة، وقد رجح البعض كون سامي عنان صاحب يد في هذا الأمر، لكن حتى الآن ليس هناك ثمة دليل واضح على ذلك، وإنما يأتي ذلك في خانة التكهنات.
بالطبع المحكمة المصرية والنظام لم يكترثا بالتسريب الذي أُذيع ليلة المحاكمة، ومضت المحكمة في إصدار حكمها على الرئيس السابق محمد مرسي بالإعدام، رغم أن شهادة سامي عنان التي ظهرت تنسف هذه القضية من الأساس، وتظهرها كمنتج سياسي على هوى النظام لإدانة مرسي بأي شكل من الأشكال.
التسريب وما سبقه من تسريبات لرموز في المجلس العسكري، هناك من يعمل على إثبات صحتها من خلال شركات معاينة الأدلة الصوتية، حيث قُدمت ثلاثة تقارير إلى الشرطة البريطانية، أجريت بواسطة شركة معاينة أدلة صوتية، أكدت التقارير الصادرة من الشركة صحة نسب صوت إلى السيسي في تسجيلين من التسجيلات التي أُذيعت سابقًا، كما أثبتت صحة نسب صوت الجنرال “ممدوح شاهين”، في تسجيل آخر.
كما أكدت تقارير أن هناك محامون تابعون لجماعة الإخوان المسلمين يسعون لاستخدام هذه التسجيلات وإثباتات صحتها ونسبتها إلى أعضاء بالمجلس العسكري كدليل في قضايا جنائية ينتوون رفعها أمام القضاء البريطاني لإدانة قادة الانقلاب العسكري، ومن غير المستبعد أن ينضم تسريب عنان الأخير لهذه التسريبات بعد إثبات صحته لمجموعة الأدلة هذه، خاصةً بعد الحكم الأخير بالإعدام الذي صدر بحق مرسي.
ومن جانب النظام المصري فإنه يتجاهل كل التسريبات تمامًا إلى هذه اللحظة، مدعيًا أنها ملفقة من قبل جماعة الإخوان المسلمين لإحراج النظام الحالي، وهو ما تروجه وسائل الإعلام الموالية لنظام السيسي، ولكن يبدو أن هذه التسريبات سيكون له دور مهم في المرحلة القادمة في الصراع الدائر بين السيسي وجماعة الإخوان، خاصةً مع إجراءات التصعيد التي يمارسها النظام ضد قيادات وعناصر الجماعة في مصر.