تزامنًا من الاحتفال بيوم العمال العالمي، الذي يوافق الأول من مايو من كل سنة، أطلق شباب تونسيون معتصمون منذ أشهر أمام وزارة التشغيل والتكوين المهني للمطالة بالتشغيل، تظاهرة عيد “البطالة” أو عيد “العاطلين عن العمل”.
وأكد المعتصمون المنتمون لمحافظة القصرين جنوب تونس، أنهم أرادوا توجيه رسالة قوية إلى الساسة والسلطات الرسمية، التي تعودت الاحتفال بعيد الشغل مرددة نفس الشعارات والخطابات، وأرادوا من خلاله أيضًا تذكير الحكومة والساسة والمجتمع المدني، أن هناك شقًا كبيرًا من المواطنين التونسيين عاطلين عن العمل ولم يأخذوا حقوقهم حسب قولهم.
وبدأ المئات من الشباب التونسيين العاطلين عن العمل، اعتصامًا أمام مقر محافظة “القصرين” غربي البلاد، للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم، استمر عدة أسابيع في يناير الماضي، قبل أن ينقلوا اعتصامهم في فبراير الماضي إلى العاصمة التونسية، رفضًا لما وصفوه بـ “سياسة التهميش” التي تعاني منها الجهات الداخلية خاصة ولاية القصرين.
وأكد المشرفون على هذه التظاهرة أنهم يعانون التهميش والتسويف، وهو ما جعلهم يطلقون صرخة مدوية ضد السياسات الحالية حسب تعبيرهم، حيث قال الناطق الرسمى باسم المعتصمين أمام وزارة التكوين المهني والتشغيل وجدي الخضراوي “إن رمزية الاحتفال بعيد الشغل يجب أن ترتبط أيضًا بأهمية توفير مواطن شغل للمعطلين عن العمل حفظًا لكرامة الإنسان وتدعيمًا لرمزية وقيمة العمل في الرقي بالدولة”، مبينًا أن التظاهرة ستكون في شكل ورشات وأنشطة فنية وثقافية على مدى يوم كامل.
الشباب المعتصمون قرروا الاحتفال بـ”عيد البطال”، على غير العادة، عبر تنظيم مسرحية تناولت قصة شاب يعاني من البطالة بعد أن تخرج من الجامعة وفشل في العثور على فرصة عمل أو وظيفة حكومية.
من جانبه قال وزير التكوين المهني والتشغيل زياد العذاري تعليقًا على تظاهرة “عيد البطال”: “إن تونس بحاجة إلى العمل وليس إلى الاحتجاجات والاعتصامات”، وأشار الوزير التونسي إلى أن هذه التحركات لن تغيّر الوضع بل ستزيد في تعقيده، وأضاف العذاري “نتفهم معاناة العاطلين عن العمل والصعوبات التي يواجهونها، لكن الاحتجاجات لن تحل مشكل البطالة”، وأكد أن أجواء الاستقرار والأمن قادرة على جلب الاستثمار ودفع عجلة الاقتصاد وخلق مواطن الشغل، وفق تعبيره.
في مقابل ذلك دعا الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية في تونس) في بيان له بمناسبة الاحتفال بعيد الشغل، الحكومة إلى تنفيذ التعهدات والالتزام بتطبيق المشاريع والبرامج في آجالها والكفّ عن اتخاذ القرارات الانفرادية التي لم تفض إلاّ إلى الارتهان وإعادة إنتاج الفشل.
وأضاف الاتحاد أن تونس تحيي ذكرى عيد العمال في كنف تدهور فظيع للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وفي ظل وضع ينذر بتداعيات سلبية في ظلّ هجمات إرهابية تعددت صورها وتنوعت آلياتها وبلغت مستوى من الخطورة يقتضي في إطار تطويقها اعتماد مقاربة شاملة ثقافية وإعلامية وتربوية وأمنية، فضلاً عن التعامل الجادّ مع الملفات الاقتصادية والاجتماعية المطروحة وخاصة في قطاعات السياحة والفلاحة التي تمرّ بأزمة خانقة.
ومازال الآلاف من العمال في تونس بلا ضمان، محرومين من معاش التقاعد وضمانات العيش الكريم، مما دفعهم للنزول إلى الشارع مجددًا في الأشهر الماضية للمطالبة بزيادة أجور العمل وتحسين ظروفه وتمكينهم من تحفيزات مهنية في القطاعين العام والخاص، وشهدت مدن ومحافظات تونس عدة تحركات واحتجاجات للعاطلين عن العمل في شهري يناير الماضي وأبريل الحالي.
شهدت نسبة البطالة في تونس خلال الثلث الثالث من العام الماضي ارتفاعًا إلى حدود 15.3% مقابل 15% خلال الثلث الأول من نفس السنة بحسب ما كشف عنه المعهد الوطني للإحصاء، وأبرزت نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل للثلث الثالث من سنة 2015 أن عدد العاطلين عن العمل يقدر بـ 612.3 ألف عاطل من مجموع السكان النشطين الذي بلغ عددهم 3 ملايين و392 ألف، أما بخصوص بطالة حاملي الشهادات العليا فقد بلغ عددهم حوالي 242 ألف في الثلث الثالث لسنة 2015 مقابل 222.9 ألف في الثلث الأول لسنة 2015 بازدياد نحو20 ألف عاطل ضمن هذه الشريحة، وتقدر بذلك نسبة البطالة في هذه الفئة 32% مقابل 30% في الثلث الأول من العام الجاري.