ترجمة وتحرير نون بوست
في كل علاقة هناك ديناميكية محددة تتطور عبر الوقت، حيث يلعب كل شريك في العلاقة دورًا معينًا، وفي بعض الديناميكيات تظهر 3 أدوار معينة تسمى “مثلث االضحية” هذه الأدوار هي الضحية والمنقذ والظالم أو المضطهِد، في تلك الديناميكية يلعب كل شريك دورًا واحدًا باستمرار أو يبدل بين الأدوار الثلاث مرارًا وتكرارًا، سوف نوضح لكم النسخة الشائعة لتلك الديناميكية التي تظهر كثيرًا في العلاقات الحميمة، التي في شكلها المتطرف يؤدي مثلث الضحية إلى علاقة اعتمادية وربما إلى العنف المنزلي.
كيف يعمل مثلث الضحية؟
يشعر الشريك في دور الضحية باللوم دائمًا والهجوم وعدم التقدير والعجز والشفقة على نفسه وربما يميل إلى لوم الآخرين على مشكلاته، أما الشريك في دور المنقذ فيتحمل دائمًا المسؤولية عن شريكه، كما أنه غالبًا ما يشعر بأن الطرف الآخر لا يمتن لجهوده، وفي بعض الأحيان يشعر أنه شهيد الإيثار ويتجاهل احتياجاته الخاصة بينما يلعب ببطاقة الذنب للحصول على مكافأته.
يستخدم الشريك في دور الظالم القوة والشعور بالذنب للسيطرة على الآخرين، وهو يميل إلى التبديل بين الدفاع والهجوم، ويستخدم قوته للشعور بالسيطرة وترسيخ مخاوف شريكه كدليل على التقارب والحميمية، وربما يشعرون ببعض الندم على سلوكهم المخزي.
هذه الأدوار الثلاث جميعًا تعد تعبيرات مختلفة عن الشعور العميق بالألم، ويعتبر الشعور بالذنب عملتها الأساسية، تتميز هذه الديناميكية بشعور الشركاء بالوحدة والعجز والحصار، وتتسبب في خلل في سلوكيات الزوجين والأسرة.
من أين تأتي هذه الأدوار؟
يتعلم الأفراد أدوار مثلث الضحية مبكرًا في حياتهم من خلال الأسرة والعلاقات، حيث نجد أن أولياء أمورنا وأفراد عائلتنا الممتدة يتصرفون وفقًا لتلك الأدوار الثلاث، ومع تقدمنا في العمر يصبح مثلث الضحية النظارة التي نرى من خلالها الأشخاص في حياتنا، بعد ذلك نجذب الأشخاص في حياتنا الشخصية والمهنية الذين لديهم نفس هذه الأدوار، ومن دون وعي نضع كل شريك في الدور الذي يسمح به مثلث الضحية.
فعلى سبيل المثال، إذا كنت تميل دائمًا لدور المنقذ في علاقاتك الحميمية فإنك ستجد نفسك منجذبًا إلى الضحايا أو الظالمين، أما الأشخاص الذين يميليون إلى أداء دور الضحية فعادة ما يبنون علاقة مع منقذ أو ظالم، ويتميز دور الضحية بالشروط التالية:
حدود شحصية غير واضحة: ويعبر عن ذلك علاقة تفاعلية تكافيلة متحكمة.
معتقدان أساسيان يحافظ عليهما الزوجان:
- الحب يعادل الشفقة: فطريقة تعبيرك عن الحب وشعورك به تتم من منظور الخوف والشفقة.
- لا يمكن للآخرين الاعتناء بأنفسهم: فالناس ليسوا أقوياءً بما فيه الكفاية للاعتناء بأنفسهم وفي تلك الحالة أنت مسؤول دائمًا عن رفاهية شريكك.
يظهر مثلث الضحية في كل علاقة بنسبة ما، والسؤال هنا: ما مدى صلابة وتطرف الأدوار في العلاقة؟
ما البديل؟
البديل هنا دائرة التبعية المتوسطة، حيث يشعر كل شريك بالصلابة والثقة، في تلك الديناميكية تتميز العلاقة باستقرار أكبر وثقة واحترام، وتتميز دائرة التبعية بالشروط التالية:
- حدود واضحة مميزة بين الشركاء: هذا التميز هو القدرة على الاتصال مع النفس والشعور بالحميمة في الوقت نفسه مع الشريك، فالعلاقة ليست إما أنا أو أنت، لكنها عبارة عن اتصال مترابط.
- إطلاق المشاعر بشكل صحي من خلال التهذيب أو التعبير اللفظي
- اعتماد تلك المعتقدات الأساسية وهي أنني المسؤول 100% عن ما يحدث في حياتي، وأنني أثق بأن الآخرين بإمكانهم الاعتناء بأنفسهم.
قد يبدو الأمر سهلًا لكن من الصعب جدًا القيام بذلك، فهذه الدائرة تتطلب مستوى عاليًا من الثقة والتميز والتفاؤل والحساسية.
كيف تخرج من مثلث الضحية؟
اكتشف إذا ما كنت في مثلث الضحية
هل أنت في علاقة مهنية أو شخصية تشعر فيها بالهجوم والاضطهاد؟ هل تشعر باستمرار بمسؤوليتك عن الآخرين الذين يبدون غير ممتنين لك؟ هل تشعر أنك شهيد؟ هل تتنمر على أحبابك وتقلل من شأنهم؟ إذا كانت الإجابة نعم فهناك احتمالية كبيرة للغاية بأنك تلعب دورًا من أدوار مثلث الضحية، إذا كان هناك أي عنف أو إساءة في العلاقة يجب أن تتجه فورًا للحصول على مساعدة محترفة ومتخصصة.
توقف وافحص وفكر في مكاسبك وخسائرك الثانوية
اسأل نفسك لماذا تحتفظ بهذا التفاعل؟ ما المكاسب الثانوية التي تحصل عليها من دورك وما خسائرك؟ ما المكاسب التي يحصل عليها شريك؟
شارك هذا المقال مع شريكك ليصبح لديكما لغة مشتركة في الحوار
عبر عن ديناميكية العلاقة بشكل مباشر أو بأثر رجعي
حاول أن تعبر عن شعورك بأنك تلعب دور الضحية أو المنقذ أو الظالم، على سبيل المثال: “أشعر بالرغبة في لومك على موقفي الآن” أو “أشعر بالرغبة في إنقاذك وعلاجك بنفسي”، بمجرد أن تبدأ في التعبير عن تلك الديناميكية فهناك فرصة جيدة لتخفيفها.
احتفظ بموقعك في منتصف مثلث الضحية، وتذكر أنك لست مسؤولًا عن مشاعر شريكك حتى عندما يلومك على آلامه وأحزانه، تمسك بموقفك ومن خلال التعبير وبعض الاستراحات القصيرة ووضع حدود واضحة ستمر العاصفة في النهاية.
حاول أن تخفف من معتقداتك وحدودك الأساسية
بمرور الوقت ستتمكن من تخفيف مثلث الضحية وتمييز نفسك عنه
فبمجرد أن تصبح واعيًا بالمثلث سوف تبدأ في اكتشاف أن علاقتك يمكن أن تكون مختلفة، ومن خلال فهمك يمكنك أن تبدأ في الخروج من مثلث الضحية.
إن تغيير تلك الديناميكية أمر مخيف لأنك غالبًا تقوم بتلك الأدوار في العلاقة منذ فترة طويلة، بالإضافة إلى ذلك فإن شريكك اعتاد دوره المكمل كذلك، بمجرد خروجك من المثلث سيكون لديك فرصة حقيقية للنمو والتعافي أنت وشريكك، وبتحرير نفسك من هذا المثلث سوف تصبح أنت وشريكك قادرين على الاستمتاع بعلاقة أكثر كمالًا وثراءً، والاتصال بدائرة العلاقات الأكثر ترابطًا وتمايزًا.
المصدر: سايكولوجي توداي