هذه المرة لم تثر زوبعة السياسة الجديدة في تونس من قبل المعارضة أو من قبل ما يوصف في تونس بـ “إعلام العار” أو الإعلام المحسوب على النظام السابق، وإنما أثيرت من قبل شخصيات محسوبة على الثورة، وسلطت عليها عدسات قناة تلفزيونية نشأت بعد الثورة ومحسوبة بطريقة أو بأخرى على حركة النهضة وهي قناة الزيتونة التي أسسها ابن القيادي في حركة النهضة ووزير التعليم العالي أسامة بن سالم.
وجود الكاتب الأمريكي نوح فلدمان أستاذ القانون بجامعة هارفارد والمتخصص في الفكر الإسلامي في قاعات المجلس الوطني التأسيسي، تناولته قناة الزيتونة في حلقة حوارية تحت عنوان “التخابر الأجنبي في تونس”، وذلك استمرارا لطرح تبناه محسوبون على حزب التحرير يقول بأن نوح فلدمان كان الجاسوس الأمريكي في صياغة دستور العراق وأفغانستان وبأنه “الأب الروحي للدستور التونسي”.
وككل زوبعة إعلامية، كانت صفحات الفيسبوك وتويتر الساحة الأخيرة لقضية نوح فلدمان، فذهبت بعض الصفحات إلى تشبيه فلدمان بلورانس العرب، مستشهدين بكلمة قالها أحد نواب المجلس التأسيسي الذي حذر زملاءه من التعامل مع هذا الشخص واصفا إياه بالمشبوه والخطر.
وكما ظهرت أصوات مهاجمة ومنددة بتواجد نوح فلدمان، ظهرت كتابات أخرى مدافعة، كانت أبرزها كتابات المفكر سامي براهم الذي اختتمت سلسلة تعاليقه على الموضوع بالقول: ” لو كنت نائبا بالتّاسيسي لكان أهمّ فصل اطالب بإدراجه هو : ” مقاومة الجهل ” لأنّه أساس كلّ ما نحن فيه من نكبات و كبوات”، وذلك بعد أن نشر عددا من المحاضرات التي ألقاها فلدمان والتي كانت تصب في معاداة الصهيونية وفي صالح نظرية إمكانية الانسجام بين الإسلام والديمقراطية.
وكتب المدون حسام الدين الطرابلسي: “الجهات المانحة كثيرة و كان الافضل لو قامت قناة الزيتونة باستقصاء حقيقي ومهني .. في المجتمع المدني يوجد من هم ممولون من قبل المركز الثقافي الايراني، قطر، سويسرا، سفارة بريطانيا، سفارة فرنسا، نوافذ السفارة الامريكية في التمويل كالتي تمول منظمة “انا يقظ” “iwatch” و فريدم هاوس و أوپن سوسايتي و ndi و غيرها”.
كما أشار سامي براهم إلى أن فلدمان “شارك في متابعة نقاشات الدّستور العراقي … و غادر قبل صياغته لرفضه الأسس الطّائفيّة التي قام عليها”، مضيفا: “من لا يفرّقون بين اليهوديّة و الصّهيونيّة جعلوا منه صهيونيّا لأصله اليهودي و نسوا أنّ تشومسكي يهوديّ و جلبار النّقاش يهوديّ و جورج عدّة يهوديّ و جميعهم معادون للصّهيونيّة .. الأكيد أنّه يعمل لصالح دولته و هو سفيرها في المحافل الدّستوريّة في إطار البعثات العلميّة التي تتابع التّجارب الدّستوريّة في العالم”.