وصله استدعاء من المخابرات الحربية، الخميس الماضي ، للمثول أمامها دون توضيح الأسباب وراء هذا الاستدعاء، وفي التاسعة من صباح يوم الأحد، توجه المستدعى إلى مبنى المخابرات العامة في ميدان رابعة العدوية (ميدان الشهيد هشام بركات حاليًا) شرقي القاهرة، ولم يعد من حينها، إذ تم ترحيله إلى النيابة العسكرية حيث أجري معه تحقيق ومن ثم أمر بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات، إنه الصحفي حسام بهجت.
بهجت يعمل صحفي تحقيقات في موقع “مدى مصر”، كما أنه أحد مؤسسي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، حيث شغل منصب المدير التنفيذي بها، ينشر بابًا يوميًا في موقع مدى مصر بعنوان “يوميات قارىء صحف”، كما أعد عدد من التحقيقات الشهيرة في”مدى مصر” التي كان لها صدٍ واسع، كان آخرها والذي اعتبره متابعون السبب الرئيسي لاستدعائه إلى مبنى المخابرات الحربية ومن ثم نقله إلى النيابة العسكرية وهو تقرير بعنوان: “تفاصيل المحاكمة العسكرية لضباط بالجيش بتهمة التخطيط لانقلاب“.
تحدث بهجت في هذا التقرير عن قرار الاتهام الصادر بحق 26 من ضباط القوات المسلحة أدانتهم محكمة عسكرية في أغسطس الماضي بتدبير انقلاب على النظام الحالي بمعاونة اثنين من القيادات البارزة بجماعة الإخوان المسلمين، وتضمن التقرير شهادات حية من أسر الضباط المتهمين في القضية حول خلفية القضية والمعاملة التي تلقاها المتهمون بعد القبض عليهم وأثناء محاكمتهم وفي أعقاب صدور الحكم بإدانتهم.
كما أجرى الصحفي عدة تحقيقات مثيرة أحدها حمل عنوان: “خلية عرب شركس: المحاكمة العسكرية شبه السرية لأنصار بيت المقدس” نشر في أغسطس من العام الماضي، حلل حسام في تقريره أوراق القضية التي تقترب من الألف صفحة، كما أجرى لقاءات ووثق شهادات لأسر ومحامي المتهمين في القضية، الذين جرى إعدامهم فيها بعد، كما أكد حسام أنه استطاع حضور عدة جلسات في تلك القضية، علمًا بأنها جلسات سرية لم يُسمح بحضورها إلا لفريق محاميّ الدفاع وبعض أقارب المتهمين.
كما أن تقرير آخر بعنوان “من فك أسر الجهاديين“، حلل فيها توقيتات خروج بعض الإسلاميين المعتقلين في سجون مبارك مؤكدًا أن الغالبية الساحقة من قرارات العفو الرئاسي عن الإسلاميين أصدرها المجلس العسكري وليس مرسي، مؤكدًا أن أغلب من حصلوا على العفو في عهد مرسي كانوا من المتظاهرين الذين تمت محاكمتهم أمام القضاء العسكري، وفند في تقريره تحليل البيانات الرسمية المتوافرة حول السجناء الذين أطلق سراحهم منذ إعلان مبارك تنحيه عن الحكم، وتوصل بهجت إلى أن مرسي قد أطلق سراح ٢٧ إسلاميًا خلال عامه في الحكم، مقارنةً بعدد من خرجوا في عهد المجلس العسكري وهو ما يزيد على ٨٠٠ سجين.
بالإضافة إلى تقرير عن الدور الذي لعبته حكومة المملكة العربية السعودية في دفع النيابة العامة المصرية لإغلاق التحقيق في اتهام الأمير منصور بن مقرن بن عبد العزيز، نجل رئيس المخابرات السعودية، بمساعدة حسين سالم في تهريب أمواله وممتلكاته من مصر إلى السعودية أوائل 2011، حمل هذا التقرير عنوان: “ويكيليكس: كواليس إخراج نجل رئيس المخابرات السعودية من تحقيقات حسين سالم“، وغيرها من التقارير والتحقيقات التي آثارت ضجة في أوساط الرأي العام المصري.
النيابة العسكرية اتهمت الصحفي والحقوقي حسام بهجت بإذاعة أخبار كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة الوطنية، ونشر معلومات تضر بالسلم العام، وبنت هذه التهم على موضوع صحفي نشره بهجت، وقالت إن تلك الاتهامات التي يواجهها الصحفي بناءً على مادتين من قانون العقوبات، وهما: المادة 102 مكرر والتي تنص على: “يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيهًا ولا تجاوز مائتي جنيه كل من أذاع عمدًا أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شان ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أ وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة”.
وكذلك المادة 188 التي تنص على أن: “يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقًا مصطنعه أو مزورة أو منسوبة كذبًا إلى الغير، إذا كان من شان ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العام”.
رغم أن التهم التي وجهت لـ”بهجت” بنيت على مادتين من قانون العقوبات إلا النيابة العسكرية هي من تتولي التحقيقات معه، إذ أن التقرير الأخير عن المحاكمة العسكرية لضباط الجيش اعتبرتها النيابة العسكرية مسألة خاصة بالجيش وقامت بتحريك تلك الدعوى ضد الصحفي، فالقضاء العسكري ومنه النيابة العسكرية مختصتين بالقضايا المتعلقة بالقوات المسلحة، والجرائم التي يتهم المدنيون بارتكابها إزاء القوات المسلحة مثل اﻻعتداء على منشآتها وأفرادها ومناطقها ومعداتها وأدواتها وكذلك وثائقها وأسرارها.
لم يكن التحقيق الذي أجراه بهجت عن المحاكمة العسكرية لعدد من ضباط الجيش هو أول ما أثار تلك القضية، فقد نشر هذه القضية أولًا إعلاميان في برنامجيهما بقناة الشرق الفضائية التي تبث من اسطنبول بتركيا وهما الحقوقي هيثم أبوخليل مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، والذي يقدم أيضًا برنامج”حقنا كلنا” على القناة، وكذلك الإعلامي معتز مطر الذي يقدم برنامج “مع معتز” على نفس القناة، حيث نشرت المعلومات الأولية عن القضية من خلال شاشة القناة أواخر مايو الماضي، بينما نشر بهجت تحقيقه على موقع مدى مصر في منتصف أكتوبر الماضي، ولم يتم اتهام الإعلاميان أو القناة في أي قضايا متعلقة بالأمر، إذ أن القناة تبث من خارج مصر بكامل طاقم العمل بها.
كذلك نشر موقع الـ”بي بي سي” العربي خبرًا في منتصف أغسطس الماضي عن إصدار محكمة عسكرية حكمًا بالسجن لفترات متفاوتة على 26 ضابطًا بالجيش برتب مختلفة، بعد إدانتهم بتهم شملت التخطيط لانقلاب عسكري و إفشاء أسرار عسكرية والانضمام لجماعة الإخوان المسلمين، وأوضح الموقع الذي نشر الخبر على لسان مصادر عسكرية مصرية إن اثنين من جماعة الإخوان المسلمين حكم عليهما بالسجن الغيابي مدة 25 عامًا في تلك القضية، وهما حلمي الجزار، القيادي بحزب الحرية والعدالة، ومحمد عبد الرحمن، عضو مكتب الإرشاد في الجماعة، فيما لم يسمع حينها عن استدعاء ورد لمكتب البي بي سي بالقاهرة أو إجراء أية تحقيقات مع الشبكة الأجنبية.
بهجت لم يكن الأول الذي ينشر عن القضية، رغم نشره تفاصيل جديدة على لسان أهالي الضباط المحبوسين في تلك القضية عن أشكال التعذيب الذي تعرضوا له وأسباب إدانتهم في تلك القضية دونًا عن غيرهم من ضباط الجيش، وتحدث تفصيليًا عن رتب هؤلاء المتهمين المتهمين حيث أن أربعة منهم ضباط متقاعدين حكم عليهم غيابيا، أحدهم برتبة عقيد، وكذلك تفاصيل القبض على 22 من الضباط أثناء تأدية خدمتهم العسكرية الذين من بينهم عميد وعقيدان، إلا أن استدعائه للتحقيق دون سابقيه في نشر القضية وتفجيرها أمر يؤكد الترصد ببهجت.
أثار اعتقال الصحفي حسام بهجت موجة من الاعتراض والاستهجان على مواقع التواصل الاجتماعي تضامنًا مع بهجت حيث دشن النشطاء هاشتاج حمل اسمه دون عليه رواد المواقع الاجتماعية، معتبرين ما جرى مع بهجت عدوان على الصحافة برمتها.
https://www.facebook.com/Ywamreb/posts/10153792958452642
كما رفض آخرون معاقبة صحفي على آداء وظيفته
https://www.facebook.com/amr.abukhalil/posts/10208149113025036
كذلك نشر البعض مواقف قديمة للصحفي حسام بهجت تؤكد تورط الشرطة العسكرية في تعذيب متظاهرين غبان ثورة يناير.
https://www.facebook.com/moaz.alkareem/posts/10153759269042079
في الوقت الذي استهجن فيه متابعون التحقيق مع بهجت دونما التحقيق مع موقع البي بي سي العربي الذي نشر أخبارًا عن نفس القضية اليت يحقق مع حسام بهجت بها.
https://www.facebook.com/doctorahmed2011/posts/10153201555063085
كما توالت المنشورات المتضامنة مع قضية حسام بهجت من كثير من المحامين والحقوقيين في مصر خاصة بعد الإعلان عن حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات.
https://www.facebook.com/abo.horira.35/posts/10205376667992117
https://www.facebook.com/bahaa.ibrahim.395/posts/10153291108373123