41 يومًا ولم يتمكن عبد الإله بنكيران – رئيس الحكومة المغربية المعين من طرف الملك محمد السادس – بعد من الإعلان عن تشكيل حكومته المرتقبة، في ظل استمرار حالة الانسداد بين حزبه “العدالة والتنمية” متصدر الانتخابات التشريعية الأخيرة، وأحزاب “التجمع الوطني للأحرار” و”الحركة الشعبية” و”الاتحاد الدستوري”، الذين قرروا الدخول الجماعي للحكومة، وعدم انضمام حزب الاستقلال لهذه التشكيلة، أو الاصطفاف الجماعي في المعارضة.
تعثّر المفاوضات
وفقًا للنظام الانتخابي في المغرب، لا يمكن لحزب واحد الفوز بأغلبية مطلقة، الأمر الذي يجبر الفائزين على الدخول في مفاوضات لتشكيل حكومات ائتلافية، وينص الفصل 47 من دستور المملكة الجديد، على أن يقوم الملك بتعيين رئيس حكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، ومنذ إعلان رئيس الحكومة المكلف عن قبول كل من حزبي “التقدم والاشتراكية” و”الاستقلال” بالمشاركة في الحكومة المقبلة، توقفت عجلة المشاورات، حيث رفضت الأحزاب المتحالفة معه في الحكومة المنتهية ولايتها، المشاركة في حكومة تضم حزب الاستقلال، ولم يتمكن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، حتى الآن من الحصول على النصاب القانوني اللازم لتشكيل ائتلاف حكومي.
يعدُّ عزيز أخنوش واحدًا من أبرز رجال الأعمال في المغرب، ويتمتع بنفوذ واسع بسبب علاقته الوطيدة بالملك
ورغم المشاورات المكثفة التي يقوم بها منذ العاشر من أكتوبر الماضي، لم يضمن بنكيران أكثر من 183 مقعدًا تمثل حصيلة حزبه إلى جانب كل من حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية في البرلمان، وما زال بنكيران بحاجة إلى 15 مقعدًا لكي يحصل على الغالبية البسيطة التي تسمح بالتصويت لمصلحة منح الثقة لحكومته في البرلمان وتمرير برنامجها.
عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار
ويطالب حزب التجمع الوطني للأحرار (37 مقعدًا)، الذي يرأسه رجل الأعمال المغربي عزيز أخنوش (وزير الفلاحة والصيد في الحكومة الحالية) بمنحه عدد من الوزارات السيادية وتخصيص حقائب لحليفه “حزب الاتحاد الدستوري” (19 مقعدًا)، واستبعاد حزب الاستقلال (46 مقعدًا) – الذي يعدُّ أول الأحزاب التي أعلنت عن استعدادها للدخول في تحالف مع العدالة والتنمية بعد انتخابات 7 من أكتوبر – من التشكيلة الحكومية المنتظرة، ويعدُّ عزيز أخنوش واحدًا من أبرز رجال الأعمال في المغرب، ويتمتع بنفوذ واسع بسبب علاقته الوطيدة بالملك الذي يرافقه الآن في زياراته الحالية إلى إفريقيا.
ويشرع بنكيران، قريبًا في إطلاق جولة المشاورات الثانية بشكل رسمي لبناء الأغلبية، والتفاوض بشأن طبيعة وشكل الحكومة المقبلة، من خلال البدء في تفاصيل المفاوضات، بتحديد الهندسة الحكومية وعدد القطاعات والوزارات قبل الانتقال إلى الحديث عن نصيب كل حزب من الحقائب الوزارية.
الحلول الممكنة في حال فشل بنكيران
يفتح غياب أي نص دستوري يتحدث عن احتمال فشل رئيس الحكومة المعين من طرف الملك في ضمان أغلبيته، عديد من التأويلات، منها تدخّل الملك عملاً بمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 47 من الدستور لتعيين رئيس حكومة جديد من حزب العدالة والتنمية، غير عبد الإله بنكيران، بالإضافة إلى إمكانية الالتجاء إلى تنظيم انتخابات برلمانية سابقة لأوانها، عملاً بمقتضيات الفصل 51 طبقًا للشروط المبينة في الفصول 96 و97 و98، وتتم الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في ظرف شهرين على الأكثر من تاريخ الحل.
وفي خصوص ما يروّج عن إمكانية تكليف إلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة بتشكيل الحكومة القادمة، في حال فشل عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المعين، في تشكيلها، نقل موقع الحزب عن إلياس العماري “إذا فشل بنكيران في تشكيل الحكومة فليبحثوا عن مخرج دستوري آخر لأن البام (حزب الأصالة والمعاصرة) لن يصطاد في الماء العكر”، مضيفًا “بما أنه لا وجود لأي مبرر دستوري يقضي باللجوء إلى الحزب الثاني فمن حقنا أن نرفض نهائيًا تولي الحكومة.”
فاز حزب العدالة والتنمية الإسلامي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من أكتوبر الماضي بحصوله على 125 مقعدًا من أصل395
وأكّد العماري، في لقاء صحفي عقده الإثنين: “هناك من يريد إقحامنا في البلوكاج الذي تعرفه مباحثات تشكيل الحكومة ونحن غير مستعدين لتحمل مسؤولية ذلك”، مشددًا على أنه “يجب إبعاد الحزب عن هذه الإشاعات والتأويلات نهائيًا،” ولا يمنح الدستور المغربي إمكانية لتعيين رئيس الحكومة جديد من غير الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس النواب.
وتحدّث عبد الإله بنكيران، المكلّف بتشكيل الحكومة المرتقبة، في مهرجان خطابي بمدينة تارودانت، قبل موعد إجراء الانتخابات التشريعية الأخيرة بستّة أيام، إنّه في حال تصدّرَ حزبه نتائج الانتخابات التشريعية، وفشل في تشكيل الحكومة، سيعود إلى الشعب، “والشعب ديك الساعة غايْحكم بصفة نهائية”، وفاز حزب العدالة والتنمية الإسلامي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من أكتوبر الماضي بحصوله على 125 مقعدًا من أصل 395، ما مكّنه من البقاء على رأس الحكومة لولاية ثانية، بينما حل حزب الأصالة والمعاصرة ثانيًا بمجموع 102 مقعد، وبلغت نسبة المشاركة 43%.
لا توجد مدة محددة تُمنح لرئيس الحكومة المكلف لإنهاء المفاوضات والخروج بالتشكيل النهائي للحكومة المقبلة
وفاز الإسلاميون لأول مرة في تاريخهم بالانتخابات البرلمانية نهاية 2011، عقب حراك شعبي شهدته المملكة بداية السنة نفسها في سياق “الربيع العربي”، تلاه تعديل الدستور، وبحسب هذا الدستور الجديد، يختار الملك رئيس الحكومة من الحزب الفائر بالانتخابات ويكلفه بتشكيل التحالف الحكومي، وتنتظر الساحة السياسية المغربية عودة الملك محمد السادس مطلع شهر ديسمبر المقبل من جولة يقوم بها حاليًا في القارة الإفريقية، لأجل الخروج من أزمة تشكيل الحكومة المرتقبة، ووفقًا للدستور المغربي، لا توجد مدة محددة تمنح لرئيس الحكومة المكلف لإنهاء المفاوضات والخروج بالتشكيل النهائي للحكومة المقبلة.