نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالاً لكاتبها المخضرم “توماس فريدمان” يناقش فيه طبيعة التعامل الأمريكي الحالي مع التهديد الذي تمثله الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”.
وتحدث فريدمان عن سياسة الرئيس باراك أوباما المتأنية في اتخاذ القرارات، حيث كان أوباما قد اعترف بأن الولايات المتحدة لا تمتلك استراتيجية واضحة لمواجهة داعش حتى الآن، وهو ما أثار غضب الجمهوريين وقطاعات من المعارضة الأمريكية التي طالبت أوباما باتخاذ موقف حاسم ضد داعش خصوصًا بعد مقتل صحفيين اثنين وتصوير ذبحهما على يد تنظيم الدولة.
إن أوباما يعتمد استراتيجية عدم إطلاق النار، ثم التفكير وتحديد الأهداف، ولاحقًا من الممكن أن يكون هناك إطلاق للنار، لكن على الجانب الآخر، هناك الاستراتيجية التي اتبعها الجمهوريون والرئيس السابق جورج بوش الابن الذي اعتمد استراتيجية “اضرب، خطط، حدد هدفك” أي أنه قام بإطلاق النار ثم حدد الهدف من عمليته لاحقًا.
وقال فريدمان إن الاندفاع بدون استراتيجية مثلما حدث بعد 11 سبتمبر بدافع الانتقام، هو تمامًا ما يريده تنظيم الدولة، فما حدث بعد 11 سبتمبر كان تدمير نظام طالبان السني في أفغانستان، ثم تدمير البعث في العراق، لقد كانت الولايات المتحدة تتحرك كما لو كانت تعمل لصالح إيران؛ لذلك فإن النتيجة كانت حتمية لصالح توسع ضخم للنفوذ الإيراني في المنطقة.
وقال فريدمان إن دخول الولايات المتحدة في مستنقع الشرق الأوسط سيكون له نتائج كارثية، إذ أن هناك ثلاثة حروب أهلية مستعرة في العالم العربي، الحرب بين الجهاديين المتطرفين والمعتدلين من داخل الإسلام السني، والحرب بين السنة والشيعة وتمول السعودية طرفًا فيها فيما تمول إيران الطرف الآخر، والحرب الأخيرة التي تقودها داعش ضد جميع الأقليات من الشيعة واليزيديين والعلويين والأكراد والمسيحيين واليهود والتركمان.
إن داعش ظهرت كرد فعل وتعبيرًا عن الاستياء الشديد من جانب السنة العراقيين والسوريين، ولهذا يجب أن يكون التدخل العسكري الأمريكي برفق، – يقول فريدمان -، إذ أنه يجب أن يكون هناك تقاسم حقيقي للسلطة، ودخول الولايات المتحدة الآن لن يؤدي إلا إلى المزيد من تعقيد الأمور، مع غياب حكومات وحدة وطنية.
وحذر فريدمان من دخول واشنطن إلى المنطقة في هذه اللحظة، متحدثًا عن حوار دار بين أحد القادة الميدانيين لداعش، والذي كان قائدًا في جيش البعث العراقي، وبين مسئول عراقي شيعي، إذ قال له الأول “سنصل إليكم قريبًا، وحينها سنقطعكم إلى قطع صغيرة”.
إن هذه الأرض الخصبة للكراهية هي كل ما تريده داعش لكي تنمو، ووجود الولايات المتحدة سيذكي ذلك.
أما في أفضل السيناريوهات الأمريكية، هو استطاعة الأمريكيين القضاء على داعش، فإنها ستكون المرة الثالثة التي يعمل فيها الأمريكيون لصالح الإيرانيين في حرب بالوكالة! يقول فريدمان إنه ليس هناك سبب يدعو واشنطن لذلك!
ودعا فريدمان في نهاية مقاله إلى تشكيل ائتلاف تكون الولايات المتحدة طرفًا فاعلاً فيه، ويضم جميع من لهم مصلحة في استقرار المنطقة، يعمل على استئصال داعش، بكل الوسائل، وإلا فإن المنطقة ستنتهي إلى فوضى غير عادية تذكيها المشاعر الطائفية.
المصدر: نيويورك تايمز