كان آخر منصب شغله قبل تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة الرابعة عشر، هو رئاسة مجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، رئيس الوزراء الجديد الدكتور هاني الملقي تقدم لموقعه بقرار ملكي بعد فترة نقاش داخلية حيوية داخل مؤسسات القرار، وفقا للكاتب الصحفي يوسف الطورة.
وقال الطورة في تعليق منه على تكليف الملقي بتشكيل الحكومة الجديدة إن “الملقي يأتي رئيسًا للحكومة الجديدة بعد التعديلات الدستورية الأخيرة التي قلصت من صلاحيات رئيس الحكومة والوزراء، حيث اقترحت الحكومة التعديلات وأقرها مجلسي النواب والأعيان وصادق عليها الملك”.
وبين الكاتب الصحفي أن “الملقي بدأ مشاوراته لتشكيل حكومته الجديدة منذ ثلاثة أسابيع، وذلك قبل الإعلان الرسمي عن تكليف الملك عبد الله الثاني له بتشكيل الحكومة، حيث عقد اجتماعات مع مستشارين في القصر الملكي بالعقبة، وعرض عليهم عددًا من الأسماء التي ستدخل وتخرج من حكومة الرئيس النسور المستقيلة”.
وأردف الطورة بقوله “بعد 1250 يومًا يغادر النسور كرسي رئاسة الوزراء بحمولة ثقيلة أبرزها ارتفاع الدين العام إلى 22 مليار و817 مليون دينار، بعد أن أمضى أطول مدة في الدوار الرابع بعد رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب الذي بقي هناك لمدة ثلاث سنوات وثلاثة شهور وثلاثة أيام”.
وواصل الطورة: “الفترة الأولى من حكومة الملقي وهي ما قبل الانتخابات النيابية المقبلة التي ستمتد نحو 4 أشهر، ستكون في الغالب بلا ضغوط، وستعمل الحكومة بأريحية أكثر خاصة في ملف إدارة العلمية الانتخابية التي تعتبر مهمتها الرئيسية في هذه المرحلة”.
وتوقع الطورة أن تكون هذه الفترة “اختبارًا للرئيس الجديد، إذ ستعمل فيها الدوائر السيادية والمطبخ السياسي على مراقبة أداءه لمعرفة مدى قدرته وكفاءته في العمل الحكومي وكيفية تعاونه مع باقي السلطات الحكومية، في إشارة ممكنة إلى التجديد له برئاسة الحكومة بعد الانتهاء من الانتخابات النيابية كما حصل مع النسور”.
وحول ملف جماعة الإخوان المسلمين وعلاقتها بالجانب الرسمي، ومدى إمكانية فتح الملف من قبل الرئيس الجديد، استبعد الطورة قيام الملقي بأي خطوة تجاه الإخوان بهدف إنهاء التوتر القائم بين الطرفين، معربًا عن عدم تفاؤله في إنهاء المناكفة السياسية تجاه الإخوان في المستقبل القريب.
هل التاريخ يعيد نفسه؟
ومن المعلوم أن هاني الملقي هو ابن فوزي الملقي أول رئيس حكومة في عهد الراحل الملك حسين بن طلال قبل 63 عامًا، إضافة إلى أنه أول من حذر من الهلال الشيعي، إذ صرح بهذا التعبير عندما كان وزيرًا للخارجية في العام 2004 .
وكان الملك عبد الله الثاني قد كلف الدكتور هاني الملقي بتشكيل حكومة جديدة، خلفًا لحكومة الدكتور عبدالله النسور، التي قدمت استقالتها صباح الأحد.
والملقي هو من مواليد عمان في العام 1951، حاصل على دكتوراة هندسة نظم في مجال الطاقة والمياه وإدارة مؤسسات البحث العلمي والدبلوماسية الدولية/ الولايات المتحدة الأمريكية 1979.
شغل الملقي مناصب دبلوماسية عدة كان منها السفير الأردني في القاهرة، والمندوب الأردني الدائم لدى جامعة الدول العربية، ومستشار الملك، ورئيس المجلس الأردني في مفاوضات السلام بين الأردن وإسرائيل، كما تسلم الملقي حقائب وزارات المياه والري، والطاقة والخارجية والتموين والصناعة.
بالعودة إلى حكومة النسور، نجد أنه في العام 2012 كلف الملك عبد الله الثاني النسور بتشكيل أولى حكوماته، ومن ثم في العام 2013 أعاد الملك تكليف النسور بتشكيل حكومته الثانية، وهي أول حكومة برلمانية في تاريخ البلاد وفقًا لما تم تسميته في حينها بعد أن قبل استقالة الأولى على إثر مشاورات موسعة قادها رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة، مع النواب للتوافق على مواصفات وشخص الرئيس المقبل.
مع عودة النسور مجددًا، عبر حزبيون عن قلقهم بوصفهم إعادة التكليف مؤشر على مرحلة مقلقة، بدأت بمقاطعة جماعة الإخوان وقوى حزبية نقابية الحياة السياسة البرلمانية عقب إقرار الصوت الواحد.
سجل النسور مع بدء مسيرته السياسية في حكومته الثانية، مفاجأة البدء برفع أسعار المحروقات والغاز المنزلي بنسب بلغت 54% وهو ما أدى إلى أوسع موجة احتجاجات في المملكة سجلت خلالها خروج أكثر من مائة مسيرة خلال ساعة واحدة ليلة 13 نوفمبر/ تشرين الثاني.
لم يكتف النسور بهذا الرفع في الأسعار، بل استمر طوال مدة حكومته بالتفنن والإبداع في إصدار قرارات الرفع التي أقضت مضاجع المواطنين وأهلكت جيوبهم، ولم يسجل له مشروعًا اقتصاديًا وطنيًا واحدًا عمل من خلاله على رفد خزينة الدولة، بل كان دائما يعمد إلى جيب المواطن في سد عجز موازنته الحكومية.
شهدت فترة تولي النسور رئاسة الحكومة التراجع في محال حرية الرأي والتعبير، إضافة إلى التضييق على الحريات عبر الاعتقالات التي طالت الحراكيين والمعارضين لسياسته، وصولاً إلى التعدي على القانون من خلال إغلاق مقرات لحزب جبهة العمل الإسلامي الرسمية المرخصة دون سبب قانوني.
فرحة غامرة لرحيل النسور… ولا تعويل على الجديد
إزاء ذلك، عبر المواطنون عن فرحتهم لرحيل حكومة النسور، حيث شهدت بعض مناطق عمان توزيع حلوى ابتهاجًا برحيل النسور وحكومته، في حين أقدم أحد أصحاب محلات الخضار في محافظة الطفيلة على تخفيض أسعار الخضار فرحًا بمغادرة النسور للدوار الرابع، بينما قام مواطنون بكسر جرة فخارية ابتهاجًا منهم على استقالة حكومة النسور.
أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد امتلأت صفحات المعلقين بآرائهم حول رحيل حكومة النسور، وتباينت هذه الآراء بين التهكم والسخرية والفرح، رافقتها صور مركبة اتسمت بروح الفكاهة.
وكان من بين ما كتب المعلقون “تنذكر ولا تنعاد”، “وزير الرفع روح”، “لا مع السلامة ولا يا خسارة”، فما أبدى كثير من المعلقين عن تشاؤمهم من الحكومة الجديدة، في تعبير منهم عن حالة اليأس بعد تجربتهم مع الحكومات السابقة، إذ كتبوا في حكومة الملقي “زيه زي غيره”، “مبروك للأردنيين سياسة رفع أسعار جديدة”، “كلكم زي بعض”، و”رئيس وزراء بالوراثة”.
أما في مهام حكومة الدكتور هاني الملقي الاقتصادية، فقد رأى الخبير الاقتصادي خالد الزبيدي أنه من الصعب التعويل على الحكومة الجديدة لإحداث فرق كبير في السياسات الاقتصادية على المدى المنظور القريب.
وقال الزبيدي إنه “من المنتظر أن تعمل حكومة الملقي على أكثر من صعيد في المجال الاقتصادي، فملفات البطالة والتشغيل واللاجئين ستكون ضمن الأولويات الحكومة في الفترة القليلة المقبلة”.
وأشار الكاتب الصحفي إلى أن “الحكومة ستواجه ملف المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي المتعلقة برفع الدعم الحكومي، إضافة إلى تفعيل وتشغيل تعليمات ومهام صندوق الاستثمار الذي أقر مؤخرًا، على أن يتم البدء من خلاله بمشاريع استثمارية تساعد على تخطي الشعور بالقلق الشديد داخل الأوساط الرسمية والاقتصادية من الأوضاع الراهنة بالمملكة”.
ونوه الزبيدي إلى أن “الحكومة ستدرس ما يخص المجلس الاستثماري الذي أُسس ليتخصص بالاستثمارات السعودية المرتقبة، في الوقت نفسه مراجعة ما تمّ إنجازه وتحقيقه فيما يخصّ مخرجات مؤتمر لندن لدعم الدول المستضيفة للاجئين السوريين على الأراضي الأردنية”.
بقي القول أنه تناوب على رئاسة الحكومات خلال حكم الملك عبدالله الثاني أحد عشر رئيس وزراء، كان أولهم الدكتور عبد الرؤوف الروابدة.
في حين أن ثلاثة عشر مجلس برلماني من أصل سبعة عشر حُلت منذ بدء الحياة البرلمانية في الأردن بعد انتهاء الانتداب البريطاني، بينما أجريت أول انتخابات لمجلس النواب في العام 1947، وفقاً لاستحقاق دستوري ملكي، تعطلت معها الحياة الديمقراطية لسنوات على مرحلتين الأولى من العام 1974 وحتى العام 1984 وعودتها مجددًا في العام 1989.
المصدر:أردن الإخبارية